بيروت

لـ محمود درويش، ، في غير مُحدد

بيروت - محمود درويش

تفّاحة للبحر، نرجسة الرخام ،
 
فراشة حجريّة بيروت. شكل الروح في المرآه،
 
وصف المرأة الأولى، ورائحة الغمام .
 
بيروت من تعب ومن ذهب، وأندلس وشام .
 
فضّة، زبد، وصايا الأرض في ريش الحمام.
 
وفاة سنبلة، تشرّد نجمة بيني وبين حبيبتي بيروت .
 
لم أسمع دمي من قبل ينطق باسم عاشقة تنام على دمي... و تنام ...
 
من مطر على البحر اكتشفنا الإسم، من طعم الخريف وبرتقال
 
القادمين من الجنوب، كأنّنا أسلافنا نأتي إلى بيروت كي نأتي إلى
 
بيروت ...
 
من مطر بنينا كوخنا، والريح لا تجري فلا نجري، كأنّ الريح
 
مسمار على الصلصال، تحفر قبونا فننام مثل النمل في القبو
 
الصغير
 
كأننا كنا نغنيّ خلسة :
 
بيروت خيمتنا
 
بيروت نجمتنا
 
سبايا نحن في هذا الزمان الرخو
 
أسلمنا الغزاة إلى أهالينا
 
فما كدنا نعضّ الأرض حتى انقضّ حامينا
 
على الأعراس و الذكرى فوزّعنا أغانينا على الحرّاس
 
من ملك على عرش
 
إلى ملك على نعش
 
سبايا نحن في هذا الزمّان الرخو
 
لم نعثر على شبه نهائي سوى دمنا
 
و لم نعثر على ما يجعل السلطان شعبيّا
 
و لم نعثر على ما يجعل السجان وديا
 
و لم نعثر على شيء يدلّ على هويتنا
 
سوى دمنا الذي يتسلّق الجدران ...
 
ننشد خلسة:
 
بيروت خيمتنا
 
بيروت نجمتنا
 
...و نافذة تطلّ على رصاص البحر
 
يسرقنا جميعا شارع و موشّح
 
بيروت شكل الظلّ
 
أجمل من قصيدتها و أسهل من كلام الناس
 
تغرينا بداية مفتوحة و بأبجديات جديدة :
 
بيروت خيمتنا الوحيدة
 
بيروت نجمتنا الوحيدة
 
هل تمدّدنا عل صفصافها لنقيس أجسادا محاها البحر عن أجسادنا
 
جئنا إلى بيروت من أسمائنا الأولى
 
نفتّش عن نهايات الجنوب و عن وعاء القلب ...
 
سال القلب سال ...
 
و هل تمدّدنا على الأطلال كي نون الشمال بقامة الأغلال؟
 
مال الظلّ مال عليّ، كسّرني و بعثرني
 
و طال الظلّ طال...
 
ليسرو الشجر الذي يسرو ليحملنا من الأعناق
 
عنقودا من القتلى بلا سبب...
 
و جئنا من بلاد لا بلاد لها
 
و جئنا من يد ألفصحى و من تعب...
 
خراب هذه الأرض التي تمتدّ من قصر الأمير إلى زنازننا
 
و من أحلامنا الأولى إلى... حطب
 
فأعطينا جدارا واحدا لنصيح يا بيروت!
 
أعطينا جدارا كي نرى أفقا و نافذة من اللهب
 
و أعطينا جدارا كي نعلّق فوقه سدوم
 
التي انقسمت إلى عشرين مملكة
 
لبيع النفط ...و العربي
 
و أعطينا جدارا واحدا
 
لنصيح في شبه الجزيرة :
 
بيروت خيمتنا الأخيرة
 
بيروت نجمتنا الأخيرة
 
أفقّ رصاصيّ تناثر في الأفق
 
طرقّ من الصدف المجوّف... لا طرق
 
و من المحيط إلى الجحيم
 
من الجحيم إلى الخليج
 
و من اليمين إلى اليمين إلى الوسط
 
شاهدت مشنقة فقط
 
شاهدت مشنقة بحبل
 
واحد
 
من أجل مليوني عنق !
 
بيروت! من اين الطريق لإلى نوافذ قرطبة
 
أنا لا أهاجر مرتّين
 
و لا أحبّك مرتين
 
و لا أرى في البحر غير البحر ...
 
لكنيّ أحوّم حول أحلامي
 
و أدعو الأرض جمجمة لروحي المتعبة
 
و أريد أن أمشي
 
لأمشي
 
ثم أسقط في الطريق
 
إلى نوافذ قرطبة
 
بيروت شاهدة على قلبي
 
و أرحل عن شوارعها و عنيّ
 
عالقا بقصيدة لا تنتهي
 
و أقول ناري لا تموت ...
 
على البنايات الحمام
 
على بقاياها السلام...
 
