هداية الأبناء من الله! - أحمد علي سليمان

للخير رَبُّ السما عِبادَه يَهدي
هداية مُزجَتْ بالجُود والرُّشْدِ

ربُّ الأنام له مشيئة علمتْ
جَلَّ الإلهُ الرحيمُ الخالقُ المُبدي

هَدَى أناساً إلى أنوار شِرعته
فاستسلموا وأطاعوا دونما عِند

ونفذوا كل تشريع طواعية
فأدرَكوا كل ما في الكون من سَعد

لله دَرُّهُمُ في كل مَنقبةٍ
كانوا الأوائل في الإخلاص والزهد

وأكثروا ذكرَ رب الخلق عن رغب
ويُفلحُ القومُ بين الشكر والحمد

وعامَلوا الناس بالحُسْنى ، فما ظلِموا
وكل مَطمحهم في جنة الخلد

وكل عائلةٍ تسمو إذا اتبعتْ
هديَ المليك بلا نقص ولا زيد

تحيا على الجد ما زاغتْ ، ولا هزلتْ
لا يستوي الهزلُ في الميزان والجد

وكل فردٍ بها الرحمنُ باركه
وخصَّه بهُدىً سبحان من يهدي

فلا تقولوا لنا: الآباءُ نبعُ هُدَىً
بهم تبلغَ بعضُ الوُلدِ للمجد

دّورُ الأبوة تبليغ لمن رُزِقوا
بعد الزواج من البنات والوُلد

يدْعون للخير أولاداً وأمهمُ
بكل رفق بلا جبر ولا كيد

يهدونهم لأمور الدين دون هوىً
لا يعمَدون لمَزج الضدِّ بالضد

شتان بين هَوىً يُغوي وبين هُدىً
شأنَ الذي يَخلط البطيخ بالهَبد

هذي الهداية بالدلالة اتصفتْ
فيها النقاشاتُ بين الأخذ والرد

أما الهداية للتوفيق فاقتصرتْ
على المليك ، وما للأبِّ مِن يَدِّ

هل (نوحُ) قصَّرَ في تبليغ دعوته؟
هل علمَ ابناً له طرائقَ الجَحد؟

حتى يُقالَ له: (آوي إلى جبل)؟
وهل يَفِي جبلٌ يا غِرُّ بالقصد؟

فعاندَ ابنٌ ، ولاقى جرمَ شِقوته
وباء بالغرق المَنوط بالفقد

هل قال (يعقوبُ): ألقوا اليوم يوسفكم
في قاع بئر بكل البُغض والحِقد؟

هل قال (آدمُ) يا(قابيل) ألق أخاً
بدون مَرحمةٍ من قمة الطود؟

ألم يقل: (آزرٌ): حقٌ ديانتنا
وانظرْ صنيعَ أذى الأصنام بالعبد

ألم يُبينْ لإبراهيمَ مِلته؟
وفي الثنايا ابتِلا (مَردُوخ) بالزود

وكان يَصنعُ أشكالاً لآلهةٍ
ويحَ التماثيل تلقى الندَّ بالند

فهل تشَرَّبَ (إبراهيمُ) خردلة
مِن الضلال له كتائبُ الجُند؟

وهل أقرَّ بما تدين أسرته
مِن العبادة للأصنام عن عَمد؟

وهل دعاه إلى تحطيمهن أبٌ
يُناصرُ الحق بالتشجيع والجُهد؟

وهل دعاه إلى التنظير بعدُ أبٌ
حتى يُقابلَ (نمروداً) على حَرد؟

لله في خلقه شؤونُ قد خفِيَتْ
على الأنام بلا حَصر ولا عَد

هداية الله لا شيئٌ يُضارعُها
يُضلُّ عبداً ، وعبداً آخراً يَهدي

© 2024 - موقع الشعر