القَلَمُ يَرْسمُ الجِهات - محمد عبد الحفيظ القصّاب

القَلَمُ يَرْسمُ الجِهات
-------------------------
 
قادمةٌ عبرَ السكونِ في قَصائِدي
تُعاندُ الإزارَ الحَجَرِيَّ في ليالِي وَطَنِي.
أحْمِلهُ منذُ الجنينِ في أوائلِ الرقادِ
عندما يندسُّ داخلَ الأصابِعِ المَسائِيةِ
والشيءُ – الفؤادُ يَستخيرُ بالبكارةِ الرَّمْضاءِ
من تشائِي الزمنِ.
-------------
مازالَ في بَعْضِي ....
قديمَ (السجدةِ ) الأولى
يزاحمُ القَديمَ من غبارِ الشَفَقِ المَثْقوبِ
نَحْوَ الضَوءِ الخَجولِ
مِنْ فَضاءٍ كالبُكاءِ
والعِواءِ الفَطِنِ.
-------------
مازالَ في بَعْضِي ...
قديمَ رِعْدَةٍ .. تُخاتِلُ البِحارَ في صَحرائِها
على اكْتِنازِ العَرَقِ العاجِيِّ
في جَرادَةِ الماءِ .. تُضاجِعُ الخَواءَ في مَحارَةِ النَّوْءِ
على السَديمْ.
وتَزْرَعُ الأَسْمالَ من أقْمارِها....
جَدائِلاً، مَعْقُودةَ الشِّتاءَينِ
في الشِّفاهِ...
والأقْلامِ ...
تَسْتَقْرِىءُ أذْهانَ الدِّماءِ
في القِلاعِ المُسْرَجاتِ
بالفَنا القَدِيمْ.
---------------
القلمُ العَتِيقُ .. يَسْتَقْرِىءُ حِبْرَهُ الهُلامِي
كيفما شاءَ وشاءَ ...
عندما يَعْدو ويَعْدو ..
لا يُطِيقُ لُغْزَ الارْتِحالِ
في غُرابٍ يَرْسُمُ الطَّرِيقْ .
يَرْتَشِفُ الجُنوبَ من كأسٍ
تَشابَهَتْ تَوارِيخُ الجِهاتِ
في جِدارِها ..
فَخالَطَتْ مِزاجَهُ مَراقِصُ الحِسانِ
واخْتلاقُ نَهْمَةِ البَرِيقْ.
وساءَلَتْهُ رَعْشَةُ الأثْداءِ
كَمْ بَخِلْتَ – مَشْبوهًا –عَلَيَّ
بالخَواءِ الصَّدفِيِّ
مثلما بَخِلتَ في عَينِ المَدَى
بالقَلَمِ العَتِيقْ
----------------
ما زِلْتُ مَسفوحًا على أُغْنِيةِ الثِّمارِ
نازِفًا مَياسِمي أَقانِيمَ حَصادٍ لاهِثٍ
يَحْتَطِبُ الهَزِيْمَةَ العَذْراءْ
يَسْكِبُها مِرْساتَهُ
ذاكَ الغِناءُ كالِحٌ
يَجْثو على أنْغامِهِ، ويَرْتَوي ..
كَراقِصٍ تُضْحِكُهُ
أشْلاءَهُ البَكْماءْ
----------------
ما زِلتُ مُغْتابًا ..
على سُنْبُلَةِ الرُّكامِ ..
في حَفيفِ أعْضاءٍ مِنَ التكسُّرِ الأَحْمَقْ
داخِلَ البِناءِ الخَزَفِيْ
لِتَعْكِسَ النَّهارَ في كُوْخِ الصَّلاةِ
شَيْخًا شائِهَ الأهْواءْ
---
تَغْتابُنِي الرِّياحُ عندَ الشَّفَقِ الأزْرَقِ
في السَّنابِلِ المَواتْ
تَهْمِسُ في غُموضِها الشَّاحِبِ
أسْرارَ عَرائِي الوَثَنيِّ
كلَّما اكْتَرَى الطَرِيقُ شُرْفَتِي
غَدْرًا مِنَ المَدائِنِ الخَصْبَةِ
بالحَياةْ
...........
يُمَدِّدُ اللونُ الخَفِيُّ لونَهُ
