احتفال أم سنة يا لكاع؟! - أحمد علي سليمان

احتفالٌ أم سُنة يا مُغالي؟
ساءَ حُكماً ما فهتَ مِن أقول

لقبوك بالليث ظلماً وزوراً
فاق بأسَ الليث جُبنُ الغزال

مثلُ هذا يُزري بليث الضواري
ما لهذا بين الورى مِن مِثال

لم يزل يستعلي بباطل قول
والتردِّي من سيء الأفعال

لم يزل يُولي الهزلَ كل اهتمام
ثم يُعطي التحريفَ كل اشتغال

همُّه النيلُ والتشفي انتصاراً
لحظوظ النفس التي لا تُبالي

كم ينالُ الرِّعديدُ مِن كل داع
في زماني أو في العصور الخوالي

كم تحَدَّى مستقوياً بالطواغي
مستسيغاً روحَ المَضا في الجدال

كم تأبى عن أن يُسَلم طوعاً
لصحيح البرهان ، يا للتعالي

قلبُه بالأحقاد يَطفحُ دوماً
كيف يصفو للحق قلبٌ مغالي؟

لم يُبيتْ حسنَ النوايا بتاتاً
إنما سوءُ الظن سَمتُ الضلالي

وانتظرنا عساه يُدركُ توباً
لكن التوبُ بات صَعبَ المنال

للغرور في قلب هذا نصيبٌ
ليس يحيا إلا بمَحض اختيال

والأحاجي تغشاه في كل شأن
ليس يدري حرامَه من حلال

وعلى (المختار) افترى دون شكٍ
إذ يُحاكي أهلَ الهوى والضلال

هو سمَّى صومَ النبي احتفالاً
ليس هذا يا مُفتر باحتفال

سُنة هذي سَنها وفق شرع
وارتضاها مليكُنا ذو الجلال

صومُ الاثنين والخميس احتساباً
لا احتفالاً ، بُعداً لذا الدَّجال

خانك التقديرُ ، استجبْ ، لا تُغالط
ثم راجعْ ، واسْتفتِ أهلَ المعالي

ليس عيباً أن يجهل المرءُ حكماً
إنْ جهلت فاعمد لطرح السؤال

لكن العيبُ أن تظل جهولاً
ثم تغشى بالجهل ساح النزال

مُشْهراً في الحرب الضروس نِصالاً
لن يُفيد الجُهالَ ضربُ النصال

لا تُعاندْ صبيانُك البُلهُ حمقى
كم أضاعَ الساداتِ حُمقُ الموالي

كم نصحنا ، نرجو لك الخيرَ حُباً
فاستميت سَعياً وراء الخيال

واتخذت التشهيرَ سَيفاً مُبيراً
مستغِلاً ذا أسوأ استغلال

كم أبنَّا الأخطاءَ دون اكتراثٍ
كي يُفِيق مَن يَفتري ويُغالي

إن يكُن في علم المهيمن توبٌ
ربنا تبْ ، وامنُن على كل غال

أو ستلقى رب الورى بالخطايا
مستسيغ السوآى بالاستحلال

فليُعجِّلْ ربُّ السماء بموتٍ
للدعِيِّ الأفاكِ ذي الإضلال

مناسبة القصيدة

(في نص سابق لنا عنوانه: (بدعية المولد النبوي) ناقشنا أدلة التحريم والحظر والمنع ، وفندنا أدلة المبيحين المبتدعة ، وقمنا بالرد عليها! وليست هذه القصيدة تكراراً لِما سبق لا مقدمة ولا نصاً! وإنما هي ردٌ على متعالم آخر يبين الأسلوب الأمثل للاحتفال بمولد النبي – صلى الله عليه وسلم -! رافضاً الغناء والرقص والاختلاط المستهتر وإزهاق حرمات مساجد الله واستباحتها باسم الاحتفال بالمولد! واصفاً الاحتفال الأمثل بصيام يوم المولد معللاً ذلك بأنه احتفال النبي – صلى الله عليه وسلم -! وإنما كانت سنة سنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأمته صوم (الاثنين والخميس) ، وقوله: (هذا يوم ولدتُ فيه) لا يعني الاحتفال ، ولا يجيز لنا أن نطلق عليه لفظ الاحتفال إلا بدليل شرعي! ومن هنا فالاحتفال الأمثل والاحتفال غير الأمثل كلاهما بدعة! والقول بالبدعة الحسنة والأخرى السيئة على المولد كلاهما بدعة! وهذه ثمانية عشر دليلاً على تحريم الاحتفال بالمولد من باب التأكيد والإعذار إلى الله تعالى! وإن كان صاحب الحق ليكفيه دليلٌ واحد ، ولكن صاحب الهوي ليس لنا عليه سبيل ، إذ ليس يكفيه مائة دليل ودليل! والأدلة باختصار:- أولاً:- ما