التيس المحظوظ! - أحمد علي سليمان

تحيَّرَ فِكري ، واستبدَّ بيَ الحَدسُ
وشط بيَ الظنُّ اشتكتْ هوله النفسُ

ومرَّتْ على التفكير أعتى هواجس
كأني بنفسي قد تعقبها المس

وكم فاجأتني قصة بعد قصةٍ
ولكنَّ هذي خط حَبكتها الهوس

ودَققتُ إسناداً ، وحَققتُ مصدراً
أسائلُ هل أبطالها يا تُرى إنس

كأني بليلى تشتكي الحالَ لم يطِبْ
تضيقُ بما تلقى ، ويقتلها البؤس

وقد بلغتْ مِن سَورة النفس مَبلغاً
وتشكو ضناها حيث طلقها قيس

وداعبَها طيفُ الرجوع لقيسها
وكيف وقد بانتْ ، وسربلها اللبس؟

فقِيلَ اقصدي تيساً وضحِّي وأحسني
ولا تعجبي ، كم حل مشكلة تيس

فلفتْ ودارتْ في محيط ديارها
تُفتشُ عن تيس ، فآلمَها العَّس

تُريد افتِدا قيس بتيس مُؤجَّر
وجدَّتْ سِراعاً لا يُراودُها يأس

ولكنَّ تيسَ الحي ليس يروقها
لقد يفضحُ العَجلى ويُودي بها الوَكس

فقالت: أريد التيسَ مِن غير دارنا
يجودُ به الرومانُ إن راموا أو الفرس

لتضمن أن يرضى ويُنفِذ أمرها
فلا ينتوي حُباً يُرافقه الأنس

ولكنْ بلا جهر يُؤدي مُهمة
له في (سويسرا) الحبُّ والودُّ والمَس

ومُدتُها شهرٌ ، وليس يَزيدُه
ومكفولٌ الإيجارُ ليس به بَخس

ريالاتُه قد أمنتْ في حسابه
نعم حُدِّدَتْ فيم التخرُّصُ والحدس؟

وآلافها إنْ عَدَّها مائة ، فهل
يُراهنُ بعد الحَصر ما خانها فلس

وجاء العريسُ الشهمُ للأهل خاطباً
وقال: لِليلاكم أتى خِلسة قيس

وزاد: ألا هل نظرة أكتفي بها
لأدرك مَن (ليلى) ويبتشر الحُسن؟

رأتْني وما أبصرتُ يا ناسُ وجهها
وما أدركتْ نفساه ما يحتوي الرأس

فقالوا: أتتْ ليلاك في صحن ملحق
فعاينْ لتلقاك اليراعة والطرس

فعاينتُ (ليلى) والجمالُ يلفها
وإما مشتْ دَف التبختر والمَيس

فوافقتُ محبوراً ، وتم زواجُنا
وقضَّيتُ أسبوعين يَغبطني العُرس

غدا في (سويسرا) السعدُ والوعدُ والهنا
وما حلَّ بي كربٌ ، ولا زارني تعس

وعُدتُ لأهلي ، ثم عادتْ لأهلها
وما بي ارتيابٌ يُوغر الصدرَ أو وَجس

وفوجئتُ بالعصما تُريدُ طلاقها
وتُعطي كما أعطتْ فساورَني الحَيس

فقلتُ: معاذ الله هل جئتُ منكراً
هل انجرتْ نفسي وخامرَها رجس؟

فقالت: يمينَ الله أنت مُبَرَّؤٌ
ولمَّا يُعكرْ صِيت زوجي أنا بخس

تساميتَ صِيتاً وانتساباً وسُمعة
ولكنه دَورٌ يُؤديه مندس

جعلتُك بيني والحليل مُحللاً
وبالعكس للأشياء يتضحُ العكس

يقولون: تيسٌ مستعارٌ لنعجةٍ
وكيف يطيبُ الزرعُ إن خبُث الغرس؟

فكنتُ بكل الصدق أجودَ نعجةٍ
وأنت لها ياصاحبي زوجُها التيس

وأعطيتُ أجرَ الدور ، والبنكُ شاهدٌ
كأني بهذا المال في بذله المَكس

ومحظوظ التيسُ المُحلل زوجة
تصدَّقْ بعُشر المال كي يذهبَ الهلس

وأما أنا فالعَودُ للزوج مَطمحي
عسى أبصَرَتْ عيناك واتضحَ الدرس

مناسبة القصيدة

(ناقشت من قبل مسألة الزواج بنية تحليل المطلقة لزوجها! وذلك في قصيدة: (التيس المستعار) وفي مقدمتها ذكرنا تحريم ذلك في الإسلام! واستطلنا في الأمر ، وانتصرنا لمبدأ تسمية هذا المحلل الملعون بالتيس المستعار! كما سماه بذلك النبي صلى الله عليه وسلم! والتيس لا ينكح إلا نعجة! ولا نريد أن نكرر كلاماً طويلاً مسهباً ذكرناه هناك ونعيد كتابته هنا! ولكن أكتفي بقصة كانت سبب كتابة هذه القصيدة! والقصة حقيقية جاءت في الجرائد والمجلات! وذكرت الجرائد والمجلات المكان والزمان! ولكنني هنا ليس يعنيني المكان ولا الزمان! وإنما يعنيني فحوى القصة! وهي كما أسلفت قصة حقيقية حدثت في ديار عربية للأسف! يقول صاحب القصة: كنتُ مع ابنتي ذات الـ 13 سنة ، في أسواق مدينتنا ، وكنت أدفع عربة التسوق أمامي ، وفجأة ظهرت أمامي امرأة فارعة الطول قد بان جمالها من فتحات النقاب ، ووضعت رقم هاتفها على العربة أمامي ، واستغربتْ منها جداً ، لأن ملامحي ليست ملامح مراهق ، كما أنني متزوج وابنتي برفقتي! المهم أخذت الرقم ووضعته في جيبي! وبعد يومين وأنا أبحث عن فاتورةٍ ما وجدت الرقم وتذكرت تلك المرأة ، فقادني الفضول لأعرف ماذا تريد مني! فلعلها تريد خدمة ما عجز عنها غيري ، وأستطيع أن أؤديها لها حسبة لله تعالى! فاتصلت بها فوراً – والنية عند الله تعالى - ، وردت علي وسألتني (من أنت)؟ فقلت لها: أنا الرجل الذي التقيته في السوق برفقة ابنته! فتذكرتني وقالت: أنا معجبة بك! فقلت لها: أنا لست مراهق ، وأبلغ من العمر 42 سنة ، ومتزوج وعندي ولد وثلاثة بنات! قالت باختصار: أريد منك أن تتزوجني! قلت: لا أستطيع! فقالت: بل أريد منك موعداً في مطعم ، كي أراك وأتحدث معك في موضوع الزواج بتفصيل أكثر. فرفضت طلبها على الفور! فقاطعتني وقالت: أنا لست مراهقة وأريدك بالحلال والشرع ، على كتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم! قلت لها: دعيني أفكر وأتصل بك لاحقاً! قالت لي: كم رقم حسابك في البنك؟ ثم فكر في الموضوع على راحتك. استغربت منها تطلب رقم حسابي. فقلت لها لماذا؟! قالت لي: أرسل الرقم ولا تزيد ثم أغلقت الهاتف! فقمت بإرسال الرقم ولم أكن أدري مطلقاً ماذا تريد مني! فوصلتني بعد ذلك رسالة منها تقول: أنا حولت في حسابك مائة ألف ريال عبارة عن مهري! إذا وافقت أن تتزوجني. فطلعت من البيت على الصّراف الآلي المجاور للبيت! وذلك لأتاكد هل هي صادقة بأنها حولت لي في حسابي هذا المبلغ الكبير أم لا. فكانت المفاجأة أنها فعلاً حولت المبلغ في حسابي. فاتصلت بها وقلت لها: أنا فكرت واستخرت وأريد أن أتزوجك ، قالت لي: يوم الخميس القادم ، تفضل عند أبوي واخطبني منه. ووصفت لي الحي الذي تسكن فيه ومكان منزلهم ، وفي يوم الخميس تشيكت ورحت حسب الوصف ، فوجدت أهلها في استقبالي ، ورحبوا بي وطلبت يد ابنتهم ، وطلبت منهم النظرة الشرعية ، فأدخلوني في (الملحق) التابع للمنزل ، وكانت البنت جالسة مع والدتها ، فرأيت امرأة هي أجمل مما تخيلت. المهم تكلمت معها وقلت لها: أريد وقتاً لكي أمهد لزوجتي ، وأخبرها بأنني عزمت على أن أتزوج عليها ، فاعترضت على كلامي بشدةٍ وقالت: لا تخبرها بتاتاً بأمر زواجك ، ولا تحمل هم هذا الموضوع. وقامت بتحديد يوم الزفاف ، وهو بعد أسبوعين. وطلبت مني أن أطلب إجازة من عملي لمدة شهر ، وأقول لزوجتي بأن العمل انتدبني لمدة شهر في مدينة أعينها ، وقالت لي: جدد جواز سفرك ، قم بعمل تأشيرة كذلك ، لأن شهر العسل سوف يكون في سويسرا. وتم الأمر على مرادها وعلى ما خططت! وصار حفل الزواج ، وكان مختصراً جداً في بيت أهلها ، ثم سافرنا في نفس الليلة ، وجلسنا في سويسرا 16 يوماً فقط ، وطلبت مني بأن نعود إلى ديارنا! فقلت لها: أنا أخبرت زوجتي بأني منتدب شهراً كاملاً ، وليس 16 يوماً يا بنت الحلال. قالت لي: ابحث عن عذر ، وقل لها: انتهى الانتداب قبل الوقت المحدد. وصلنا الديار. وأنزلتها في بيت أهلها. وقالت لي: اذهب لزوجتك وأبنائك ، واجلس معهم بالبيت ، وسوف أتصل بك لاحقاً. وبعد 3 أيام اتصلت بي بعد صلاة الظهر وقالت: إذا خرجت من البيت بعد صلاة العصر اتصل بي ، فإنني أريدك في أمر ضروري. قلت لها: هل أجيئك الآن حالاً؟! فقالت: لا ، وإنما بعد العصر أخبرك بالموضوع! والمهم جلست 3 ساعات على أعصابي حتى حانت صلاة العصر. وبعد خروجي من المسجد اتصلت بها فوراً. فردت علي وهي تضحك وقالت: شيك على حسابك في البنك ، لقد حولت لك (100) ألف ريال أخرى ، فرحت فوراً على للبنك ، ووجدت المبلغ فعلاً في حسابي. فاتصلت بها وشكرتها على كرمها معي. فقاطعتني وقالت: أريد منك طلباً بسيطاً. فقلت لها: تفضلي. قالت: (أريدك أن تطلقني)! فتفاجأت وقلت لها: هل تمزحين؟ أم أنكِ صادقة في طلبك؟ قالت: لا والله صادقة. فقلت لها: هل جاء مني تقصير أو إخلال! إن الأمور تسير كما تشتهين ووفق ما تريدين وتخططين! والأمور كلها غمو
© 2024 - موقع الشعر