أطوي المدينة مثلما أطوي الكتاب
 
و أحمل الأرض الصغيرة مثل كيس من سحاب
 
أصحو و أبحث في ملابس جثتي عنيّ
 
فنضحك: نحن ما زلنا على قيد الحياة
 
وسائر الحكّام
 
شكرا للجريدة لم تقل أني سقطت هناك سهوا...
 
أفتح الطرق الصغيرة للهواء و خطوتي و الأصدقاء العابرين
 
و تاجر الخبز الخبيث، و صورة البحر الجديدة
 
شكرا لبيروت الضباب
 
شكرا لبيروت الخراب ...
 
تكسّرت روحي، سأرمي جثّتي لتصيبني الغزوات ثانية
 
و يسلمني الغزاة إلى القصيدة...
 
أحمل اللغة المطيعة كالسحابة
 
فوق أرصفة القراءة و الكتابة:
 
"إن هذا البحر يترك عندنا آذانه و عيونه "
 
و يعود نحو البحر بحريّا
 
...و أحمل أرض كنعان التي اختلف الغزاة على مقابرها
 
و ما اختلف الرواة على الذي اختلف الغزاة عليه
 
من حجر ستنشأ دولة الغيتو
 
و من حجر سننشيء دولة العشّاق
 
أرتجل الوداع
 
و تغرق الدن الصغيرة في عبارات مشابهة
 
و ينمو الجرح فوق الرمح أو يتناوبان عليّ
 
حتى ينتهي هذا النشيد...
 
و أهبط الدرج الذي لا ينتهي بالقبو و الأعراس
 
أصعد مرة أخرى على الدرج الذي لا ينتهي بقصيدة ...
 
أهذي قليلا كي يكون الصحو و الجلاّد...
 
أصرخ: أيّها الميلاد عذّبني لأصرخ أيّها الميلاد...
 
من أجل التداعي أمتطي درب الشآم
 
لعلّ لي رؤيا
 
و أخجل من صدى الأجراس و هو يجيئني صدأ
 
و أصرخ في أثينا: كيف تنهارين فينا؟
 
ثم أهمس في خيام البدو :
 
وجهي ليس حنطيّا تماما و العروق مليئة بالقمح...
 
أسأل آخر الإسلام :
 
هل في البدء كان النفط
 
أم في البدء كان السخط ؟
 
أهذي ،ربمّا أبدو غريبا عن بني قومي
 
فقد يفرنقع الشعراء عن لغتي قليلا
 
كي أنظفها من الماضي و منهم...
 
لم أجد جدوى من الكلمات إلا رغبة الكلمات
 
في تغيير صاحبها ...
 
وداعا للذي سنراه
 
للفجر الذي سيشقّنا عمّا قليل
 
لمدينة ستعيدنا لمدينة
 
لتطول رحلتنا و حكمتنا
 
وداعا للسيوف و للنخيل
 
لحماية ستطير من قلبين محروقين بالماضي
 
إلى سقف من القرميد ...
 
هل مرّ المحارب من هنا
 
كقذيقة في الحرب؟
 
هل كسرت شظاياه كؤوس الشاي في المقهى؟
 
أرى مدنا من الورق المسلح بالملوك و بدلة الكاكي ؟
 
أرى مدنا تتوج فاتحيها
 
و الشرق عكس الغرب أحيانا
 
و شرق الغرب أحيانا
 
و صورته و سلعته...
 
أرى مدنا تتوّج فاتحيها
 
و تصدّر الشهداء كي تستورد الويسكي
 
و أحدث منجزات الجنس و التعذيب ...
 
هل مرّ المحارب من هنا
 
كقذيفة في الحرب؟
 
هل كسرت شظايا كؤوس الشاي في المقهى ؟
 
أرى مدنا تعلّق عاشقيها
 
فوق أغصان الحديد
 
و تشرّد الأسماء عند الفجر...
 
...عند الفجر يأتي سادن الصنم الوحيد
 
ماذا نودّع غير هذا السجن ؟
 
ماذا يخسر السجناء؟
 
نمشي نحو أغنية بعيدة
 
نمشي إلى الحرية الأولى
 
فنلمس فتنة الدنيا لأول مرة في العمر ...
 
هذا الفجر أزرق
 
و الهواء يرى و يؤكل مثل حبّ التين
 
نصعد
 
واحدا
 
و ثلاثة
 
مائة
 
و ألفا
 
باسم شعب نائم في هذه الساعات
 
عند الفجر عند الفجر، نختتم القصيدة
 
و نرتب الفوضى على درجات هذا الفجر
 
بوركت الحياة
 
و بورك الأحياء
 
فوق الأرض
 
لا تحت الطغاة
 
تحيا الحياة !
 
تحيا الحياة !
 
قمر على بعلبك
 
ودم على بيروت
 
يا حلو، من صبّك
 
فرسا من الياقوت!
 
قل لي، و من كبّك
 
نهرين في تابوت!
 
يا ليت لي قلبك
 
لأموت حين أموت
 
...من مبنى بلا معنى إلى بلا مبنى وجدنا الحرب ...
 
