رسالة إلى المفسدين! - أحمد علي سليمان

فسادُك عَمَّ دارَكَ ، ثم مالكْ
وضلَّ القومُ إذ تبعوا ضلالكْ

أتيت مُكَمَّلاً ديناً ودنيا
ونفسُك لم تُطِق أبداً كمالك

ودينُ الله بَدرٌ في الدياجي
وإذ أفسَدْت لم تستُرْ هلالك

وأغراك الحرامُ ، فلم تُمَيِّز
وبين الناس لم تُدرك حلالك

وخادعَك الذئابُ ، فذبت وَجداً
ولم تمنعْ مِن الفوضى غزالك

وجاراك الأراذلُ في التردِّي
فما علموا بها يوماً مِثالك

وسُمعتُك الكريمة دنسُوها
فما شهدوا عليك بها ولا لك

وفقت الكل في أخزى فِعال
ولم تحقِرْ سِماتك أو فِعالك

وضعت الحق تحت ثرى نِعال
فشجَّ الحق مُنتقماً نِعالك

ألم تحسبْ حسابا للتنائي؟
ألم تشغِل بسُكنى القبر بالك؟

وذِكرُ الموت يَدحَضُ كل سُوآى
وسُكنى القبر ما زارت خيالك

وحالك مُؤْذِنٌ بضياع عِز
فهل أنقذت مِن بلواك حالك؟

وليس يدومُ عيشُ التيه هذا
أراك تُدِيمُ في الفوضى احتيالك

فعشْ ما عشت معتدلاً تقياً
ألست مُكلفاً ترجو اعتدالك

قضيت العُمرَ في أخزى احتيال
ألست تكُفُّ مَكرَك واحتيالك

وظلك ما استقام لعيب عُودٍ
وهل عِوَجٌ تُقِيمُ به ظِلالك؟

أتيت إلى الدنا طفلاً جميلاً
أحبَّ الناسُ في شغفٍ جمالك

ووسط الخلق كنت سليلَ أهل
ووقرَ كل خلق الله آلك

وكنت الشهمَ ذا زوج وطفل
وبَجَّلَ قومُك الكُرَما عِيالك

ففكِّرْ في مآلِك بعد حين
فحُسنُ الصِّيت كم يُشجي مآلك

تزيدُك طاعة المولى جلالاً
ألست تريدُ في الشُّرَفا جلالك؟

وسُؤلُ القبر مُرتصِدٌ وشيكٌ
ألست تخافُ يا هُزءاً سؤالك؟

ستأتيك الكبائرُ عن يمين
ويقتحمُ الخنا جبراً شِمالك

فأقصِرْ عن معاص ليس تُحصى
وليس يُفيدُ قولُ الناس: (مالك)؟

مناسبة القصيدة

(إنها رسالة خاصة إلى جميع أنواع المُفسدين في الأرض! إلى المُغنيين والمُغنيات وإلى المُمثلين والمُمثِلات وإلى الراقصين والراقصات وإلى الكتاب الإباحيين والكاتبات وإلى الشعراء الملاحدة والشاعرات ، وإلى من يبتدِع بدعة أو يدعو إلى الشِرِك:- إن لم تتوبوا يا هؤلاء قبل الموت والله إنكُم ستتمنون بعد الموت لو أن ربي يعيدكُم إلى الحياة الدنيا كي تتوبوا وتعملوا صالحاً وتتخلصوا من السيئات التي تركتموها خلف ظهوركم بعد مماتِكم ، وهي مازالت مُستمِره وتصُب عليكم صَبّا من عَمِل بِها إلى يوم القيامة وأنتم في القبور! وأنت في قبرك يا هذا والسيئات تتكادح إليك ستقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) (رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) ماذا ستقول لله رب العالمين عندما يقول لك يا فُلان لماذا أضللت عِبادي عن عِبادتي؟! والدليل عن هذا قال الله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ وقال الله تعالى: (ليَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) ، وقال الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ ، وقال رسول الله ﷺ: (وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا ، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا) ، إنهُ مشهد إعلان التوبة ، ولكن بعد فوات الأوان ستقول: (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) ، (رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين)! سيقول لك الله (كلا إنها كلمةً هو قائلُها ومن ورائهم برزخ إلى يومَ يبعثون) ، ويقول لك: (إنَّهُ قد سبقَ منِّي القول أنَّهم إليها لَا يُرجَعونَ نصيحتي لكم أن تتوبوا قبل فوات الأوان واعلموا أن الذين من قبلكم فهم الآن في قُبورِهم يجنون وزرها ، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة! والدليل قال الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ). والذي يريد أن يعرف حقيقة الفساد وأبعاده بكل أنواعه ، فليقرأ أو ليستمع إلى رهطٍ من المفسدين كانوا قد تابوا إلى الله تعالى! وأعلنوا توبتهم ، وأشهروا تبرؤهم من أعمالهم الإفسادية الإجرامية! من أجل ذلك كله ، كانت هذه القصيدة لأهل الفساد في الأرض ، تحثهم على التوبة! ولا نتمنى لهم أن يلقوا ربهم بهذا الفساد والإفساد المتعمدين قط!)
© 2024 - موقع الشعر