حدث في رمضان! - أحمد علي سليمان

هَداديكَ يا صاح ، اسْتفِقْ وتفهَّمِ
وحققْ ودَققْ بعد طول تعلمِ

وراجعْ مِن التاريخ أصدقَ سِفره
وعن زيف مَن خاضوا بجهلهمُ استمي

وعاينْ بإنصافٍ حقائقَ غيِّبتْ
وما كان كشفُ الحق يوماً بمُبهم

وللحق أفذاذ توَلوا بيانَه
ولم يَطمحوا في ذا البيان لدرهم

وكم ألفوا الأسفارَ يَسطعُ نورُها
ولم يتركوا في الرصد مِن مُتردَّم

وكم دَوَّنوا الأبحاثَ عن (رمضانَ) ، لم
يَخطوا جُزافاً ما ارتأوْه بمِرقم

وكم صَنفوا فيه القصائدَ حِسْبة
فكان الذي صاغوه أنجعَ بَلسم

فأكبرَ شهرُ الصوم أوفى جَميلهم
ولا يُكْرمُ الأفذاذ غيرُ مُكَرَّم

ففي (رمضانَ) الخيرُ شَعَّ ضياؤه
وضاءتْ سما الدنيا بأعظم أنجُم

وهللتِ الأفراحُ في كل بُقعةٍ
وحُرِّرَتِ الأصقاعُ بالروح والدم

وقامتْ صُروحُ المجد تسمو بأهلها
وجُرِّعَ كأسَ القهر أشرسُ دَيْلم

وفي (رمضانَ) الخيلُ زمجرَ ضَبْحُها
وأضحَتْ تمورُ المَورَ يُزري بخُوَّم

وغارتْ على الأعداء دون هوادةٍ
وغضبَتُها أودتْ بأدنى توَهم

وكانت فتوحاتٌ تُباهي بنصرها
وتدفعُ كيداً كم تمادى بمجرم

وسائلْ رُبا (بدر) عن الغزوة احتفتْ
بما أنجز الفرسانُ مِن خير مَغنم

ولمَّا يَعُدْ ذلٌ يروحُ ويَغتدي
ولمَّا تعُدْ فوضى يُمارسُها العمي

ولمَّا تعُدْ للكفر في الدار راية
فمَن ينتصرْ في الحرب يرأسْ ويَحكم

وسبعون طاغوتاً مَضَوا لمصيرهم
على كفرهم كي يَخلدوا في جهنم

وهُدِّمتِ الأصنامُ ، والشركُ قد خبا
فلا لاتَ أو عُزى ببيتٍ مُحَرَّم

وزالتْ (مَناة) ، بل وأصنامُ حولها
مِئاتٌ ثلاثٌ للضلالة تنتمي

وسائلْ عن الفتح العظيم لمكةٍ
وأغمِدَ سيفٌ ، بعد سهم فما رُمي

ووفدُ (ثقيفٍ) بعدُ أسلمَ طائعاً
وبايعَ مختاراً بهمة مُسلم

وفي رمضان اللهُ سَنَّ زكاتنا
وجَلّى نِصاباتٍ بشَرع مُكَرَّم

وسلْ (فتحَ مصر) عن مغاويرَ جاهدوا
وجاؤوا غزاة تحت إمْرة قوَّم

فهشَّتْ لهم مِصرٌ ، ورَحَّبَ أهلها
فمَرحى بقوم رابضي الجَأش صُوَّم

وأندلسٌ والفتحُ يُسْعِدُ قومها
وبالبربري النصرُ وافى بمَعْلم

ومَجدُ (بني العباس) ضاءتْ شُموسُه
ودولتُهم قامتْ بدين مُحَكَّم

وسل (بلجراداً) تشكرُ التركَ ناضلوا
لتحريرها مِن غاصب الأرض مجرم

وسائلْ بلادَ (السند) كيف حصونها
تهاوتْ ، وقبل الغزو لم تتهدَّم

وسلْ أهلَ (عَمُّوريةٍ) كيف حُوصِرتْ
حِصاراً تحَدَّى ، ما له قبلُ مِن سَمي

وسلْ (طرغدَ) الترك العزيزة نفسُه
هناك ب (كوريكا) بمِئزر مُحْرِم

