طائرة ورقيةبين رائحة القلق وشعاع لامبالاة عنيدة كانت "ذات الخواطر البريّة" تنام كلّ ليلة على بساط من حلمتكتب في حلمها سؤالا يبدأ دائما بطائرة ورقيّةتستلقي على طفولتها الشاسعة ترشق السّماء بألوان فضفاضة ثم تشطبها برحابة ردائها المعشوشبتعوّدت أن ترافق الشمس إلى مخدعها تسوّي تناثر الأشعّة على جبينهاثمّ تعود على متن المساء المرتجف، يتلقّف الطريق إيقاع خطواتها وتبتسم حجارة البيت راقصة عودتها لتكنس بثوبها الواسع عراء المكانتعوّدت أن تقفز على خواطرها البريّة وهي تستعيد، بِوابل من طيور ثرثارة، فكرة أدهشت براءتها فانطلقت كالريح تبعثر لعبها ورديّة الظلالالبارحة كان الحلم أكبر من طفولتها، حتّى أنّها لم تجد فيها متّسعا لسؤالها الذي يبدأ دائما بطائرة ورقيّة، لم تقدر ، وهي تغالب هلع المقام، أن تعُدّ النجوم الجديدة الصاهلة نحو القمر الحالك ، لم تقدر أن تقتفي شهبا كانت تحصيها وهي تدخل الليل والباب الموصد خلفها لا يترك ممرّا للفراشةالبارحة كان الألم أصغر من طفولتها والليل المباغت يخلع عنها جسدها البالي يعطّر به دمها المتبخّررأيناها جميعا، تلبس فستانا على مقاسها تماما وتضحك وهي تذكر أشياءها لكنّنها على غير عادتها بلّلت ضحكتها بشهقة واخزة رشقتها في الأرض ثمّ ابتلعها الفراغ...كأعشاب طفيليّة خرج الصباح متعثرا بسبابتها المنتصبة على السقف الممدّدواستمرّت تقاسيم الهواء تلوك رائحة دمها المكوّر في حلق الوقتزاد صوت الشجر المشهدَ موتا لمّا تشبّثت أوراقه بلون عينيها المندلق على فتات صمود الجدران، تسدّ مسامّ الطريقرغم العماء،كان يجب أن نبتلع اتّساع الضياع الّذي سكن فينا بغتة ونملأ من وجع التراب رذاذ صورتها المتلبّسة بالمكانلم تنزعج كثيرا ونحن نضع بدل القلب بابا، ونزرع في مكان الضفيرة سحبا تزغرد، ولمّا لم نعثر على عينها اليسرى استعرنا شبّاك البيت الذي كان يطلّ على شرفة مازالت تحتفظ بلونها الزهريّ وشغف رشقات حصى العشق الحييّلم تنزعج أيضا لمّا رتقنا شفتها السفلى بخيط سجاد غرفتها، ستؤنسها حتما بقع أصوات إخوتها عليه وهي تصفّفهم لتنال منهم واحدا بعد الآخر نصيبها من تحيّة الوداعلكنّنا لمّا انتهينا من تعداد موتانا رأينا جميعا جنازة واحدة تشيّعها طائرة ورقيّة...عائشة المؤدب /تونس
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.