عيواظ محتجاً على العبيدي! - أحمد علي سليمان

خانتْك في تشخيصك الألفاظ
والنصُّ لم يَطربْ له عِيواظ

أنا يا(عُبيديُّ) التقيتُ أعابداً
خضعوا ، وإنْ هم جُوِّعوا أو باظوا

وأمرتُ ما اعترضوا ، ولم يتذمروا
بل طبقوا أمري ، ولم يغتاظوا

وأكلتُ أقواتاً تنازلَ أهلها
ومتى اكتفى من أكله الجنعاظ؟

ونهبتُ أرزاقاً بدون جَريرةٍ
والنهبُ كم بَصُرتْ به الألحاظ

وهتكتُ أعراضاً غلتْ أثمانها
في غفلةٍ ما زارَها استيقاظ

وسفكتُ عن عمدٍ دماءَ رَعِيةٍ
وأعانني جُندٌ لديَّ غِلاظ

وقتلتُ أحراراً خشيتُ خروجَهم
يوماً عليَّ لهم مَضا ولِحاظ

وشرعتُ أصلي الكل نارَ تسلطي
في كل شِبر جمرة وشواظ

أنا يا(عُبيديُّ) استلبتُ حقوقهم
وعلا السعارُ ، كأنني جلماظ

وبنيتُ في الدنيا القصور شوامخاً
كم بالقصور تفاخرَ الجَّوَّاظ

وبرغم ذلك حُزتُ آياتِ الرضا
أدلى بها الكرماءُ والأوشاظ

صِيغتْ لي الأمداحُ تَعْضُلُ بالذي
يتلو النصوصَ تهابُه الألفاظ

وارجع إلى التاريخ ، واقرأ ، واعتبر
بقصائد خطتْ لقوم فاظوا

وروى القصائد في الأنام مجاهرٌ
أو حاذقٌ متفيهقٌ لظلاظ

لمَّا تكنْ حِكراً على بعض الورى
بل صاغها الشعراءُ والحُفاظ

كلٌ يُكِن ليَ الولاءَ مقنطراً
يُبدي الخضوع متيمٌ تلماظ

وتسابقوا في كيل ما هم قلِّدوا
وأجاد مدحي العف واللعماظ

كلٌ يبينُ حبه وولاءه
هل ضمَّهم في خافقيه (عُكاظ)؟

ماذا صنعتُ لهم يُوافي مدحهم
ليُقال: سِيقتْ للغفاة حِظاظ؟

هم يا(عُبيديُّ) الذين تقبَّلوا
حُكمي فهم هتافتي الأفظاظ

خففْ مَلامَك ، وانتبه لرموزه
والوعظ يُدرك شأنَه الوعاظ

النص أرقني ، وعذب مهجتي
في دفتيه توجعٌ وعِناظ

وجِّهْ رَمِيَّتك المُصيبة نحوهم
فقد استوى النوَّامُ والأيقاظ

إن الرمايا لا تُصِيبُ بلا صُوىً
إن السهام تشوقها الأرغاظ

وابدأ بكل المرجفين ، وقل معي
لا عاشَ قومٌ أرذلون جِعاظ

واربأ بنفسك أن تُجامل مجرماً
كم يستفيدُ إذا دعا المِلظاظ

مناسبة القصيدة

(كتب الأستاذ الشاعر الكبير عبد الناصر العبيدي قصيدة بعنوان: (عِيواظ) في سوق (عــكاظ) ، يبين فيها كيف استمد التيس (عِيواظ) دمية مسرح الظل مكانة لا يستحقها مطلقاً بين الأغنام والشياه والغزلان وسائر الحيوانات في الغابة! وناشد العبيدي هذه العجماوات أن تعتق أنفسها من رق العبودية لعيواظ! وبين لها أن ذلك يسيرٌ عليها مجتمعة! وهو نص مضحك مبكٍ! ابتدأه العبيدي بوصف عيواظ وصفاً دقيقاً جداً وهو يتصدر المشهد أمام الحيوانات فقال:- ولــقد أَطَــلَّ عَــلَى المَلَا (عِيْــــــوَاظُ) تَيْــسٌ تَــجَـمَّــــعَ حَـوْلَهُ الأَوْشَــــاظُ يَــحْمُونَهُ مِــنْ كُلِّ خَصْمٍ غَاضِـــــــبٍ وَكَـأَنَّــهُـمْ لِــنَـصَــالِهِ أَرْعَــــــــــاظُ خَـرِقٌ غَــبِيٌّ أَحْــمَقٌ لا يَــرْعَــــــــوِي عَــيَّـتْ بِــوَصْفِ غَـبَائِهِ الأَلْــفَـــــــاظُ واستمر العبيدي في وصف الرق والعبودية ، والتكبر والغطرسة إلى أن ختم قصيدته بقوله:- يَـا قَوْمُ إِنْ ظَفِرَ التُّيُــــــوسُ بِإِرْضِكُمْ شَــتُّوا عَــلَى أَحْـلامِكُمْ وَاقْــتَاظُــــــوا أَخْـشَى عَلَيْكُمْ مِنْ نَصِيحَةِ حَاقِــــــــدٍ أَوْ أَنْ يُــفَـرِّقَ جَـمْـعَكُمْ تِــلْــمَــــــــاظُ لا تَـضْعُفُوا أَبَــدًا وَلا تَـسْتَسْلِمُــــــوا مَــا خَــابَ مَــنْ نَيْلِ المُنَى مِلْظَـــــاظُ وتخيلتُ (عِيواظ) وهو يحتج على العبيدي أن لا يؤلب عليه رعيته! ويتبرأ من استعباده لهم موضحاً بصدق أنهم وحدهم الذين أذعنوا وأطاعوا وخضعوا فلم لا يأخذ مكانه ويعطي أوامره!)
© 2024 - موقع الشعر