سرقة المنشورات! - أحمد علي سليمان

أي خير يَجتني مَن يَسرقُ؟
هل إلى العلياء يوماً يَسبقُ؟

سِرْقة (المنشور) خِزيٌ ماحقٌ
لم يزلْ كل السجايا يَمحق

سُمعة السارق بالسطو خبتْ
بئستِ العادة بئس المنطق

أيها الساطون ما أحقرَكم
باء بالخيبة لصٌ يسرقُ

كيف تحيون بمجدٍ زائفٍ
مثلِ بَرق خُلّب إذ يَبرُق؟

كيف طابتْ بالتعدِّي أنفسٌ
في سراب العُجب أضحتْ تغرق؟

كيف أغراها التجني فاعتدت؟
واعتداءُ النفس جُرمٌ يُوبق

كيف لم تفطنْ إلى ما تدَّعي؟
إنه الوهمُ يُسَلي مَن شَقوا

كيف راجتْ للكُسالى سِلعة
أمرُها بادٍ ، ولا يُسْتغلق؟

كل (منشور) له مِلكية
كامتلاك البيت يا قومي ثِقوا

عند رب الناس مسطور الصوى
خط (زيدٌ) ، ثم خط المَوثِق

كل حرفٍ سُجِّلتْ آياتُه
والمعاني سُجِّلتْ ، والبيرق

ثم عند الناس مسطورٌ كذا
وفق أرقام لديهم تنطق

فالكتاباتُ لها أصحابُها
وفق تصديق بسِفر يُلحق

كل نص لا تسلْ عن حِفظه
لو وعى السُّرَّاقُ ذا لم يسرقوا

خذ من الغير ، وأعظمْ حقهم
أسندِ النصَّ ، فهذا الأليق

أو فألفْ مِثلهم ، والحقْ بهم
غيرُك التالي ، وأنت الأسبق

واتق الله ، وكن مسترشداً
كل مغمور بعُجب أحمق

خلِّ عنك العُجب ، وافخر بالذي
خصَّك المولى به ذا أخلق

مناسبة القصيدة

(كم أتعجب ممن يسرقون منشورات غيرهم من مقالات أو قصائد أو كتب أو قصص. أين تذهبون يا قوم؟ لماذا تُحِبون دائماً أن تُحمدوا بما لم تفعلوا؟ لماذا يحلو لكم انتحال شخصيات ليست لكم وصفات نأت عنكم؟ وعموماً سرقة المنشورات تدل على خِسة ودناوة السارق الناحل. وسيبقى النص لصاحبه الذي صاغه من بُنيات أفكاره أول مرة وسيبقى النص لصاحبه عند الله تعالى ، وعند الناس. وسرقة القصائد والأشعار وُجدتْ من عهد امرئ القيس ، فلا غرابة أن توجد في زماننا. على أن الأدب العربي فتح باب المعارضة والمحاكاة والمجاراة للشعراء. ولكن بعض ضعاف النفوس من الشعراء بدلاً من الاجتهاد والتشمير عن ساعد الجد ، وسلوك سبيل المحاكاة أو المجاراة أو المعارضة ، يختصرون الطريق ، ويسرقون أعمال غيرهم ليُحمدوا بما لم يفعلوا. ولكن التاريخ وصادقو النقاد والمؤرخين لهم بالمرصاد. فلا يحسب السارقون الناحلون أنهمُ استطاعوا أن يُحرزوا السبق والتفوق والإبداع. النص لصاحبه مهما كان. وإن ضاع حقه في هذه الدنيا ، فلن يضيع عند الله تعالى يوم القيامة. وأحياناً يُجمع للسرَّاق خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.)
© 2024 - موقع الشعر