لم يكن دينا عهد النبي ﷺ فليس اليوم بدين ، ولن يكون ديناً إلى قيام الساعة! ثانياً:- كل أمر لم يشرعه النبي ﷺ فليس بمشروع! ثالثاً:- النبي ﷺ لم يحتفل به! رابعاً:- كل من عمل هذا العمل كأنه يتهم للرسول ﷺ بالخيانة وعدم الأمانة. خامساً:- إقامة هذه البدعة تحريف لمعنى محبة الله ومحبة الرسول ، لأن محبة الله والرسول تكون باتباع سنته ظاهراً وباطناً. سادساً:- أن المولد النبوي ينطبق عليه وصف البدعة. سابعاً:- الاحتفال بالمولد ليس من عمل السلف الصالح من القرون الثلاثة المفضلة ، وإنما هو بدعة أحدثت بعد ذلك. ثامناً:- الاحتفال بالمولد من ابتداع الدولة الفاطمية الباطنية المتشيعة الرافضية الخبيثة! تاسعاً: أصحاب النبي ﷺ أعظم الناس حباً وإجلالاً له ، ولم يؤثر عن واحدٍ منهم أنه احتفل بمولد النبي. عاشراً:- النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على عباده ، وأمته بها عليهم هي بعثة النبي ﷺ ، وليست مولده. حادي عشر:- أن العبادات مبنية على التوقيف من الشارع. ثاني عشر:- أن الاحتفال بالمولد النبوي يفتح الباب على مصراعيه للبدع الأخرى والموالد والاحتفالات. ثالث عشر:- الاحتفال بالمولد ، لاسيما في صوره الحالية وسيلة إلى الغلو في مدحه وإطرائه ، والمبالغة في تعظيمه. رابع عشر:- مشابهة للنصارى في احتفالاتهم البدعية بمولد المسيح عيسى بن مريم في كل سنة. خامس عشر:- وحتى الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم. سادس عشر:- يوجد في الاحتفال بالمولد النبوي ممارسات هي أقرب إلى الاستهزاء بالله وبرسوله من تعظيمه. سابع عشر:- وقع خلاف كبير في تحديد يوم مولد النبي ﷺ فلا يكاد يعرفه على التحديد أحد! بينما يوم وفاته تحديداً هو (الثاني عشر من شهر ربيع الأول). ثامن عشر:- النبي ﷺ قد ولد في شهر ربيع الأول ، وقد مات فيه أيضاً ، وإذن فاحتفال القوم هو في الحقيقة في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول هو احتفال بيوم مماته لا بيوم ولادته! والآن لنتابع نصنا في الرد على أحد أعلام الضلال المتنطعين كان أطلق لفظ الاحتفال على النبي – صلى الله عليه وسلم -! مبينين أنه بذلك يفتح الباب أمام من يقولون بالبدعة الحسنة وبقول بعضهم يحاكي عمر: (نعمت البدعة هي) ، متغافلاً ذلك المعرض أن عمر قال ذلك في شعيرة لها أصل في الشرع ، فكان القياس العمري على أصل ، لا على بدعة لا أصل لها! باختصار نحن أمام قوم مغالطين جهلاء معرضين عن الحق ، ولا سبيل إلى إقناعهم إلا أن يشاء الله ربي شيئاً! وأحيلهم لقصص التائبين منهم ليطالعوا ردوداً مفحمة وبأقلام أقوام كانوا يوماً على طريقتهم ومدافعين عن باطلهم ومستمسكين ببدعتهم! إن نظن إلا ظناً ، وما نحن بمستيقنين! والله يهدي عبيده للحق! ونقول لهذا الضال المضل: أيها المتعالم المجهال الجهول ، فاتك أن تُدرك خطورة الكلمة! أنت بذلك تعطي الخصوم الحجة في جواز الاحتفال لا بالرقص والغناء والطبل والزمر ، بل بقيام الليل وصوم النهار وقراءة القرآن! وهو ما يُعرف عندهم بالاحتفال الأمثل لإحياء يوم مولده – صلى الله عليه وسلم! فهل يجوز؟ والله ما جاز! ومن هنا صح القول عندنا بأن الاحتفال الأمثل والاحتفال غير الأمثل كلاهما بدعة لم يشرعها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأمته قط!)
© 2024 - موقع الشعر