ما غابت الشمس (محاكاة لنسرين بدر) - أحمد علي سليمان

نسرينُ شمسُكِ في السماء تُواري
ما لاحَ من سُحُب ، ومن أمطارِ

وتُخبِّيء النصرَ المبين تدللاً
ووراءها أخفتْ سنا الأقمار

وتُدَثرُ الفجرَ الوليدَ تشوقاً
للصبح إما شط في الإسفار

ما (غابتِ الشمسُ) اهدئي ، وتدبري
فضياؤها يأوي إلى الإبصار

هذا خيالُ الشعر يا أخت الهُدى
أوَتذهبين ضحية الأشعار؟

كم من قصائدَ أوغلتْ في حزنها
والحزنُ يرفلُ في أذىً وضِرار

ولطالما شحذ اليراعُ نفوسَنا
فإذا بها في أوج الاستبشار

ولطالما وأدَ التفاؤلَ غِيلة
فإذا بنا في محنة وخسار

ولطالما أهدى الضمائرَ شُحنة
من طيب الإطراء والإكبار

ولطالما قمعَ العزائم جهرة
فأصابها بمَغبة الأكدار

نسرينُ شمسُكِ لم تغبْ ، فاستبشري
والخيرُ خلف مطارق الأقدار

هي أزمة ستمرُّ مهما أثقلتْ
والأمرُ أمرُ الواحد القهار

لو شاء ربكِ لم يُمَكنْ للألى
فجَروا ، فليس النصرُ للفجار

واستقرئي التاريخ حتى تعلمي
أن الهزيمة ديدنُ الكفار

كم كابدتْ (أرضُ الرباط) مَعامعاً
مُنيتْ بالاستعمار والأخطار

كم أزهقتْ أرواحُ قوم أبريا
ودماؤهم سالت كما الأنهار

كم من حرائرَ ذقنَ ألوان البلا
هل راشدٌ في سحقهن يُماري؟

و(القدسُ) كم عانت و(غزة) عندما
نقمَ العِدا كأوابدٍ وضواري

وديارُنا قاستْ تخاذل أهلها
أواه إنْ ظفرَ العِدا بديار

واستبسلَ الأبطالُ من أهل الحِمى
وترَينهم هبوا لأخذ الثار

نسرينُ شمسُكِ بالقريض تفاءلتْ
وحَبَتْكِ أطيافاً من الأنوار

وقصائد (النسرين) عاطرة السنا
عطراً يزيد على شذى الأزهار

خطتْ بيُمناها القصائدَ غضة
عن (غزةٍ) ، عن آخر الأخبار

كم وثقتْ ما قصَّدتْ ، وتجَشَّمتْ
عبءَ المشقة في لهيب النار

كم كشفتْ ضنكَ المَجازر حِسبة
حتى تُبينَ هجمة الأشرار

ستعود (غزة هاشم) ، لا تيأسي
وثقي بنصر الغالب الجبار

مناسبة القصيدة

(أحاكي قصيدة الشاعرة القديرة نسرين بدر: (الشمس غابت) ، وذلك لِما لمستُ فيها من دِقة التشخيص للواقع ومعالجته بالشعر! الأمر الذي يعجز عنه حقاً كثيرٌ من الشعراء! حيث ينجحون في تشخيص الواقع ، ولا تكون منهم ولو بادرة واحدة في إصلاحه! لكن المتتبع لشعر نسرين بدر يجدُها تنفعل وتتعاطف وتشخص وتعالج! فجزاها الله خيراً كثيراً عن أرض الرباط وأهلها! وتبدأ نسرين بدر بوصف حالتها وشعورها عندما هالتْها الأخبارُ المُفجعة ، فتقول:- سهمٌ أصاب القلبَ طاف بداري! عين الخلائق أغلقتْ بعوار! وتعرقلتْ كل الظروف بغزةٍ وتعالتِ الدنيا على أسواري وتستمر الشاعرة في السرد الشعري الدقيق لمأساة غزة وأهلها ، وتوصي الجميع بأن لا ييأسوا من النصر المبين الوشيك ، حتى تختم قصيدتها برسم صورة تفاؤلية فتقول:- ستعود بالإصرار (غزة هاشم) فالله يخسفُ طغمة الأشرار إنا عُتاة لا نلينُ لظالم والله ناصرُنا على الكفار وبديننا نعلو وهدي نبينا سنسودُ فوق العالم المنهار والحقيقة أنني أخذت بجمال النص وعذوبة الكلمات ، فكانت مُحاكاتي لهذا الجمال الشعري.)
© 2024 - موقع الشعر