للأدب الروائي في إيران جذورٌ ضاربة في القدم؛ ويتألفُ جزءٌ کبيرٌ من هذا الأدبمن الأساطير والروايات والقصص التي تعود إلی حقبة الحياة الأسطورية منتاريخ بلاد فارس؛ تلك الحقبة التی امتزج فيها التاريخُ بالأسطورة والطقوسِالدينية، وتعانق في ربوعها الضياءُ والظلام وتباری علی مروجِها الخيال والواقع.ولا يمکن لمتتبعِ الأدب الروائي في إيران ما قبل الإسلام، فهمُ مغزی الأساطيروالقصصِ ودرکُ غايتِها، من دون أن يُميط عن وجهها لثامَ کثيرٍ من الرموز والأسرارالتي تُحيط بها؛ وتُبين لنا كلُّ واحدة من تلك الأساطيرِ والحکايات - إذا ما اطلعناعلی أسرارها ورموزها - بعداً من أبعاد الحياة ونظامها المحکم المتين.يجهل العارفون بالأدب الايراني القديم، زمن انطلاق الروايات الأسطورية بين الإيرانيينالقدامی، غير أنهم يذکرون أن تلك الحقبةَ الأسطوريةَ انتهت بظهور الميديين "الکرد"في ساحة التاريخ الإيراني القديم قبل ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام بقرون.أما الحِقبة الثانية من الأدب الروائي الفارسي فقد بدأت بجلوس الميديين علیالعرش وانتهت في النصف الأول من القرن الرابع قبل الميلاد بزوال دولة الإخمينيينالتي حکمت بلادَ فارِسَ بعدَ الميديينَ حيناً من الدهر.يُسمّی الأدبُ الفارسيُ في عصر الميديين والإخمينيين بالأدب الأفستائي لرواجِلغتِه وخطّهِ وأدبهِ الروائي الشيِّقِ الذی لم يبقَ منه سوی نقوشٍ وألواحِ حجريّةومسلاتٍ کُتبت بالخطِ المسماري وأساطيرَ باسمِ التاريخ وصلتنا عبر المؤرخيناليونانيين.إن الحِقبةَ الافستائيةَ من أقدم الحِقبِ التي ترکت لنا الفکرَ الإيراني، إرثاً جميلاًعلی شکل أناشيدَ وأدبٍ ملحميٍ يَزخر بالقِصص والرواياتِ الأسطورية.ولا يمکنُ للقارئ أن يری هذا الأدبَ إلاّ في الأفستا وهو الکتابُ المقدسُعند الفرس القدامی؛ شَرع بکتابتِه الزرادشتُ الحکيم- في القرن السابعمطلع فجر الميديين- بأناشيدَ ذاتِ مضامينَ دينيّة.يقال إنه ليس للأفستا کاتبٌ واحدٌ وليس ببعيدٍ أن يکون الکُتّابُ والأدباءُ الذينخاضوا غمارَ الحياةِ بعد الزرادشت في العصور الميدية والإخمينيّة والأشکانية،أتحفوه بحکاياتِهم التی نسجوها حتی اکتملت حلقاتُه في عصرِ الساسانيينفاتخذوه لهم کتاباً مقدساً لا يعلو عليه کتاب.مهما يکن من أمرٍ فإنّ الأفستا يُعد نموذجاً جيداً للفکر والذوق الأدبي الإيرانیالذي تجلی لنا علی شکل أشعار وأساطيرَ وقصص جميلة.إذن بدأ الأدبُ الروائي في إيران، قبل الميديين في حقبةٍ عُرفت بالحقبةالأسطورية في ساحة التاريخ الإيراني القديم ثم تَفتّحَ العصرُ الميدي ليضوع منهأريج الأدب الأفستائي حيث أصبح الأدبَ الفارسيَّ الأسمى على مدى العصرينالميدي والإخميني الذين بنيت على أساسهما الحضارة الفارسية العريقة.
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.