وداعاً عبد المنعم العزي! - أحمد علي سليمان

عَلَمٌ قضى من بعد طول زمانِهِ
وتلا الوداعَ على سَنا جُثمانِهِ

ومُشَيِّعوه بكَوا على تودِيعه
فلطالما لمَسوا لطيفَ حنانه

كم خصَّهم بالتضحيات يَسوقها
حتى يُشِيعَ الحب في أخدانه

كم بث فيهم كل نصح صادق
وعلى النصيحة رَشَّ من رَيْحانه

كم قال فيهم وعظه ورشاده
كالدُّرِّ يُعرِبُ عن يَتيم جُمانه

كم جنَّبَ الشبانَ غائلة البلا
تجنيبَ مَن يخشى على شُبانه

كم خط بالقلم النزيه مَراجعاً
لتكون نوراً في دُنا فِتيانه

كم ناظرَ الأعداءَ ، واقتحمَ المَلا
بخِطاب مُتبع خطا سَحْبانه

كم فند الشبهاتِ دون تخبُّطٍ
ليذوقَ مَن تبعوه طعمَ أمانه

يا أيها (العزيُّ) جيلك صامدٌ
مهما الزمانُ اشتدَّ في حَدَثانه

إن مدَّ صرفُ الدهر ما يُزري به
صمدوا له ليَرَوا مدى تحنانه

عَلمتهم شرفَ الجهاد تعبُّداً
يُزري شُجاعَ جهادهم بجنانه

لقنتهم دَوران أيام الفتى
حتى يُعَجِّلَ في خطا دَورانه

وكشَفت أوثاناً تُجَندلُ عالماً
لِيبيت مُنكباً على أوثانه

واليوم ترحَلُ بعد طول مسيرةٍ
فيها نشرت النور ، يا لَبيانه

يبكي (العراقُ) عليك مُرَّ بُكائه
ويقول: بات الليثُ في أكفانه

للهم فارحمْهُ ، وأكرِمْ شأنه
وأثِبْه يا ربي على تِبيانه

مناسبة القصيدة

(أذكر أنني يوم مات الشاعر العراقي الكبير (كريم العراقي) عام 2023م عزيت الشعراء عامة والشعب العراقي خاصة فيه وأبنته بقصيدة. وقد توفي في دولة ماليزيا أحد أعلام الدعوة الإسلامية في التاريخ المعاصر الشيخ العراقي عبد المنعم صالح العلي العزي المعروف باسم محمد أحمد الراشد رحمه الله ، عن عمر ناهز الــ 86 عاماً ، وكان أحد كبار رجالات الإصلاح والفكر الإسلامي. نُعزي الشعب العراقي والأمة الإسلامية بوفاة الشيخ الداعية والمفكر محمد أحمد الراشد (رحمه الله) ، التقي الورع ، والصادق المخلص ، صاحب السبق والفضل ، والعمل والهمة ، والجد والسعي ، وقد كان لي أن قرأتُ كتبه ، وأخذت عنه ، والرجل ذو علم وأدب وفهم ، وفقه وذوق ، وفكر وعمق ، يمتلك رؤية واضحة ويمتاز بها في طرحه ونظرته ووعيه (رحمه الله تعالى وأكرم نزله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بمقدار ، ولا نقول إلا ما يرضي الله تعالى عظم الله تعالى أجرنا ، وغفر لفقيدنا ، وجعله في عليين ، وصبّر قلوب أحبابه وأهله). فرحم الله عالمنا الجليل عبد المنعم العزي.)
© 2024 - موقع الشعر