نشيد البحر - محمود محمد الشلبي

(1)
 
(الأفتتاحية )
 
 
 
اول الارض مركب ,
 
وشراع .
 
آخر الأرض برزخ ,
 
ووداع .
 
أرجوان الأجساد فاض الى البحر ,
 
وفي البحر , يا صديقي , اتساع .
 
كوكب يذرع الفضاء ,
 
ولا يأتي ...
 
وعصفورة المنافي تباع .
 
يا دماء الشهيد ,
 
زنبقة العمر ,
 
كما الروح قد حواها الضياع .
 
فاحمليها على جناح إلينا ...
 
أحمليها ما زال في العمر باع .
 
 
 
(2)
 
( النشيد )
 
البحر دام ...
 
والصواري اسكنت دمع الغيوم ,
 
على يديها .
 
يا أيها الماشي , على دمه ,
 
الى كل البلاد وقبلة الشهداء ,
 
خذ قلبي إليها.
 
هذي السفائن ...
 
في مراسيها غناء صبية محرومة ,
 
ودموع أم ...
 
عانقت ولداً عليها .
 
لم ينته الترحال بعد ,
 
أمامنا شوط و شوط ..
 
والمدينة علقت أقراطها ,
 
ببنادق الشهداء ,
 
رشت دربهم بالملح والحناء ,
 
مدت ساعديها .
 
لم ينته الترحال بعد ,
 
أمامنا شوط الوصول الى الوصول .
 
ونشيد هذا البحر مر في فم البحار ,
 
يأخذ كل هذا البوح ,
 
يدخله الى زنزانة الوطن الشهي ,
 
الموج يفتح معجم الشطآن للسجان ,
 
والسجان يشرب قهوة السفر الفلسطيني ,
 
في مقهى الحدود .
 
أين التوجه ؟!
 
صارت الطرقات درع الماء ,
 
والفتيان زهر النار ,
 
في صحن الفضاء تسلقوا شجراَ ...
 
خريفي المواسم
 
والوعود .
 
العشبة أخرى نسير , ؟
 
نعبئ الدم في رسائلنا ...
 
الى الوطن الوحيد ؟
 
ما أضيق الأبواب يا وطني ؟!!
 
كأن مواطىء الأقدام منزلنا ...
 
على " سفن الرحيل " .
 
ما أبعد الأحباب يا كفني ؟!
 
كأن عناقهم وجع ...
 
تسرب في الأصيل .
 
كل الجهات تسربلت بنشيجها
 
والبرتقال على السواحل ,
 
بات ينتظر النخيل .
 
أين النخيل ؟!
 
أين النخيل ؟!
 
شهقت فتاة في يديها حفنة
 
من رمل ,
 
الصحراء تشرب دمعها ...
 
وتحيله صبارة لابن السبيل .
 
- قال المقاتل للمقاتل ,
 
وهو يبحر في الندى :
- هل في البنادق زهرة أخرى ؟
 
وهل أمي تشم أريج فاكهة البحار ,
 
على المدى ؟!!
 
-ضحك الجريح من الحكاية ,
 
-قال :
 
-من يمضي إليها ,
 
قبل أول موجة في البحر ؟!
 
صاح الركب :
 
أوسعنا صدى .
 
مال الرفاق على بنادقهم .
 
تثاءب شاعر في حضرة الميناء ,
 
وأستل القصيدة من دماء أخيه ,
 
ألقاها على الأسماك ,
 
والبحر المحمل بالنشيد ,
 
وبالبنفسج ,
 
والمدى .
 
-هل عيأ الأصحاب جعبتهم
 
من الحرب الأخيرة ؟
 
-هل تنادوا للرحيل ,
 
بعيد هجرتهم ؟
 
-وهل سفحوا نداءات الترحل ,
 
في القذيفة والسؤال ؟!
 
-وأضاف :
 
هذا البحر معجزتي ...
 
ومعجزة المحال .
 
-في البر أم في البحر بيتي ,
 
يا أخية ,
 
في الجنوب أو الشمال ؟
 
في كل سنبلة تعانق قنبلة .
 
في غيمة أو خيمة ,
 
نصيب على قرن الغزال ...؟
 
* * *
 
النورس البحري ,
 
حط على جراح البحر ,
 
عبأ ريشه بالأحمر القاني ...
 
ومات .
 
وعلى شبابيك المدينة ,
 
أعشبت شمس ...
 
نما طقس ...
 
ولؤلؤة على رمل الشواطئ في سبات .
 
هي دورة أخرى ...
 
وموج اثر موج ,
 
كم من العمر انقضى ؟....
 
هذا المصير مصيرنا ...
 
والأرض تدخل في أصابعنا , ....
 
وتتركنا لزيتون الجبال .
 
يا أيها القلب المكسر في مرايا الحزن ,
 
باب واحد للريح ,
 
فصل سائد ,
 
وصريح .
 
فاجمع على دمنا المسافر شمل من رحلوا .
 
وعانقهم ,
 
على وطن ...
 
خرافي المدى ...
 
وفسيح .
© 2024 - موقع الشعر