أين الجمالُ تُجَلي زهوَه الحُللُ
ويجتني فخرَه الإعجابُ والغزلُ؟
أين العيونُ التي بسِحرها فتنتْ
ولا يُقاومها طفلٌ ولا رجُل؟
حَلا - لناظرها - اللحاظ في وَلهٍ
كأنما سَرقتْ صوابَه المُقل
تُزجي البريقَ لمن يهوى مفاتنها
فلا يُعنفهُ لومٌ ولا خجَل
والسِحرُ يُتحفها حُسناً تتيهُ به
وللرموش سَناً يلهو ، ويحتفل
والكُحلُ جمّلها ، وزادَها ألقاً
أما الجفونُ ففي طيّاتها كَحَل
تَسبي المُحِبَ عيونٌ زانها حَوَرٌ
بشُهلةٍ مثلِ جمر النار تشتعل
نجلاءُ تأخذ بالألباب نظرتها
والشِعرُ في دَعَج العيون يُرتجل
وللحواجب إن عاينتها زجَجٌ
يكاد عقلك - مِن رؤياه - ينذهل
والشَعرُ - مثلَ سواد الليل - يغمرُه
جمّ الذوائب - فوق الصدر- مُنجدل
وفوق هامتها تختالُ طِرّتها
ولُمّة مِن أعالي الرأس تنسدل
والوجهُ مثلُ شروق الشمس طلعته
فيه التفاؤلُ ، والسرورُ ، والأمل
أين القوامُ له رشاقةٌ صدحتْ
وخطوه - فوق ترْب الأرض - مُعتدل؟
والوجهُ كالبدر في آفاق طلعتهِ
والبدرُ أجملُ إذ يعلو ويكتمل
أنوثةٌ قلّ أن تلقى لها مَثلاً
وبالصبا - في النسا - كم يُضرَب المَثل
والغِيدُ يَطربْن للثناء ينشدهُ
فتىً وسيمٌ دلالَ الغِيد يَحتمل
يُبدين مُرَّ الجفا لمن بضاعته
صدقُ المحبة لا زيفٌ ولا دجل
يَلعبن بالصَّبّ إن هاجَ الغرامُ به
وعندهنّ لمَن يعشقنه حِيل
حتى إذا لم يكنْ أدنى مقاومةٍ
خار العشيقُ ، وأوهتْ عزمَه الوُسُل
والغِيدُ يسمُرن إذ أبطلن حُجته
وفي شِباك الهوى قد قيّدَ البطل
لكنّ غادتنا - في قبرها - دُفنتْ
وكلُ حُسن له - وإن أبى – أجل
ووحدَهُ الموتُ مُجتث نضارته
وإن تعشْ غادة – دهراً - ستُبتذل
والثأر بين الصِبا والشيب مُنعقدٌ
مهما تباعدتِ الأيامُ والسُّبل
كم غادة يفتن الشبابَ منظرُها
أزرى بها الشيبُ حتى عافها المَلل
جنى المشيبُ الصِبا فأصبحتْ طللاً
ماذا يُفيد أديمُ الأرض والطَّلل؟
صَبيةٌ هرمتْ من بعد فورتها
والعمرُ أيامه في ذي الدنا دول
كانت شباباً له - بين الورى - أرجٌ
وحُسنها عَبقٌ ، وريقها عسل
وبعدُ دارت بها الأيامُ دَورتها
والحُسنُ فارقها ، فريقها بصل
لا شيء مثلَ الصبا في أوْج فتنته
لا يستوي التمر - في المذاق – والدقل
والموتُ كالشيب يجني الحُسنَ ، يعقره
والحُسنُ - إن عاش أو قد مات - مُرتحل
والعائداتُ كمثل الدُود في نَهم
تُردي الجمال ، فلا رُجعى ولا حِول
تأتي الهمومُ على الحسناء تنهرُها
وكم رمى غادةً - في بأسها – الزَّعل
هي الكروبُ تُحيلُ الصفو معتكراً
وجُرحُها ليس في عقدين يندملُ
والموت يَحسمُ ما بالنفس مِن بَطر
وأمرُه - رغم كِبر النفس - يُمتثل
والقبرُ يحصدُ أقواماً ، وإنْ عظموا
وليس في ذا مِرا – كلا – ولا جدل
زرتُ القبور لأنسى ما أمُرّ به
لقد يزولُ بذكر المُنتهى الزلل
حتى مررتُ بقبر ضمَّ لؤلؤة
لحُسنها - بين أتراب لها - ثِقل
قرأتُ الاسمَ ، ولم أخطئْ معالمَه
هي التي عَلمتْ ، وخطبُها جَلل
والذكرياتُ على شفير تُربتها
والروحُ قد صعدتْ ، والقبرُ مُعتقل
ماذا هنالك؟ هل ماتت معلمةٌ
لم تحتفلْ قيمٌ بها ، ولا مُثُل؟
كانت تبيعُ لمن يهوى مفاتنها
ويَشتري الحُسنَ منها العِيرُ والهَمَل
يُصوّبون لها سِهامَ أعيُنهم
وليس يصرفُهم عن غيّهم وَجَل
والنارُ أضحت لمَا قد اشتروْا ثمناً
مَن اشترى والتي باعت بهم خبَل
واليومَ يأكلُ دودُ الأرض كلَ صِباً
كانت تدِلّ به ، وغرّها الخطل
وكم أسفتُ على الجمال أرخصه
بُعدٌ عن الدين لا ترضى به الرُّسُل
كم غادةٍ قبرُها مِن روضةٍ طَهُرتْ
مِن الجنان ، له - مِن الهنا - ظُلل
سَلاَ بساكنةٍ له مُوحّدةٍ
فطاب مسكنُه والشربُ والأكُل
أطاعتِ الله في الدنيا لذا اتبعتْ
هديَ الرسول ، فطاب القولُ والعمل
وأخلصتْ دينها وفقاً لشرعتها
فلم يشُبْ سعيَها ولا التقى خَلل
وما استكانتْ لشيطان يُضللها
فتلك كانت - على الرحمن - تتكل
فرحمةُ الله مولانا تُحيط بها
ما طار طيرٌ ، وما جاب الفلا وعِل
وغادةٌ قبرها مِن حُفرةٍ خبُثتْ
مِن الجحيم ، له - مِن الشقا - نُزُل
خلا بساكنةٍ له مُضللةٍ
صخورُه فوقها كأنها الجبل
كان التبرجُ والسفولُ دَيدنها
وللألى صمّموا المُوضاتِ تبتهل
ولم تصُنْ عينها عمّا يُضللها
لأنها - بدجى الضلال - تكتحل
لذاك قد عجزتْ عن كل مَكرُمةٍ
وصدّها الجهلُ والأهواءُ والنِّحل
حتى أتى الموتُ يُردي غادة غفلتْ
ويَجتني الحُسنَ لمّا فارق الأجل
ليأكلِ الدودُ مَن عاشت مُنعمة
والستر - فوق أديم اللحد - مُنسدل
والانتقالة هذي مَن يفسّرُها
والمرءُ يَصرفه التحويلُ والنُّقل
لكنها نقلةٌ ما بعدها سفرٌ
فهل تأمّلها مَن عاش يرتحل؟
إلا إلى ساحة الحساب تَجمعُه
بالخلق كلٌّ - بهذا الحشر - مُنذهل
وبعد ذلك في المأوى إقامته
أو الجحيم وفيها النارُ تشتعل
مَن استقامَ ففي الجنات مَرقدُه
والنارُ عُقبى الألى بربّهم عدلوا
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.