هل بيروت نرآه لنكسرها و ندخل في الشظايا
 
أم مرايا نحن يكسرنا الهواء؟
 
تعال يا جندي حدثني عن الشرطيّ:
 
هل أوصلت أزهاري إلى الشبّاك ؟
 
هل بلّغت صمتي للذين أحبّهم و لأول الشهداء؟
 
هل قتلاك ماتوا من أجلي و أجل البحر ...
 
أم هجموا عليّ وجرّدوني من يد امرأة
 
تعدّ الشاي لي و النّاي للمتحاربين ؟
 
و هل تغيّرت الكنيسة بعدما خلعوا على المطران زيّا عسكريا؟
 
أم تغيّرت الفريسة ؟
 
هل تغيرت الكنيسة
 
أم تغيّرنا؟
 
شوارع حولنا تلتفّ
 
خذ بيروت من بيروت، وزّعها على المدن
 
النتيجة: فسحة للقبو
 
ضع بيروت في بيروت ،واسحبها من المدن
 
النتيجة: حانة للهو
 
...نمشي بين قنبلتين
 
_هل نعتاد هذا الموت ؟
 
_هل تعرف القتلى جميعا؟
 
_أعرف العشّاق من نظراتهم
 
و أرى عليها القاتلات الراضيات بسحرهن و كيدهن
 
..و ننحني لتمر قنبلة؟
 
نتابع ذكريات الحرب في أيامها الأولى
 
_ترى، ذهبت قصيدتنا سدى
 
_لا... لا أظنّ
 
_إذن، لماذا تسبق الحرب القصيدة
 
_نطلب الإيقاع من حجر فلا يأتي
 
و للشعراء آلهة قديمة
 
...و تمرّ قنبلة، فندخل حانة في فندق الكومودور
 
_يعجبني كثيرا صمت رامبو
 
أو رسائله التي نطقت بها إفريقيا
 
_و خسرت كافافي
 
_لماذا
 
_قال لي: لا تترك الاسكندرية باحثا عن غيرها
 
_ووجدت كافكا تحت جلدي نائما
 
و ملائما لعباءة الكابوس ،و البوليس فينا
 
_ارفعوا عنيّ يدي
 
_ماذا ترى في الأفق؟
 
_أفقا آخرا
 
_هل تعرف القتلى جميعا ؟
 
_و الذيت سيولدون...
 
سيولدون
 
تحت الشجر
 
و سيولدون
 
تحت المطر
 
و سيولدون
 
من الحجر
 
و سيولدون
 
من الشظايا
 
يولدون
 
من المرايا
 
يولدون
 
من الزوايا
 
و سيولدون
 
من الهزائم
 
يولدون
 
من الخواتم
 
يولدون
 
من البراعم
 
و سيولدون
 
من البداية
 
يولدون
 
من الحكاية
 
يولدون
 
بلا نهاية
 
و سيولدون، و يكبرون، و يقتلون ،
 
و يولدون، و يولدون، و يولدون
 
فسّر ما يلي :
 
بيروت ( بحر -حرب - حبر - ربح )
 
البحر : أبيض أو رصاصيّ و في إبريل أخضر ،
 
أزرق، لكنه يحمرّ في كل الشهور إذا غضب
 
و البحر : مال على دمي
 
ليكون صورة من أحبّ
 
الحرب : تهدم مسرحيتنا لتلعب دون نص أو كتاب
 
و الحرب : ذاكرة البدائيين و المتحضرين
 
و الحرب : أولها دماء
 
و الحرب : آخرها هواء
 
و الحرب : تثقب ظلّنا لتمرّ من باب لباب
 
الحبر : للفصحى و للضباط و المتفرجين على أغانينا
 
و للمستسلمين لمنظر البحر الحزين
 
الحبر : نمل أسود، أو سيّد
 
و الحبر : برزخنا الأمين
 
و الربح : مشتق من الحرب التي تنتهي
 
منذ ارتدت أجسادنا المحراث
 
منذ الرحلة الأولى إلى صيد الظباء
 
حتى بزوغ الاشتراكيين في آسيا و في إفريقيا!
 
و الربح : يحكمنا
 
يشردنا عن الأدوات و الكلمات
 
يسرق لحمنا
 
و يبيعه
 
بيروت أسواق على البحر
 
اقتصاد يهدم الإنتاج
 
كي يبني المطاعم و الفنادق ...
 
دولة في شارع أو شقّة
 
مقهى يدور كزهرة العبّاد نحو الشمس
 
وصف للرحيل و للجمال الحرّ
 
فردوس الدقائق
 
مقعد في ريش عصفور
 
جبال تنحني للبحر
 
بحر صاعدة نحو الجبال
 
غزالة مذبوحة بجناح دوريّ
 
و شعب لا يحب الظل
 
بيروت_ الشوارع في سفن
 
بيروت_ ميناء لتجميع المدن
 
دارت علينا و استدارت .أدبرت و استدبرت
 
هل غيمة أخرى تخون الناظرين إليك يا بيروت؟
 
هندسة تلائم شهوة الفئة الجديدة
 
طحلب الأيام بين المدّ و الجزر
 
النفايات التي طارت من الطبقات نحو العرش ...
 
