هكذا يقتلون المواهب! - أحمد علي سليمان

في سماء التيهِ طارَ النورسُ
ورفاقُ التيه ذِكراهُ نسوا

تُخْبرُ الأعمالُ عن أصحابها
كَكِتاب مُحتواهُ الفهرس

والعطاءاتُ تُزَكِّي أهلها
ليس جُودٌ في البرايا يُطمَس

والمغاويرُ إذا ما جاملوا
ذكرتْ ما قدَّموهُ الأنفس

ولأهل العِلم شأنٌ في الورى
والخطايا في المَزايا تُغمس

والأماديحُ تلي مَن عَلموا
ليس تعليمٌ بجهل يُبْخس

كل مَوهوب يُريدُ عالماً
لا يني في نصحهِ ، أو ييأس

يَصقلُ الطاقاتِ في إبداعه
ويُنمِّي جهدَه إذ يَدرس

ويُغذي العقلَ بالنور الذي
فاز لو ثوبَ المعالي يلبس

ليس عقلٌ مِن سنا الحُسنى خلا
قبل أن يَطغى عليه الحِندِس

لكنِ الإهمالُ يَجتثُ المَضا
وبفقد العزم تشقى الأنفس

ويموتُ الفهمُ في ألبابها
ومِن التفكير حَتماً تُفلس

هل تُرى منها خيورٌ تُرتجى
أو بها رُشداً ووعياً نأنس

إن قتلَ العبقريات العمى
والعمى مِن كل سُوءٍ أشرس

خبط عشواءِ الفتى يُودِي به
والتزيِّي بالتدَني يُتْعس

مناسبة القصيدة

(كلفت مديرية التربية مفتشاً من مفتشيها بزيارة إحدى المدارس ، فذهب المفتش إلى المدرسة. وفي الطـريق تعطـلتْ سيـارته ، فوقف حائراً رافعاً غطاء محرك سـيارته! وفجأة مرّ طفـل فسـأله إذا كان يريد المسـاعدة! فقال المفـتش: وهل تفهم شيئاً عن السـيارات يا بُني؟ فرد الطفل قائلاً: والـدي يعمـل ميكـانيكياً وأسـاعده أحياناً! فألقى نظرة على المحرك وطلب من المفتـش مجـموعة من المفاتيح والأدوات ، ولحسن الحظ ، كانت هذه الأدوات وتلك المفاتيح مع المفتش في سيارته! وبعد دقائـق من العمـل ، والمفتـش يراقب الوضع باندهـاش ، طلب منه الطـفل تشغيل المحـرك ، وفجأة عادت السـيارة للسير من جـديد. فشـكر المفتـش الطفـل ، وسأله: لماذا لم تكن في المدرسة في هذا الوقت؟ فأجاب الطـفل: لأن المفتـش سيزور مدرسـتنا اليوم ، ولأني الأكـثر غـباءً في الصف كما يقـول المعلم ، فقد أمرني ألا أحضـر اليوم ، ولكن أبقى في البيـت! وهكذا يتـم اغتيال المواهب. فالذكـاء والإبداع ليس مقتصراً على فهـم المنهج الدراسي فحسب. وإنما بوضـع كل شخص في مكـانه المناسب لتتجـلى إبداعاته! لا يوجـد غباءٌ إنما تتعدد مواهب ، فمِن مستغل لها ، مِن قاتل!)
© 2024 - موقع الشعر