حيرة وغيرة - أحمد علي سليمان

لأني غيورٌ تحتويني مصائبي
وأبكي ، وقد تصغي إليَّ غياهبي

على حوبتي بابي تغلق يومه
أصفي فؤادي من جميع الشوائب

إلى الله أشكو ما أعاني من الأذى
ونفسي تقاسي من بريق الجواذب

ولم أدر عن أمر الصديق خيانة
تخلى صديقي فاغتدى الوهم صاحبي

وقد كنت فوق العين والرأس فترة
فأصبحت تحت الترْب ، تزوى مناقبي

وقد كنت في قومي الشهاب وشمسهم
وأصبحت عبئاً في عتيق الخرائب

أغار على شمس الحنيفة ، نالها
على غرةٍ أبناؤها بالمَحاطب

وصارت جموعٌ ، بل وباتت بغدرها
ذئابٌ وأكلابٌ وبعضُ عقارب

وعمّتْ ديارَ القوم أكبرُ فتنةٍ
وغاب الهُدى ، وازداد جسر النوائب

فيا شعر: هل غيرُ المدامع حِيلة؟
وإن بُحتَ لي فاحذر عتيّ مذاهبي

ويا شعرُ ، قومي في تردٍ وخيبةٍ
وبالأمس كانوا كالنجوم الثواقب

لقد حِرتُ في أمري ، وحارت مدامعي
وقد غرت للإنسان ، ثارت تجاربي

ولكنْ غيورٌ في قطيع مُعبّدٍ
وتجرفه في الناس شتى الرغائب

وقد حارني أمرُ القطيع وسائسٌ
وليلى وأوهامٌ وقيحُ مَعَائب

وحتى متى يا شعر نارٌ ولوعة
ويلتاع في شعري رطيبُ الكواكب؟

وحتى متى يا شعر حيفٌ وفتنة
وتغييب هدْي في جميعٍ مُحارب؟

وحتى متى يا شعرُ ليلى وقيسها
وإشعالُ نيران الإماء الكواذب؟

وحتى متى نصلى بذلة غيرنا
وتطوَى رُؤانا في جحيم المآرب؟

وحتى متى نجترّ فحوى مصابنا
وننسى بأنا من كرام أطايب؟

وحتى متى يا شعر تُرديك غادة
لتستنطق الأوهام بين الكواكب؟

وحتى متى يا شعر تطفو بلادة
ليشربها الأقوام وفق المطالب؟

وحتى متى يا شعر يعلو مخرفٌ
ويبلغ – بالتضليل - أرقى المطالب؟

وحتى متى نسعى خِلافَ عدونا
نسير ، ونطوي الأرضَ حسْبَ الرغائب؟

وحتى متى يجني - على الحق - أهله
وهذي ، وربي من عجيب الغرائب؟

© 2024 - موقع الشعر