هندسة التحلّل و التشكّل
 
واختلاط السائرين على الرصيف عشيّة الزلزال...
 
دارت و استدارت
 
هندسيّتها خطوط العالم الآتي إلى السوق الجديد
 
يشتري و يباع. يعلو ثم يهبط مثل أسعار الدولار
 
و أونصة الذهب التي تعلو و تهبط وفق أسعار الدم الشرقيّ
 
لا... بيروت بوصلة المحارب...
 
نأخذ الأولاد نحو البحر كي يثقوا بنا...
 
ملك هو الملك الجديد...
 
وصوت فيروز الموزّع بالتساوي بين طائفتين
 
يرشدنا إلى ما يجعل الأعداء عائلة
 
و لبنان انتظار بين مرحلتين من تاريخنا الدمويّ
 
_هل ضاق الطريق
 
و من خطاك الدرب يبدأ يا رفيق ؟
 
_محاصر بالبحر و الكتب المقدسة
 
_انتهينا؟
 
_لا. سنصمد مثل آثار القدامى
 
مثل جمجمة على الأيام نصمد
 
كالهواء و نظرة الشهداء نصمد...
 
يخلطان الليل بالمتراس. ينتظران ما لا يعرفان
 
يخبّئان العالم العربيّ في مزق تسمّى وحدة...
 
يتقاسمان الليل :
 
_ليلى لا تصدّقني
 
و لكني أصدّق ححلمتيها حين تنتفضان ...
 
أغرتني بمشيتها الرشيقة :
 
أيطلا ظبي ،و ساق غزالة، و جناح شحرور، وومضة شمعدان
 
كلّما عانقتها طلبت رصاصا طائشا
 
_ملك هو الملك الجديد
 
إلى متى نلهو بهذا الموت ؟
 
_لا أدري، و لكنّا سنحرس شاعرا في المهرجان
 
_لأيّ حزب ننتمي ؟
 
_حزب الدفاع عن البنوك الأجنبية واقتحام البرلمان
 
_إلى متى تتكاثر الأحزاب، و الطبقات قلّت يا رفيق الليل؟
 
_لا أدري ،
 
و لكن ربما أقضي عليك، و ربما تقضي عليّ
 
إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة...
 
_إنها الجمر الذي يأتي من الساقين
 
يحرقنا
 
_هي الصدر الذي يتنفّس الأمواج
 
يغرقنا
 
_هي العينان حين تضيّعان بداية الدنيا
 
_هي العنق الذي يشرب
 
_هي الشفتان حين تناديان الكوكب المالح
 
_هي الغامض
 
هي الواضح
 
_سأقتلك.المسدّس جاهز.ملك هو الملك ،
 
المسدّس جاهز.
 
بيروت شكل الشكل
 
هندسة الخراب...
 
الأربعاء .السبت .بائعة الخواتم
 
حاجز التفتيش. صيّاد. غنائم
 
لغة و فوضى. ليلة الإثنين .
 
قد صعدوا السلالم
 
و تناولوا أرزاقهم. من ليس منّا
 
فهو من عرب و عاربة .سوالم
 
يوم الثلاثاء. الخميس. الأربعاء.
 
و تأبطوا تسعين جيتارا و غنّوا
 
حول مائدة الشواء الآدمي
 
قمر على بعلبك
 
و دم على بيروت
 
يا حلو، من صبّك
 
فرسا من الياقوت
 
قل لي، و من كبّك
 
نهرين في تابوت
 
يا ليت لي قلبك
 
لأموت حين أموت ...
 
...أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار.
 
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
 
بيروت تفّاحة
 
و القلب لا يضحك
 
و حصارنا واحة
 
في عالم يهلك
 
سنرقّص الساحة
 
و نزوج الليلك
 
أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار
 
لم نبحث عن الأجداد في شجر الخرائط
 
لم نسافر خارج الخبز النقيّ و ثوبنا الطينيّ
 
لم نرسل إلى صدف البحيرات القديمة صورة الآباء
 
لم نولد لتسأل: كيف تمّ الانتقال الفذّ مما ليس عضويا
 
إلى العضوي؟
 
لم نولد لتسأل ...
 
قد ولدنا كيفما اتفق
 
انتشرنا كالنمال على الحصيرة
 
ثم أصبحنا خيولا تسحب العربات...
 
