جميل يرد على هناء! (محاكاة للعبيدي) - أحمد علي سليمان

أ(هناءُ) كُفي اللومَ والتوبيخا
وتجنبي الإرعادَ والتلبيخا

وتحَفظي في القول يَطعنُ مُهجتي
أمسَتْ حُروفكِ أسيُفاً ومُسُوخا

أنسيتِ أنكِ زوجة إذعانُها
للزوج فرضٌ ، فالزمي التبريخا

أدليتِ دَلوكِ دون أخذ مَشورتي
فصنعتِ حالاً بائساَ ورُفوخا

وهتكتِ عِرضي ، واستبحتِ كرامتي
وحَذيْتِ قلبي المنطقَ الممسوخا

لم ترفقي بالزوج بادلكِ الهوى
متململاً رضخ الحليلُ رُضوخا

ورأى (هناءَ) عشيقة لم تكثرثْ
إذ دَوَّختْهُ في الورى تدويخا

أنا يا(هناءُ) وُعِدتُ وعداً قاطعاً
ممن عَدا أن أدخل التأريخا

أن ألبس الدِّيباجَ مختالاً به
وأحوز من بعد الخنوع شُموخا

ووُعِدتُ أطيبَ عِيشةٍ ومكانةٍ
فيها أصافحُ قادة وشيوخا

فزهدتُ في قومي وأهلي والدنا
وهجرتُ صحبي عامداً والكُوخا

وأخِذتُ بالأقوال طف بريقها
كالجَمر زادَ توقداً وزخيخا

ورضِيتُ بالتركيع يَكسِرُ خاطري
حتى أرَسَّخ ما أتى ترسيخا

وانصعتُ للمحتل يدحضُ همتي
وخشيتُ منه مقالباً وفخوخا

سلبَ الديارَ ، ولستُ أنكِرُ سَلبه
وتعمَّدَ التدنيسَ والتوسيخا

وعجبتُ من سقف المطالب لم يَدَع
سَهلاً ، ولا وَعراً يلفُّ سُيوخا

وغدوتُ مَسخاً في الأنام مُشوَّهاً
من ذا يُقدِّرُ يا(هناءُ) مَسيخا؟

لمَّا أعُدْ أبداً (جميلاً) ، صدِّقي
أنا أستحقُّ الزجرَ والتوبيخا

لمَّا أبَيْتُ الخوخَ يُتحِفُ دارنا
هل عاقلٌ يأبى الهنا والخوخا؟

أرغِمتُ أن أرضى بما هم قدَّموا
حتى وإنْ هم قدَّموا الزرنيخا

أسلمتُهم نفسي وداري والحِمى
كم كنتُ مُفتقِدَ الرشاد فصيخا

ورأيتُ سقفَ شهامتي متصدعاً
وأنا الذي صَيَّرته مَشروخا

أهديتُ للغازي الكُنوز ، فحازها
واليوم أطلبُ خاتماً وفتوخا

والدورُ جاءكِ يا(هناءُ) ، فحاذري
أمسى الرجالُ كما رأيتِ فروخا

لا يثأرون لِمَا أحَلَّ بدارهم
هل ثائرٌ مَن يَقبلُ التبزيخا؟

بالذل جُندلتِ الرجولة عُنوة
وبِعارِها قد ضُمِّختْ تضميخا

الكل سربلهم تجبُّرُ مَن غزوا
فبدا لهم أن يقهروا ويُزيخوا

و(جميلُ) هنأهم ، وباركَ غزوَهم
لمَّا يعُدْ بين الضحايا الذيخا

بل صار نعجة مَن يناوله الكلا
والعُشبَ والبرسيمَ والبطيخا

لمَّا يَعدْ بين الفوارس عنتراً
حملَ الحُسامَ وقبله الشمروخا

(شم النسيم) اليوم من أعياده
وله أعدَّ زخارفاً وفسيخا

وإذا غلا ثمنُ الفسيخ ، فهل له
أن يشتريْ إما اشتهى (البطروخا)؟

وإذا اشتكى نقصَ النقود ، فهل له
أن يشتريْ بقليله الطَرِّيخا؟

والله أعلم ،هل تبدَّلَ دينه
فغدا يُؤلهُ طائعاً (مَردوخا)؟

