اخدمي أم زوجك! - أحمد علي سليمان

اخدميها ، وجَنبي البيت نارا
إن بَراً بها يُزيلُ الشِّجارا

صُنعُكِ المعروفَ احتسابٌ وجُودٌ
فاصنعي المعروفَ الذي لا يُبارى

أمُّهُ يا أخت الهُدى لكِ أمٌ
وادرسي فيما قلتُه الآثارا

صَحَّ قولي جاءتْ به أخبارٌ
واللبيبُ مَن يتْبعُ الأخبارا

كم لأجل العريس ضَحَّتْ زماناً
أنت أمٌ ، فاستذكري الآثارا

كم دهتْها الخطوبُ سِراً وجهراً
والحياة كم تشتكي الأغيارا

كم رمتْها الأهوالُ شرقاً وغرباً
وهْيَ وَجْعَى تسترحِمُ الجبارا

كم ليال مَرَّتْ بدون رُقادٍ
كابدَتْها تستعجلُ الأسحارا

كم بلاءاتٍ كالجحيم استشاطتْ
ثم صَبَّتْ - فوق العجوز - النارا

لم تضِقْ بالأحوال تُوهي قواها
بل تحَدَّتْ في عيشها الأخطارا

فاعذريها إن جندلتْها الرزايا
مثلُ هذي تستجوبُ الأعذارا

اخدميها ، قد يستديرُ زمانٌ
إن للدهر – في الورى - أطوارا

تُصبحِين من بعد سلواكِ ثُكلى
لم تعد بعدُ تلفتُ الأنظارا

قد قلاكِ الجميعُ في كل وادٍ
لم يُراعوا - رغم الإخاء - الجوارا

صِرتِ عِبئاً مُستثقلاً لا يُدانى
منه كلُّ الأهلين فروا فرارا

يرقبون تِرحال عِبءٍ ثقيل
ليلهم في إرصادهم والنهارا

ليت شِعري ، لم يَذكروا مِن جميل
والعجوز كم خلفتْ تِذكارا

تأخذ اليوم ليس تُعطي بتاتاً
وَهَنَ العظمُ ، والشبابُ توارى

اخدميها ، فالعيشُ أخذٌ وردٌ
جُودُكِ اليومَ يُذهبُ الأكدارا

عيشُنا مثلُ البحر مَداً وجَزْراً
هل رأيتِ بحراً يَقرُّ قرارا؟

لا تُبالي بمن يُرَوِّجُ زوراً
أو يرى في إخدامه الأمَّ عارا

بالتجني هم أهدروا حق أم
حملة شَعوا ترفعُ الأشرارا

وارتزاق الجُهال بالدِّين مُخز
يَجلِبُ الفوضى في الدُّنا والعارا

إنما بالبرهان تسمو القضايا
هل رُكوبُ الأهواء يَهدي الحيارى؟

شيخنا (الراوي) ساق أهدى دليل
فاجعليه في ذي الحياة شِعارا

مناسبة القصيدة

(دار جدلٌ كبيرٌ هنا وهناك عن مسألة خدمة أم المرأة لأم زوجها! وشطت فيها أفهام ، وزلت فيها أقدام! وهذه زوجة تسأل الشيخ محمد الراوى رحمه الله رحمة واسعة: السؤال: هل شرعاً عليَّ خدمة أم زوجى؟ أم لا؟ وعندها يبدع الشيخ في الجواب ، وهو الفاهم للمقاصد ولا شك! والجواب: لا يجب عليك خدمة أمه ، بل خدمة أمه واجبة عليه هو ، وليس له أن يلزمك بذلك ، وأنصحه بثلاثة حلول: الأول: أن يأتي بأمه إلى بيته ، ليتمكن من خدمتها بنفسه هو وأولاده الذين هم أبناؤها كذلك ، فخدمتُها واجبة على أحفادها ، كما هي واجبة على ولدها! الثاني: إن لم يتيسر هذا الحل ، فيلزمه أن يذهب هو إليها لخدمتها في مكانها ، ولو تطلب الأمر أن يبيت عندها الأيام والليالي إن كانت تحتاج إلى ذلك. الثالث: إن لم يتيسر له ذلك ، فيجب عليه أن يستأجر لها من تخدمها وتمرضها ، وهذه النفقة واجبة عليه ، فيلزمه أن يقتصد في معيشتكم على القدر الواجب في النفقة ليوفر ما يدفعه للممرضة! وإن كان في دخوله على أمه والممرضة عندها ما يثير الحرج أو الشبهة أو الفتنة ، فأنصحه بأن يتزوجها ، فيجمع بين المصالح ، (خدمة أمه ودفع الفتنة والشبهة عن نفسه! وطبعاً هذا من حقه ، لأن نفس الشرع الذي تتمسكين بحكمه في عدم وجوب خدمة أمه عليك ، هو الذي حكم له بجواز التعدد! وكوني أنت في بيتك معززة مكرمة ، لأنه لا يجب عليك خدمة أمه طبعاً!).هـ. رحم الله الشيخ الراوي!)
© 2024 - موقع الشعر