نحن الواقفين على خطوط النار
 
أحرقنا زوارقنا، و عانقنا بنادقنا
 
سنوقظ هذه الأرض التي استندت إلى دمنا
 
سنوقظها، و نخرج من خلاياها ضحايانا
 
سنغسل شعرهم بدموعنا البيضاء
 
نسكب فوق أيديهم حليب الروح كي يستيقظوا
 
و نرش فوق جفونهم أصواتنا:
 
قوموا ارجعوا للبيت يا أحبابنا
 
عودوا إلى الريح التي اقتلعت جنوب الأرض من أضلاعنا
 
عودوا إلى البحر الذي لا يذكر الموتى و لا الأحياء
 
عودوا مرة أخرى
 
فلم نذهب وراء خطاكم عبثا
 
مراكبنا هنا احترقت
 
و ليس سواكم أرض ندافع عن تعرّجها و حنطتها
 
سندفع عنكم النسيان، نحميكم
 
بأسلحة صككمناها لكم من عظم أيديكم
 
نسيجكم بجمجمة لكم
 
و بركة زلقت
 
فليس سواكم أرضا نسمّر فوقها أقدامنا...
 
عودوا لنحميكم...
 
"و لو أنّا على حجر ذبحنا "
 
لن نغادر ساحة الصمت التي سوت أياديكم
 
سنفديها و نفديكم
 
مراكبنا هنا احترقت
 
و خيّمنا على الريح التي اختنقت هنا فيكم
 
و لو صعدت جيوش الأرض هذا الحائط البشريّ
 
لن نرتدّ عن جغرافيا دمكم.
 
مراكبنا هنا احترقت
 
و منكم... من ذراع لن تعانقنا
 
سنبني جسرنا فيكم
 
شوتنا الشمس
 
أدمتنا عظام صدوركم
 
حفت مفاصلنا منافيكم
 
"و لو أنّا على حجر ذبحنا"
 
لن نقول" نعم"
 
فمن دمنا إلى دمنا حدود الأرض
 
من دمنا إلى دمنا
 
سماء عيونكم و حقول أيديكم
 
نناديكم
 
فيرتدّ الصدى بلدا
 
نناديكم
 
فيرتد الصدى جسدا
 
من الأسمنت
 
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
 
لن تنرك الخندق
 
حتى يمرّ الليل
 
بيروت للمطلق
 
و عيوننا للرمل
 
في البدء لم نخلق
 
في البدء كان القول
 
و الآن في الخندق
 
ظهرت سمات الحمل
 
تفّاحة في البحر، إمرأة الدم المعجون بالأقواس ،
 
شطرنج الكلام،
 
بقيّة الروح ،استغاثات الندى ،
 
قمر تحطّم فوق مصطبة الظلام
 
بيروت، و الياقوت حين يصيح من وهج على ظهر الحمام
 
حلم سنحمله. و نحمله متى شئنا. نعلّقه على أعناقنا
 
بيروت زنبقة الحطام
 
و قبلة أولى. مديح الزنزلخت .معاطف للبحر و القتلى
 
سطوح للكواكب و الخيام
 
قصيدة الحجر. ارتطام بين قبرّتين تختبئان في صدر...
 
سماء مرّة جلست على حجر تفكّر ،
 
وردة مسموعة بيروت. صوت فاصل بين الضحية و الحسام .
 
ولد أطاح بكل ألواح الوصايا
 
و المرايا
 
ثم... نام ..
 
ثم... نام ..
 
ثم... نام ..
 
ثم... نام ..
 
ثم... نام ..
 
ثم... نام ..
 
ثم... نام ..
 
و أهبط الدرج الذي لا ينتهي بالقبو و الأعراس
 
أصعد مرة أخرى على الدرج الذي لا ينتهي بقصيدة ...
 
أهذي قليلا كي يكون الصحو و الجلاّد...
 
أصرخ: أيّها الميلاد عذّبني لأصرخ أيّها الميلاد...
 
من أجل التداعي أمتطي درب الشآم
 
لعلّ لي رؤيا
 
و أخجل من صدى الأجراس و هو يجيئني صدأ
 
و أصرخ في أثينا: كيف تنهارين فينا؟
 
ثم أهمس في خيام البدو :
 
وجهي ليس حنطيّا تماما و العروق مليئة بالقمح...
 
أسأل آخر الإسلام :
 
هل في البدء كان النفط
 
أم في البدء كان السخط ؟
 
أهذي ،ربمّا أبدو غريبا عن بني قومي
 
فقد يفرنقع الشعراء عن لغتي قليلا
 
كي أنظفها من الماضي و منهم...
 
لم أجد جدوى من الكلمات إلا رغبة الكلمات
 
في تغيير صاحبها ...
 
وداعا للذي سنراه
 
للفجر الذي سيشقّنا عمّا قليل
 
لمدينة ستعيدنا لمدينة
 
لتطول رحلتنا و حكمتنا
 
وداعا للسيوف و للنخيل
 
لحماية ستطير من قلبين محروقين بالماضي
 
إلى سقف من القرميد ...
 
هل مرّ المحارب من هنا
 
كقذيقة في الحرب؟
 
هل كسرت شظاياه كؤوس الشاي في المقهى؟
 
أرى مدنا من الورق المسلح بالملوك و بدلة الكاكي ؟
 
أرى مدنا تتوج فاتحيها
 
و الشرق عكس الغرب أحيانا
 
و شرق الغرب أحيانا
 
و صورته و سلعته...
 