يَغْتَصِبُ الوَرْدَةَ ..
يَسْتَغِلُّ حَوْبَةَ انْشِغالِي – الأزَلِيِّ
دَعْوَةَ الألْوانِ للجِهاتْ
------
أسْتَرِقُ الغَباءَ من بلاهَتِي
لأُطْفِىءَ العَديدَ من ألْوانِهِ
بِغابِرِ الفَراشِ...
وقْتَها...
قَدْ كانَ أذْكَى سَفَرٍ...
مِنْ عَوْدَةِ الأنْواءْ
-----
أسْتَرِقُ الجِهاتِ من غَرائِزي
أنا الصَّفِيُّ للسَّلاحِفِ الرَّمادِيَّةِ
وهي تَسْتَعِيضُ عَنْ سِوارِها
بِجانِبِ الخَرِيفِ ..
فَخْذَها السَّابِع ..
أيلولُ يعاشرُ الشِّتاءَ
كلّما أنَّبَهُ الغُولُ ..
على ألوانِهِ العَرْجاءْ
-------
مازالَ يَجْهَضُ البروجَ البابِلِيَّةَ
التي تَسْتَرِقُ الأرْحامَ
من لحافَةِ السَّرْوِ المَطعَّمِ – ارْتِجالاتٍ
بلا مَدِيْنَةْ
حتى تُواصِلَ اللغاتُ أنْشُودَتَها
تَصْطَنِعُ الحُقولَ أوْرامًا، من الجِنُوبِ ...
والشِّمالِ...
تَحْتَ وَطْأَةِ السَّكِينَهْ
حتى تُواصِلَ اللغاتُ إغْراءاتِها
تَحْتَمِلُ الأنّةَ مِنْ غُثائِها
وتَسْتَوي مع الصَّرِيرِ
في السَّفِينَهْ.
---------------
يَكْتَمِلُ الأَنِيْنُ باكْتِمالِ غُصْنِ الارْتِواءِ
مِنْ مُخَيخِ السِّنْديان .. المُقْمِرْ
الدُّلْجَةُ البَيْضاءُ تَسْتَأْنِسُ نَهْدَها
مِنَ النَّعِيقِ في زَفافِها السَّمِيجِ
أو كادَتْ .. تُضِيءُ تَحْتَ صَومٍ مُقْفِرْ
بينَ التُّرابِ والتُّرابِ ...نَسْغُها
تُرقّعُ الأَدِيمَ، واحاتٍ، ورِعْداتٍ، وأسْماطٍ
من الغُرْبانِ ..
في الخَوفِ الوَرِيْدِي ..تَجْتَبِي ...
بين البَراحِ والبَراحِ .. سَعْفَها
مرايا، ضَبَحَتْ شَرارَةً
تَحْتَ الرَّمادِ المُثْمِرْ
------------
أيلولُ يَسْتَأْمِرُ حَرْثَهُ الظَّلِيلَ
في سَرِيرِ الغارْ..
الجَوْقَةُ الخَلْفِيةُ يَسْتَدْبِرُها
انْتِباهُ أحْجارِ الهُزالِ
في مَضِيقٍ بينَ وَجْناتِ الشَّمالِ
عندما يَقُودُها الشُّرُوقُ
في بَرادِ عَنْكبوتِها
مِنْ لَوْثَةِ النَّهارْ
----
تَراقِصُ الأَنَّةَ في خَوائِي
ولمْ يَزَلْ .. بَعْضِي على بَعْضِيْ
أَقَلِّمُ الغِشاءَ ساقِطًا بَينَ الغُروبِ
والغُروبْ
أحْمِلُ الهُبُوطَ في مَزْبَلَةِ القَلَمْ
أَحِضُنُ أسْمالي من الأقْمارْ
أحْشُرُها في رِئَتِي
وأصْعَدُ الحُلْقُومَ والعَدَمْ
لأغْمِضَ الجَناحَ في حُنْجُرَتِي
قَبْلَ وُصُولِ الحُبَقِ العَتِيقِ
في أسْرابِهِ
لتَحْتَمِي بينَ اللهاثِ والظَّلامِ
لَوْحَةُ الأسْرارْ
::
 
------------------------------
الشعر الحر
 
طفلُ الحرف (18)
 
محمد عبد الحفيظ القصاب
1994
© 2024 - موقع الشعر