عروس في غير زمانها! - أحمد علي سليمان

تُمِيتُ الصداقة رُوحٌ جَفتْ
وتُحيي الصداقة رُوحٌ صَفتْ
عَجبتُ لأمر العَروس التي
بأعجب شرطٍ غريب أتت
وهل شَهدَ الدهرُ أعجوبة
كمثل التي هذه أحدثت؟
سَمَتْ بالصداقة عن أوْجها
فأنعِمْ وأكرِمْ بما قد سمت
خبرنا الكثيرَ بأهل الوفا
وعنهم سَمِعنا عَطيرَ النكت
وكم ذا قرأنا ، وكم ذا كتبنا
ولسنا على غيرنا نفتئت
وقد تقسِمُ النفسُ مطعومَها
ومشروبَها ، ثم لا تلتفت
وتُهدي اللباسَ وما تشتهي
وليستْ لمَن أنكروا تنتصِت
وتُؤثرُ بين الورى غيرَها
وتُكرمُهم دون أدنى عنت
وفي قِسمة الزوج حار النهى
وكاد مِن الدَّهش أن ينكبت
عَروسٌ تُبالغ في شرطها
فهل شرطها المستحيلَ وعَت؟
وهل يا تُرى أدركتْ كُنهه؟
وهل في عواقبه فكّرت؟
لقد تخسرُ الزوجَ شادتْ به
وكم في مناقبه أنشدت
وتنأى الصديقة عن قربها
وتُبلى بما نالها بالشمت
مخاطرة هذه مُرة
وشرط من الرشد كان انفلت
أتأتي بضُرتها تجتني
مُناصفة جَهرة ما اشتهت
كأني بها جَهزتْ نعشها
يقيناً ، فأبئسْ بما جَهزت
وهل تأمَنُ الحالَ بعد البنا؟
فإما تغيَّرَ قد حُطمت
لقد يأكلُ الدُّودُ محصولها
ويذهبُ كلُّ الذي أمَّلت
وتحصُدُ ضُرَّتُها أرزها
ويبقى لمَن أشركتْها الغلت
وقلنا: ستندمُ أن أحسنتْ
إليها ، وتُؤجَرُ أنْ أحسنت
ولكنْ رعى اللهُ إحسانها
وبارك فيها وفيمن أوت
ودارٌ على الخير ضَمَّتْهما
وزوجٌ رأى ما العروسُ ارتأت
حديثَ المجالس في أنسها
وفاكهة القول قد أصبحت
وباتتْ مِثالاً سَما وارتقى
وسِيرتُها في الأنام ارتقت
يميناً تحيَّرْتُ في وَضعها
وغالَ القصيدة بعضُ العَنَت
فلله في خلقه شأنُهُ
فيا رب باركْ لِمَن أخلصت

مناسبة القصيدة

(عروسٌ مصرية اشترطت على العريس شرطاً من أغرب الشروط في الدنيا! ما هو الشرط؟ الشرط أن يتزوجها هي وصديقتها بمَهر واحدٍ ، وفي بيتٍ واحد. وذلك بمبادرة منها لمساعدة صديقتها العانس - التي جاوزت الثلاثين - على الزواج ، حيث إنها اشترطت على العريس الذي تقدم لها أن يتزوجها هي وصديقتها. وبحسب المعلومات الواردة من المصدر الموثوق أن العريس وافق على ذلك شريطة أن يجمعهما في منزل واحد! ودفع مهراً واحداً لأن ظرفه المالي لا يسمح بأن يدفع مهرين ويفتح بيتين وقد دعت الفتاة المصريه إلى الاعتماد على مبادرتها ومحاكاتها وتقليدها لما في ذلك من فائدة في تخفيف العْنوسة في العالم، على حد تعبيرها والعجيب أن تكون المفاجأة في نجاح الفكرة ، وقام البيت على الزوجتين الصديقين والزوج القيم عليهما ، وتحقق مبدأ (طعام الاثنين) يكفي الثلاثة! وانفتحت على الزوج أبواب الرزق ، وبارك الله له وبارك عليه! وقامت خلافات عالجها الشرع والحب والصداقة معا! فما أغربها من قصة! ولا في الخيال كما يقولون! من أجل ذلك كتبت مُشيداً بها ومُطرياً لأخلاقها هذه القصيدة! وأسأل الله تعالى أن نرى مثل هذا الجود ومثل هذه الشهامة ، في قابلات الأيام!)
© 2024 - موقع الشعر