أرى مدنا تتوّج فاتحيها
 
و تصدّر الشهداء كي تستورد الويسكي
 
و أحدث منجزات الجنس و التعذيب ...
 
هل مرّ المحارب من هنا
 
كقذيفة في الحرب؟
 
هل كسرت شظايا كؤوس الشاي في المقهى ؟
 
أرى مدنا تعلّق عاشقيها
 
فوق أغصان الحديد
 
و تشرّد الأسماء عند الفجر...
 
...عند الفجر يأتي سادن الصنم الوحيد
 
ماذا نودّع غير هذا السجن ؟
 
ماذا يخسر السجناء؟
 
نمشي نحو أغنية بعيدة
 
نمشي إلى الحرية الأولى
 
فنلمس فتنة الدنيا لأول مرة في العمر ...
 
هذا الفجر أزرق
 
و الهواء يرى و يؤكل مثل حبّ التين
 
نصعد
 
واحدا
 
و ثلاثة
 
مائة
 
و ألفا
 
باسم شعب نائم في هذه الساعات
 
عند الفجر عند الفجر، نختتم القصيدة
 
و نرتب الفوضى على درجات هذا الفجر
 
بوركت الحياة
 
و بورك الأحياء
 
فوق الأرض
 
لا تحت الطغاة
 
تحيا الحياة !
 
تحيا الحياة !
 
قمر على بعلبك
 
ودم على بيروت
 
يا حلو، من صبّك
 
فرسا من الياقوت!
 
قل لي، و من كبّك
 
نهرين في تابوت!
 
يا ليت لي قلبك
 
لأموت حين أموت
 
...من مبنى بلا معنى إلى بلا مبنى وجدنا الحرب ...
 
هل بيروت نرآه لنكسرها و ندخل في الشظايا
 
أم مرايا نحن يكسرنا الهواء؟
 
تعال يا جندي حدثني عن الشرطيّ:
 
هل أوصلت أزهاري إلى الشبّاك ؟
 
هل بلّغت صمتي للذين أحبّهم و لأول الشهداء؟
 
هل قتلاك ماتوا من أجلي و أجل البحر ...
 
أم هجموا عليّ وجرّدوني من يد امرأة
 
تعدّ الشاي لي و النّاي للمتحاربين ؟
 
و هل تغيّرت الكنيسة بعدما خلعوا على المطران زيّا عسكريا؟
 
أم تغيّرت الفريسة ؟
 
هل تغيرت الكنيسة
 
أم تغيّرنا؟
 
شوارع حولنا تلتفّ
 
خذ بيروت من بيروت، وزّعها على المدن
 
النتيجة: فسحة للقبو
 
ضع بيروت في بيروت ،واسحبها من المدن
 
النتيجة: حانة للهو
 
...نمشي بين قنبلتين
 
_هل نعتاد هذا الموت ؟
 
_هل تعرف القتلى جميعا؟
 
_أعرف العشّاق من نظراتهم
 
و أرى عليها القاتلات الراضيات بسحرهن و كيدهن
 
..و ننحني لتمر قنبلة؟
 
نتابع ذكريات الحرب في أيامها الأولى
 
_ترى، ذهبت قصيدتنا سدى
 
_لا... لا أظنّ
 
_إذن، لماذا تسبق الحرب القصيدة
 
_نطلب الإيقاع من حجر فلا يأتي
 
و للشعراء آلهة قديمة
 
...و تمرّ قنبلة، فندخل حانة في فندق الكومودور
 
_يعجبني كثيرا صمت رامبو
 
أو رسائله التي نطقت بها إفريقيا
 
_و خسرت كافافي
 
_لماذا
 
_قال لي: لا تترك الاسكندرية باحثا عن غيرها
 
_ووجدت كافكا تحت جلدي نائما
 
و ملائما لعباءة الكابوس ،و البوليس فينا
 
_ارفعوا عنيّ يدي
 
_ماذا ترى في الأفق؟
 
_أفقا آخرا
 
_هل تعرف القتلى جميعا ؟
 
_و الذيت سيولدون...
 
سيولدون
 
تحت الشجر
 
و سيولدون
 
تحت المطر
 
و سيولدون
 
من الحجر
 
و سيولدون
 
من الشظايا
 
يولدون
 
من المرايا
 
يولدون
 
من الزوايا
 
و سيولدون
 
من الهزائم
 
يولدون
 
من الخواتم
 
يولدون
 
من البراعم
 
و سيولدون
 
من البداية
 
يولدون
 
من الحكاية
 
يولدون
 
بلا نهاية
 
و سيولدون، و يكبرون، و يقتلون ،
 
و يولدون، و يولدون، و يولدون
 
بيروت ( بحر -حرب - حبر - ربح )
 
