كم آيةٍ لله في خلقهِمظهرها الحُسْنُ!يا من له قلبٌ.. ألا فاسقهِمن كأسنا نحنُلؤلؤتي! كم مرّةٍ قلتِ لي:«يا أبتاه، اروِ لنا قصّهْ...ما أوحشَ الليلَ بلا سلوةٍأما لنا من غدره فُرصه؟»وأنتِ من سنّكِ في باكرٍتُورث من جاوزها غُصّهلا تفهمين الشعر.. إلا إذاخفّ بمن يُنشد للرقصهحتى إذا عاينتِني ليلةًمُنهمكاً، وأنتِ في رُخصهأستطلع الأنجم في دُملجٍخُيِّلتِ لي -- من دونها - فَصّه!نبّهني صوتُك مسترفِداً:«أليس في شعرك لي حِصّه؟»بَلى! وبُلّغتِ، فلا عمرهايظلّ في الطوق.. ولا حفصهدونكِ من حبي - إذن - نفحةًتجمع بين الشعر والقصه..لبلبلٍ فُرِّق عن إلفهِيا ما رأى في قفص شخصه:****بنيّتي! إنْ كنتِ لم تخرجيإلى ضواحينافاتَكِ في حاضرنا المُبهجِأحوال ماضيناأبصرتُها خَوْداً على فقرهاكأنها الريحان في الآنيَهْترفع ما تجني على رأسهاحاسرةً - رأدَ الضحى - حافيهوسط نثار القمح تمشي بهِفي حقلها ضاحكةً لاهيهفلو بدا لل«حُسْن» في غيرهاما اختارها إلا على ما هيهقريرة العين بما تجتليمن فرشه، مُحتضناً واديهوالماء يجري تحتها سلسلاًينفض بُرْدَيْهِ، من الساقيهكم أنشد الطيرُ على بابهابكل ما تشعره هانيهكأنما ينبع من قلبهاما أنطقَ اللهُ به شاديهأغنيةً في الحب معسولةًلا الوزن يُزريها ولا القافيهغانيةٌ.. قد زانها أنّهاتنعم في الأسمال بالعافيهلقد أعادتْ للضحى أُنسَهُلما انثنتْ تيهاكأنّما «الحُسن» يرى نفسَهمُجسّماً فيهاوعاش للخَوْد ابنُ عمّ لهاكأنها رايته في الجهادْأَلّف ما بينهما سعيُهُلودِّها بالرزق من كل وادفحظّه منها على وصلهِكحظها منه - قراءٌ وزادكان اذا أمسى فهشّتْ لهُوحدّثته بليالي الحصادكأنما البدر على وجههايُشرق بالأنوار ملء الوهادكان إذا آوى إلى رحلهِحُبِّب في صمت إليه السُّهادكأنما الأنجم تُلقي لهُلألأةً عنها حديثاً يُعادولم تكن «نُعم» وقد نهّدتْأقلَّ إصغاءً لهمس الفؤادوإنما عاشتْ من الصون فيزهو الثريا، رغم قرب الوسادكأنما الحسنُ الذي زانَهاما صانها إلا لأمر يُرادكلاهما يسعى بلا مِنّةٍلراحة الآخرْضمّهما طيرين في جنةٍحبّهُما الطاهرْومرّتِ الأشهرُ في حسنهاأشبهَ شيء بشذور اللآلْكأنما هلّ بها كوكبٌفي غمرة من نوره، ثُمّ زالفكل صبح نظرةٌ.. تلتقيعلى معانٍ، كم لها من ظلالوكلَّ عصر، موعد.. ينتهيفي نزهة، يغفو عليها الخيالهل يذكر القُمريّ إذ أقبلايوماً، فأغضتْ طرفها في دلالوكفُّها اليسرى على صدرهافي مِجْول ضاء بها كالهلال«يا هانىءُ! اصْدقني، فلو نالنيغيرُك بالدنيا.. رفضتُ النوالأكنتَ تهوانيَ، لو لم يكنْلي في شباب العمر هذا الجمال؟»