(أحد المسافرين رأى شاباً غضاً ممددًا على سيارته غائبًا عن شعوره لا يرى عليه أثرًا لحادث أو سببًا مباشرًا لهذه الحال ، لم يتح لنفسه كثيرًا من التساؤلات ، بل قطعها بإغاثة هذا المسكين ، فما أن أمسكه بيده حتى أحس بحركةٍ بطيئةٍ في يدي هذا الشاب ، يشير بيديه إلى أنفه وفمه ، مبينًا له بذلك أنه لم يعد له نفس يعيش به ، فرح صانع المعروف بحياته ، وأحس بأن الله أرسله إليه لينقذه على يده تحرك بسرعة لأخذه إلى طبيب حاذق في شأن أمراض الصدر بمدينةٍ قريبة ، متكفلاً بكل المصاريف المهنية والعلاجية والدوائية لهذا المريض حتى يشفيه الله تعالى! فما إن وصَل إلى هناك قام الطبيب بالأمانة المُلقاة على عاتقه خير قيام ، وصانع المعروف واقفٌ على رأسه ، يرقب ذلك النفس المتقطع والصدر المتحشرج نسي سفره الذي خرج من أجله وترك الدنيا من ورائه ، وأقبل على إنقاذ روح كادت أن تفارق صاحبها ، ليُعيدها بأمرِ الله إليه ، لا لمعرفةٍ سابقةٍ ، ولا لمصلحةٍ دنيويةٍ لاحقة ، ولا لأنساب أو مصاهرة بينهما! إنما فقط حب صنيع المعروف الذي أكرمه الله به ، وما زال كذلك يرقب الشاب بعينيه ، ويحيطه برعايته ، ويلهج لسانه بالدعاء له ، أن يمُن الله عليه بالشفاء ، ويعيده إلى الحياة ، وشيئًا فشيئًا حتى سمع الأنفاس تتراجع ، والأزمة تِخف ، والأطراف تتحرك ، وبدأ نور العينين يخفق ببصيص من الحياة ، وصانع المعروف يحدق في وجه الطبيب يبحث عن الأمل في وجهه يتلمس ابتسامة النجاة على ثغره ، وبدأت الحياة تدب في أوصال ذلك الشاب ، وبدأت أسارير وجه الطبيب تتهلل بشرًا ، وتبشر بالحياة من جديد ، حينها تعرّف صانع المعروف على هاتف منزل أهل المصاب من المصاب نفسه ، واختفى من المستشفى حتى لا يتعرف عليه أحد ، وذهب ليتم معروفه بنجاح وحكمةٍ ليتصل على أهل المصاب ، فأخبرهم خبر ابنهم ومكانه. ولكن: من أنت أيها المتحدث؟ من أنت وفقك الله؟ من أنت يا صانع المعروف؟! أخبرنا باسمك ، دعنا نحدِّث الناس بشهامتك ، دعنا نصف للناس معروفك ، دعنا نردُّ لك شيئًا من جميلك ، وأي جميل يمكن أن يُرد لمثلك وقد كنت سببًا في رد الحياة إلى ابننا بإذن ربه سبحانه! أما لنا نصيب من إكرامك ، والإحسان إليك؟ فكان رده: أنا فاعل خير. فقط. كلمتان أجاب بهما صانع المعروف محتسبًا أجره عند الله الرحمن الرحيم ، ألا بوركت يا صاحب الخير كفاك الله شر مطارق السوء ، وسددت على الخير خطاك ، وحفظك الله من كل سوء ورعاك ، وبارك لك في صحتك ، وحياتك ، وذريتك ، وجعل الجنة مأوانا ومأواك.)
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.