البحر : أبيض أو رصاصيّ و في إبريل أخضر ،
 
أزرق، لكنه يحمرّ في كل الشهور إذا غضب
 
و البحر : مال على دمي
 
ليكون صورة من أحبّ
 
الحرب : تهدم مسرحيتنا لتلعب دون نص أو كتاب
 
و الحرب : ذاكرة البدائيين و المتحضرين
 
و الحرب : أولها دماء
 
و الحرب : آخرها هواء
 
و الحرب : تثقب ظلّنا لتمرّ من باب لباب
 
الحبر : للفصحى و للضباط و المتفرجين على أغانينا
 
و للمستسلمين لمنظر البحر الحزين
 
الحبر : نمل أسود، أو سيّد
 
و الحبر : برزخنا الأمين
 
و الربح : مشتق من الحرب التي تنتهي
 
منذ ارتدت أجسادنا المحراث
 
منذ الرحلة الأولى إلى صيد الظباء
 
حتى بزوغ الاشتراكيين في آسيا و في إفريقيا!
 
و الربح : يحكمنا
 
يشردنا عن الأدوات و الكلمات
 
يسرق لحمنا
 
و يبيعه
 
بيروت أسواق على البحر
 
اقتصاد يهدم الإنتاج
 
كي يبني المطاعم و الفنادق ...
 
دولة في شارع أو شقّة
 
مقهى يدور كزهرة العبّاد نحو الشمس
 
وصف للرحيل و للجمال الحرّ
 
فردوس الدقائق
 
مقعد في ريش عصفور
 
جبال تنحني للبحر
 
بحر صاعدة نحو الجبال
 
غزالة مذبوحة بجناح دوريّ
 
و شعب لا يحب الظل
 
بيروت_ الشوارع في سفن
 
بيروت_ ميناء لتجميع المدن
 
دارت علينا و استدارت .أدبرت و استدبرت
 
هل غيمة أخرى تخون الناظرين إليك يا بيروت؟
 
هندسة تلائم شهوة الفئة الجديدة
 
طحلب الأيام بين المدّ و الجزر
 
النفايات التي طارت من الطبقات نحو العرش ...
 
هندسة التحلّل و التشكّل
 
واختلاط السائرين على الرصيف عشيّة الزلزال...
 
دارت و استدارت
 
هندسيّتها خطوط العالم الآتي إلى السوق الجديد
 
يشتري و يباع. يعلو ثم يهبط مثل أسعار الدولار
 
و أونصة الذهب التي تعلو و تهبط وفق أسعار الدم الشرقيّ
 
لا... بيروت بوصلة المحارب...
 
نأخذ الأولاد نحو البحر كي يثقوا بنا...
 
ملك هو الملك الجديد...
 
وصوت فيروز الموزّع بالتساوي بين طائفتين
 
يرشدنا إلى ما يجعل الأعداء عائلة
 
و لبنان انتظار بين مرحلتين من تاريخنا الدمويّ
 
_هل ضاق الطريق
 
و من خطاك الدرب يبدأ يا رفيق ؟
 
_محاصر بالبحر و الكتب المقدسة
 
_انتهينا؟
 
_لا. سنصمد مثل آثار القدامى
 
مثل جمجمة على الأيام نصمد
 
كالهواء و نظرة الشهداء نصمد...
 
يخلطان الليل بالمتراس. ينتظران ما لا يعرفان
 
يخبّئان العالم العربيّ في مزق تسمّى وحدة...
 
يتقاسمان الليل :
 
_ليلى لا تصدّقني
 
و لكني أصدّق ححلمتيها حين تنتفضان ...
 
أغرتني بمشيتها الرشيقة :
 
أيطلا ظبي ،و ساق غزالة، و جناح شحرور، وومضة شمعدان
 
كلّما عانقتها طلبت رصاصا طائشا
 
_ملك هو الملك الجديد
 
إلى متى نلهو بهذا الموت ؟
 
_لا أدري، و لكنّا سنحرس شاعرا في المهرجان
 
_لأيّ حزب ننتمي ؟
 
_حزب الدفاع عن البنوك الأجنبية واقتحام البرلمان
 
_إلى متى تتكاثر الأحزاب، و الطبقات قلّت يا رفيق الليل؟
 
_لا أدري ،
 
و لكن ربما أقضي عليك، و ربما تقضي عليّ
 
إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة...
 
_إنها الجمر الذي يأتي من الساقين
 
يحرقنا
 
_هي الصدر الذي يتنفّس الأمواج
 
يغرقنا
 
_هي العينان حين تضيّعان بداية الدنيا
 
_هي العنق الذي يشرب
 
_هي الشفتان حين تناديان الكوكب المالح
 
_هي الغامض
 
هي الواضح
 
_سأقتلك.المسدّس جاهز.ملك هو الملك ،
 
المسدّس جاهز.
 
بيروت شكل الشكل
 
هندسة الخراب...
 
الأربعاء .السبت .بائعة الخواتم
 
حاجز التفتيش. صيّاد. غنائم
 
لغة و فوضى. ليلة الإثنين .
 