وكاد لا يُفصح عن ردّهِلولا دموع بدرت بانهمالفقرّبتْ فاهاً على رعشةٍتلقط من فيه جواب السؤالقد قدرّ الله لنا عيشةًفنحن نحياهاما كل من يُنشد أمنيةًيا نُعم! يُؤتاهاوزارها هانىءٌ يوماً علىغير الذي تعهد من حالِهِيجرّ ساقيه إلى كوخهاجرّاً، ويستأذن كالوالهفرابها أمرٌ.. وودّتْ أسىًلو أنها ناءتْ بأثقاله«ما لك يا هانئ!ُ تمشي كمنيرسف - مجروحاً - بأغلاله؟اللهَ في قلب تمادى بهِحبُّك.. لا تعبثْ بآمالهفأطرق الرأس مليّاً، كمنيستنكر الخرق بأسمالهوقال «يا بؤسي! ألا ليتنيمتُّ ولم أضرع لأمثاله...هذا المُعيديُّ الذي حقلُناملكٌ - بمن فيه - لأخوالهتوارثوا الملك يداً عن يدٍكأننا من بعض أنفالهفها هو اليومَ أتى خاطباًحُسنَكِ - لا كان - على ماله...»ولم يكد يلفظها - قطرةًمن كأسه المرّهحتى رآها جمدتْ.. صورةًثم هوتْ.. صخرهأهكذا ينهار في لمحةٍما عرّشَ الحب لأجنانهاوتذبل الآمال في روضهاولم تَطُفْ - بعدُ - بريحانهافليتها ما لبستْ حُلّةَ الْحُسنِ، ولا ضاء بوجدانهاإضاءةَ الشمس لما حولهاوهي مُعرّاة لنيرانهاوبُتَّ في الأمر، وتمّ الذيشاءتْ لها الأم بطغيانهافحفَّ بالغادة أترابهايُصلحنَ - كالعادة - من شانهامن كل حوراءَ.. كأنّ الكرىيضحك للصبح بأجفانهايُجلينها بالطيب في عَرْشةٍتعبق في حمرةِ أركانهافاختلجتْ في عينها دمعةٌغُصَّ به الحلقُ لتهتانهاوزُفّتِ البنتُ إلى عِرسهاقد علم الله بأشجانهاكوردة جَلوتُها لم تَطلْفي حضن مَيّاسِحتى حواها القصر بين الكِللْحانيةَ الراسِوأصبحتْ لؤلؤةَ القصر.. لاتملك للمالك إلا رضاهْفعطّرتْ فاهُ بأنفاسهاساعةَ ما دارتْ عليها يداهوبلّلتْ بالدمع أشواقَهُكما يبلُّ الزهر طِيباً نَداهلائذةً بالذلّ من صمتهابين يديْ عزّته حين فاه:«كم كنتُ أهواكِ، ولكننيأعبدكِ اليوم لهذا الشُّداه!»ولم يعد في قلبها موضعٌتشكوه من شدّة ما قد عراهكزورق في لجّة، غاب عننوتيّه الكوكبُ وَهْناً، فتاهتُنسيه في الليل هموم الضحىكأنها في الدهر معنى صِباهحتى إذا أغفى على حُلمهِعادت ترى في الحلم مالا يراهكأنما عاد لها عيشُهابين مجالي الزهر، حول المياهلم تألُ في خدمته جهدَهابحسنها الفانيدافنةً في قلبها عهدهال«قلبها» الثانيومرّتِ الأيام، والكلّ مِنْنُعم وما جدّ لها في حُبورْإلا فؤاداً في دُجى يأسهِتخطّفتْه جارحاتُ النسوركم ناشد الأنجمَ عن لحظهاوعن صباها البدرَ إذ يستديروناشد القُمْريَّ عن ضحكهاوعن سراها ناعساتِ الزهوروكم أجال الطرف من حولهِفلا يرى إلا الدوالي تدوروكوخها خلف الربى خاوياًمن بعدها تأوي إليه الطيورفيذرف الدمع على حالهِكأنما الدمع بقايا سطورمن قصة يحمل في قلبهِعنوانها، مُرخىً عليها ستوروكم أطلّتْ غادةُ القصر منشرفتها تحلم، والصبح نورفأبصرتْه مثلَ طيف الهنافي أرضها يُلقي عليها البذورأهكذا ينهار في عرسهاما شاده الحبُّ؟وينمحي ما خطَّ في طِرسهامن دمه القلبُ.
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.