وسلْ (بابكَ الخرمي) عن سُوء حالةٍ
وليل مِن الإذلال والضنك مُعتم

وجُندِلَ حزبُ (البابكية) ، وانتهى
بفضل خميس مُستهام عَرَمرم

وسائلْ فلولَ (القوط) كيف شذونة
و(طارقُ) يُصْلِيهم بنيران مَنجم

وسائلْ (قلاووناً) عن الحرب أثخنتْ
هناك ب (مَرج الصُّفّر) المُتدمدم

وسائلْ (مَلاذ الكُرد) ماذا وراءها
مِن البأس أجلى الرومَ دون تلوُّم

وألبسَ (رُومانوسَ) أغلالَ أسره
وجَرَّعَه مما جنى كأسَ علقم

ومسجدَ (عَمْر) شِيدَ فوق كنانةٍ
وآوى الورى مِن طالب ومُعَلم

وفيهِ لنابليونَ أعظمُ نكبةٍ
هنالك في (عكا) ، وباءتْ بمَندم

وأودى ب (كعب) شِعرُه وانحرافه
وناوله المغوارُ أطهرَ مِخذم

وأدركتِ (الحجاجَ) أحقرُ مِيتةٍ
بيوم بئيس من لظى الظلم أيوم

وسائلْ رُبا (دِمياطَ) عن عزم أهلها
يُكافيء عزمَ الشم من أهل خثعم

فقد لقنوا الرومانَ أعظمَ درسهم
فعادوا إلى فلكٍ بدون تفهم

وسلْ صفوة قادوا (البويبَ) أشاوساً
وما مكنوا عِلجاً يَروغُ ويَحتمي

ألا (رمضانُ) النصر يُدلِي بدَلوه
فأكرمْ بشهر بالهنا مُترنم

وأعطاه هذا الخيرَ ربي ، وزادَهُ
فسبحان ربي خيرِ مُعطٍ ومُنعم

مناسبة القصيدة

(شهر رمضان ليس كباقي الشهور. وكذلك أيامه المباركة ليست كسائر أيام العام ، تهل معه البركات ، يحمل بين طياته نفحاتٍ ربانية ، جعلت منه شاهداً عبر العصور علي تجلياتٍ إيمانيةٍ لن تتكرر ، وله أحداثٌ فاصلة ، وانتصاراتٌ تفوقُ إدراك البشر ، حتي صار يلقب بـ "شهر المعجزات". شهر رمضان كان قد شهد العديد من المعجزات سواءً المتعلقة بنزول الرسالات السماوية ، والانتصارات غير المتوقعة ، وغيرها من الأحداث التي تطلب حدوثها تدخلاً إلهياً ربانياً. ونقلاً عن قسم الدعوة بهيئة علماء فلسطين نسأل معهم ونجيب. ماذا حدث من أمور عظام وأحداثٍ جثام في شهر رمضان؟ وكانت الهيئة قد قسَّمتْ شهر رمضان إلى ثلاثين يوماً ، وتتبعت أحداث التاريخ وغربلتها ، وانتقت ما وفقها الله تعالى إليه من هذه الأحداث وتلك الأمور وهاتيكم الوقائع. فألفيته جهداً عظيماً مشكوراً ، تُشكر الهيئة الكريمة الفذة عليه الدهر. إن رمضان في حقيقته شهر جهاد وإنجازات وتجليات وانتصارات عظيمة. وإذن فرمضان شهر جهاد وليس شهر خمول ونوم في العسل وليت الأمة تفهم من التوحيد كنهه لتعي من رمضان حقيقته ومن الصيام تجرده. أجل ذلك كله ، كانت قصيدة: (حدث في رمضان) للإشادة بالشهر العظيم ، وببركاته العظيمة نفعنا الله بشهره العظيم الكريم رمضان.)
© 2025 - موقع الشعر