قد صعدوا السلالم
 
و تناولوا أرزاقهم. من ليس منّا
 
فهو من عرب و عاربة .سوالم
 
يوم الثلاثاء. الخميس. الأربعاء.
 
و تأبطوا تسعين جيتارا و غنّوا
 
حول مائدة الشواء الآدمي
 
قمر على بعلبك
 
و دم على بيروت
 
يا حلو، من صبّك
 
فرسا من الياقوت
 
قل لي، و من كبّك
 
نهرين في تابوت
 
يا ليت لي قلبك
 
لأموت حين أموت ...
 
...أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار.
 
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
 
بيروت تفّاحة
 
و القلب لا يضحك
 
و حصارنا واحة
 
في عالم يهلك
 
سنرقّص الساحة
 
و نزوج الليلك
 
أحرقنا مراكبنا. و علّقنا كواكبنا على الأسوار
 
لم نبحث عن الأجداد في شجر الخرائط
 
لم نسافر خارج الخبز النقيّ و ثوبنا الطينيّ
 
لم نرسل إلى صدف البحيرات القديمة صورة الآباء
 
لم نولد لتسأل: كيف تمّ الانتقال الفذّ مما ليس عضويا
 
إلى العضوي؟
 
لم نولد لتسأل ...
 
قد ولدنا كيفما اتفق
 
انتشرنا كالنمال على الحصيرة
 
ثم أصبحنا خيولا تسحب العربات...
 
نحن الواقفين على خطوط النار
 
أحرقنا زوارقنا، و عانقنا بنادقنا
 
سنوقظ هذه الأرض التي استندت إلى دمنا
 
سنوقظها، و نخرج من خلاياها ضحايانا
 
سنغسل شعرهم بدموعنا البيضاء
 
نسكب فوق أيديهم حليب الروح كي يستيقظوا
 
و نرش فوق جفونهم أصواتنا:
 
قوموا ارجعوا للبيت يا أحبابنا
 
عودوا إلى الريح التي اقتلعت جنوب الأرض من أضلاعنا
 
عودوا إلى البحر الذي لا يذكر الموتى و لا الأحياء
 
عودوا مرة أخرى
 
فلم نذهب وراء خطاكم عبثا
 
مراكبنا هنا احترقت
 
و ليس سواكم أرض ندافع عن تعرّجها و حنطتها
 
سندفع عنكم النسيان، نحميكم
 
بأسلحة صككمناها لكم من عظم أيديكم
 
نسيجكم بجمجمة لكم
 
و بركة زلقت
 
فليس سواكم أرضا نسمّر فوقها أقدامنا...
 
عودوا لنحميكم...
 
"و لو أنّا على حجر ذبحنا "
 
لن نغادر ساحة الصمت التي سوت أياديكم
 
سنفديها و نفديكم
 
مراكبنا هنا احترقت
 
و خيّمنا على الريح التي اختنقت هنا فيكم
 
و لو صعدت جيوش الأرض هذا الحائط البشريّ
 
لن نرتدّ عن جغرافيا دمكم.
 
مراكبنا هنا احترقت
 
و منكم... من ذراع لن تعانقنا
 
سنبني جسرنا فيكم
 
شوتنا الشمس
 
أدمتنا عظام صدوركم
 
حفت مفاصلنا منافيكم
 
"و لو أنّا على حجر ذبحنا"
 
لن نقول" نعم"
 
فمن دمنا إلى دمنا حدود الأرض
 
من دمنا إلى دمنا
 
سماء عيونكم و حقول أيديكم
 
نناديكم
 
فيرتدّ الصدى بلدا
 
نناديكم
 
فيرتد الصدى جسدا
 
من الأسمنت
 
نحن الواقفين على خطوط النار نعلن ما يلي:
 
لن تنرك الخندق
 
حتى يمرّ الليل
 
بيروت للمطلق
 
و عيوننا للرمل
 
في البدء لم نخلق
 
في البدء كان القول
 
و الآن في الخندق
 
ظهرت سمات الحمل
 
تفّاحة في البحر، إمرأة الدم المعجون بالأقواس ،
 
شطرنج الكلام،
 
بقيّة الروح ،استغاثات الندى ،
 
قمر تحطّم فوق مصطبة الظلام
 
بيروت، و الياقوت حين يصيح من وهج على ظهر الحمام
 
حلم سنحمله. و نحمله متى شئنا. نعلّقه على أعناقنا
 
بيروت زنبقة الحطام
 
و قبلة أولى. مديح الزنزلخت .معاطف للبحر و القتلى
 
سطوح للكواكب و الخيام
 
قصيدة الحجر. ارتطام بين قبرّتين تختبئان في صدر...
 
سماء مرّة جلست على حجر تفكّر ،
 
وردة مسموعة بيروت. صوت فاصل بين الضحية و الحسام .
 
ولد أطاح بكل ألواح الوصايا
 
و المرايا
 
ثم... نام.
 
ثم... نام.
© 2024 - موقع الشعر