ومضى يُجاملُ راضياً أعداءه
ويُقِرُّ باطلهم ، ويمسحُ جُوخا

أنا يا(هناءُ) مُطَبِّعٌ مستسلمٌ
بطني تعبَّدَني يُريدُ طبيخا

أصبحتُ كالبالون يَغمرُه الهوا
فاستنقِذي بالونكِ المنفوخا

وعلى الديار تداعتِ الأممُ التي
وَطئتْ بإمكاناتها (المِرِّيخا)

ورمتْ قنابلها على أصقاعنا
لم تُخطيء المَأتى ولا التأويخا

وأبادتِ الإنسانَ لم ترفقْ به
واستصحبتْ هندوسَها والسيخا

ونصوص قانونهم قد أسقطوا
هل بات قانونُ العِدا منسوخا؟

وعُقودَهم فسخوا بدون تحفظٍ
والعقدُ ماذا إن غدا مفسوخا؟

أنا يا(هناءُ) أسوقُ نصحاً طيباً
إن رامَ قلبُكِ مُنقذاً وصريخا

كوني لهم أمَة تُلبِّي ، لا تني
أن تستجيبُ لقولهم وتُصِيخا

إن راودوا ، أو غازلوا ، أو واعدوا
لا تُكثري التلويمَ والتوبيخا

حتى تعيشي إن أردتِ بلا أذىً
مَن ذا يُعارضُ طغمة ولطوخا؟

غلبوا علينا ، والهزيمة قدِّرَتْ
واليوم تُعلِنُ طاعة ورُضوخا

ملكوا أداة القتل تُزهِقُ أنفساً
وشِفارُهم تستعذبُ التجليخا

ها فارحمينا مِن مَصير مُهلكٍ
أمسى المُطبِّعُ ناجياً وبَذيخا

وغداً يُقيِّضُ ربُّنا مِن خلقهِ
مَن يَستعيدُ كرامة وشُموخا

مناسبة القصيدة

(هذه محاكاة خفيفة الظل ، قليلة المبني ، غزيرة المعنى ، لنص الأستاذ الشاعر القدير الفذ عبد الناصر العبيدي: (مسلسل جميل وهناء) فلقد تخيلَ العبيدي (هناء) وهي تستدر نخوة زوجها (جميل) وتحثه على رفض الواقع بينما هو في غيه سادرٌ لا يحرك ساكناً ، وكأن الأمر لا يعنيه ولكنني تخيلته يرد عليها ، ويحثها على قبول الواقع والتعايش معه ، حرصاً على الحياة أي حياة لقد كتب الأستاذ الشاعر عبد الناصر العبيدي نصه بقلم الخيال الذي أحس بالزوجة (هناء) وهي تنعي الكرامة في زوجها (جميل) فراحت تحثه على أن يغار ويثأر لها ولداره ولقومه ولصحبه مما حل بهم فلقد داهمهمُ العدو ، وسطا على كل شيء حتى أتى الدورُ عليها ، فنالها ما نالها من ذلك الغاصب العادي ، من المُغازلة والمُراودة والمُساومة لكن زوجها (جميل) كما أسلفنا لم يحرك ساكناً ومضى وكأنه لم يسمع شيئاً واستمر الأستاذ العبيدي في رسم صورة الاستغاثة المُلِحَّة من هناء ، بينما جميل في عالم آخر وكأنه اتفق مع العادي الغاصب المحتل على هذه المسرحية الهزلية وتخيلتُه – بدلاً من أن يعترف بخيبته وترَدِّيه – راح يرد على هناء رَداً مخزياً معلناً فيه بالاستسلام والاستخذاء وقبول الواقع على ما هو عليه بل راح يحملها على أن تصنع كما صنع ، وتفعل ما فعل وذلك حرصاً على الحياة)
© 2024 - موقع الشعر