تختزلني الأشياء كما تختزل الموجة ما كان يمكن للبحر أن يقوله –أشيائي كلّ صباح تتركني، أو أتركها؛ سيّان.ما دامت دقّات السّاعة تعلن الزّمن سيّدا،هو يعرفني، مثلما تعرفني الطّرقات،والضّوء الشّاحب عند الجسر، وبعض المنسيّينأراهم يمشون إلى الخلف.أسأل:- هل أخطأت حينما سايرت الطّريق؟أو:- أنّ اللّيل يحجب عن عينيّ الرّؤية؟هذا الضّوء الشّاحب عند الجسر،وهؤلاء المنسيّون، وشيء آخر يعرفنيولم أعرفه، تتشابك أيديهم، فأسمعفي البعد صدى... كان اللّيل يغيّر وجهه،والمدن الّتي كنت دوّنت أسماءها في ذاكرتيتخرج من نفس العصب المخفيّ لتأخذ شكلالمرأة الوحيدة في الشّارع قرب محطّة البنزين.كانت أسئلتي تنسل مثل الدّيدان،تقتل تلك المرأة من رأسها حتّى القلب،تكتب تلك المرأة أفكارا ساديّة على بعض خطىلم تعتد قساوة البلاط المغسول بطراوةأواخر اللّيل –_ هل كانت تلك المرأة تشبه أخرى؟_ أم تلك السّاعة تصنع نساء مثل الدّقّات؟_ أم هو اللّيل فقط يترجم جوع الأعضاء؟أختزل الأشياء، انتقاما. أصنع أسئلة، وأعرفالإجابات، وأفضّل أن ألوّن بدل أن أضيف إلىالكلمات كلمات جوفاء. أعلّق فوق نافذتي المفقودةزهرة الكاميليا الّتي أعطتنيها "سارّة المجدليّة"،أفرش في أرض الغرفة صفحات من "بغماليون" ل"شو"،وأبعثر فوق الجدران جميعا رباعيّة "الأرض الخراب"...تعجبني مأساتي اللّيلة ككلّ ليلة، وأؤجّل لحظة البكاءإلى همسة التّوحّد الأولى لديك مهزوم على التّلّة:( كوكوريو...) ( كوكوريكو...)كان يجيء مع الصّوت،مع نفثات سيجارتي الأولى. بقميص كحليّ تتعامد عليهخطوط بيضاء، وابتسامته الملغزةزمازلت أذكر ما قالت "فرجينيا"، لكنّيلم أستطع أبدا الإساءة إليه... كان يغنّي فأغنّي،ويأخذ بيدي، ليغرقني حيث غرق "فيليباس الفينيقيّ".أنا "فيليباس"... أنا "نيسان" الوحشيّ... أنا الورقةالبيضاء الّتي كانت حيّرت السّيّدة "سوزوسترس"، وكنتعمّدت بقطرة ماء جدب الأشياء.قال لي "ترسياس":- هل أحببت "إليوت"؟أو، عفوا، أخطأت.قال لي "إليوت":- هل كنت رأيت "ترسياس" في السّاعة البنفسجيّةالّتي كانت تحمل الرّاقنة إلى بيتها بعد الظّهر،و"سويني" والسّيّدة "بورتر" إلى لحظة حزن مجنونة؟!كنت أجبت بأنّي رأيت –بأنّي عرفت وجرحت –وأنّي عشقت الأشياء جميعا –وسمعت الأصوات جميعا –وبأنّي خارج دقّات هذه السّاعة لا أعني شيئاولا أرى الضّوء الشّاحب، ولا المنسيّينأراهم يمشون إلى الخلف... ولكنّي لمأسمع هذه اللّيلةومن كوّة نافذة عزلاء، كان النّدب يشيّع سيّدة الأشياء!!*العين في: 26 تشرين الثّاني 2007
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.