ليلى بنت لكيز - أحمد علي سليمان

قلبُ العفيفة قد غلا كالمرجلِ
لمّا أراد العلج وطء العُطبُلِ

هي لا تحب العار يستبق الخطا
يوماً إليها ، بالمصير الأرذل

إن التحلل والسقوط مذلة
تأباه ذاتُ الأصل والقدر العلي

هي لا تسافحُ ، فالعفاف سبيلها
هي لا تخادن ، شأن من لم تنبل

عُرفتْ - بكل فضيلة - في قومها
وبأي خل عاشق لا تختلي

عَفتْ ، فألبستِ العفافَ عباءةً
مثل النساء المحصنات الكُمَّل

والله آتاها الجمال تكرماً
سبحان من بعطائة كم يبتلي

وترعرعتْ في حِضن والدها الذي
ربى الفتاة على الإباء الأمثل

وتفردتْ - في الشعر - حربتها التي
كم تسعين بها لطعن العُذل

وتحث أقواماً على أن ينهضوا
كيلا يُصابوا عاجلاً في مقتل

وتذودُ عن عرض ، وتنشرُ قيمة
وتوجِّه الأشعار نحو الأفضل

لم تتخذ شعر التبذل منهجاً
كلا ، ولم تتغن بالحب الخلي

بل سخرت أشعارها لقضيةٍ
شهباءَ تنظر في سنا المستقبل

وتقدَّمَ الساداتُ كلٌ يشتهي
ليلى حليلته بأسعد منزل

حتى (ابن ذي صهبانَ) جاء مُؤملاً
منها موافقة بكل تبتل

لكنْ (لكيز) رد من خطبوا ، ولم
يقبلْ ، وبالبرّاق لا لم يقبل

وتعففتْ (ليلى) ، وصانت نفسها
وهْي التي - بحبيبها - لم تعدل

وتوهجت نار الحروب ، وسُعرت
بين القبائل في اليَباب المُمْحِل

فبنو ربيعة أشعلوا الهيجا ، لذا
جاءت (قضاعة) تزدهي في جحفل

واستبسل (البرّاق) في ساح الوغى
وبما أعد خصومه لم يحفل

حتى إذا رحلوا استمر منافحاً
حتى النهاية صائلاً لم يرحل

وتقدم (البرّاق) في أهل له
كي يطلبوا (ليلى) من العم الولي

واليوم وافق ، والشروط تحددت
وأتى ابن كسرى هامساً في معزل

ويريد (ليلى) زوجة ومليكة
تختال في أغلى الجواهر والحُلي

أما (لكيز) فاستشاط مزمجراً
ويقول: (ليلي) للخطيب الأول

هي لابن عم نعله بغريمه
فيم التخرص بالهراء المُبطل؟

فاغتاظ (كسرى) لائذاً بمكيدةٍ
حتى يفوز بغادةٍ وبمَأمل

فبغى عليهم ، واستباح أسيره
بالسيف يبرق في عَجاج القسطل

واقتادها نحو الديار كسيرة
وذليلة في جنح ليل أليل

ومدامع البراق تبكي مَن سرت
بين الجنادل والقرى والأجبل

وفؤاده لفراقها يشكو الجوى
ويبيت بالنار الرهيبة يصطلي

ماذا سيفعل يا ترى لحبيبةٍ
أسِرتْ ، وطعم ورحيلها كالحنظل؟

في (فارس) تجترّ ألوان الشقا
بين الأعاجم ، مثل كمٍّ مُهمل

ويموت في أرض (الجزيرة) عاشقٌ
كمداً ، وقلبُ الصب مثلُ المرجل

قلبان: قلب مثقلٌ بهمومه
يا ويح قلب بالدغاول مثقل

وسواه يزدرد العنا في غربةٍ
وسط العُلوج ، وما له من موئل

ليلى افتداك من القبائل سادة
والعذرَ - يا بنت العمومة – فاقبلي

هذا هو (البرّاق) يشحذ سيفه
ولسوف يأتي النصر ، لا تتعجلي

وقبائل الأعراب آلماها الذي
أنشدت من شعر كشدو البلبل

يستتنشد الهمم العلية نحوه
ومروءة في قلب كل مُبجّل

لتخلص العِرض المنيع من الغثا
قبل التقوقع في الحضيض الأسفل

لتمدّ كَف العون ، تنتشل ابنة
من أن تُجر على الحصى والجَروَل

وترد عنها الرجم قد وُعدت به
ممن بأيديهم سِلالُ الجندل

وتصد عنهُ من يراود عامداً
فتقول: لا ، وتسوق لفظ توسل

كسرى يراود ، والعفيفة تشتكي
فيُعيد كرته بكل تجمّل

فتقول (ليلى): القتل أهون عندنا
فارجع عن العزلى ، ولا تتذلل

أنت المخير بين قتلي عيلة
أو أن أرد إلى الديار ، فأجمِل

ليلى أتتْكِ من الديار كتائبٌ
من كل منطلق العزيمة مكمل

لتُغيث آنسة لتكمل عُرسها
في دارها ، محبورة في محفل

والفارسُ (البرّاق) يختصر المدى
ليرد فضلى دون أي تبذل

وأعادكِ الأبطال بعد معاركٍ
وبرغم أنف المجرم المتقول

وتزوّج (البرّاقُ) (ليلى) ، والعِدا
باؤوا بحال مُكْفهرٍ مُحثِل

© 2024 - موقع الشعر