بريئتان: فذي شمسٌ ، وذي قمرُ
هما - مِن المؤمنات - السمْعُ والبصرُ
عفيفتان: فذي العفافُ ديدنُها
وتلك عفتها - في الأرض - تنتشر
نقيتان: فذي النقاءُ طابعُها
وهذه بنقاء القلب تشتهر
حصناوتان: فذي حصانة شمختْ
وتلك بالحُصن - بين الخلق - تفتخر
كريمتان: فذي جودٌ يلي كرَماً
وبذلُ تلك لنشر الخير مُدّخر
شريفتان: فذي قد عزّ مَحتِدُها
وأصلُ هاتيك في البُطون مُعتبر
فقيهتان: لذي في الفقه مدرسة
وتلك يسألها مَن بالتقى ظفروا
بهيتان: فذي البهاءُ طلعتُها
وهذه حسدتها الأنجمُ الزهُر
ذكيتان: فذي الذكاءُ يغبطها
وعِلمُ تلك له الرواة والسير
صبورتان: لذي صبرٌ تتيهُ بهِ
وتلك - في شدة البلاء - تصطبر
تقيتان: فذي التقوى سجيتها
وقلبُ تلك بتقوى الله مُعتمر
صوامتان: فذي – بالصوم - عابدة
وتلك غُمتها بالصوم تنجبر
قوامتان: فذي تبيت قائمة
وتلك دمعتها - في الليل - تنهمر
وحيّتان ، وإن صاح الردى بهما
وشاهدي - في كتاب الله - يبتشر
رضيتان: فذي الرضا جبلتُها
وهذه - برضا الرحمن - تأتمر
حييّتان: فذي الحياءُ منهجُها
وهذه بالحيا تسمو وتنتصر
وقمّتان: فذي الجوزاءُ مسكنُها
وبعض إيوان تلك الشمسُ والقمر
مَن مثل (مريم) في دين ، وفي ورع؟
قد صح عنها الصدى والخُبر والخَبر
مَن مثلها في أريج الطهر صائنةً
عِرضاً تحِنّ له الأصدافُ والدُّرر؟
مَن مثلها ، وسنا التقوى يُزينها
وتشهد الآي في القرآن والسُّور؟
صِدّيقةٌ في بني إسريل ما عملتْ
بمثل طاعتها بدوٌ ولا حضر
عظيمةٌ مَجّدَ التاريخُ سؤدَدُها
جلت مناقبُها في كُتْب مَن ذكروا
جليلةُ القدر في طبع ، وفي نسب
كأنها دوحة يلُفها الثَّمر
لله قد نُذِرتْ في بطن والدةٍ
وأمرُ نشأتها على التُّقى قّدرُ
و(بنت فاقوذ) - في الإسلام - رائدةٌ
ويُستجاب الدعا ، والذنبُ يُغتفر
وأهلها - في اتباع الحق - قد نشطوا
قومٌ - على ملة التوحيد - قد فُطروا
لمّا رأت طائراً يزقّ فرخاً له
دعت مليك الورى ، ولفظها عَطر
هبْ لي غلاماً ، ومَن سواك يرزقني؟
يكون سِلماً لنا ، وحربَ مَن كفروا
مُحَرراً عابداً في بيت خالقه
وقد نذرتُ ، وأوفي مِثلَ مَن نذوا
و(حنةُ) ولدت أنثى ، لذا سألت
هل تستوي البنتُ - في الميزان- والذكر؟
وزوجُ عمران سَمّتْ (مريماً) ، ودعتْ
رباً فضائله تُرجى وتُنتظر
أعيذها ، وأعيذ كل مَن ولدتْ
بالله ، فهْو على ما رُمتُ مُقتدر
جل المليكُ ، تعالى ، ليس يعجزه
شيءٌ ، وكل الورى – إليه - تفتقر
تقبّل الله - في الأسحار - دعوتها
وزال - عن بنتها - الإعسارُ والضرر
وأُنبتتْ مريمُ العذراء في سَعة
مثل البذور إذا ما عمها المطر
ونورتْ ظلمة المحراب سجدتُها
والرزقُ فاض ، وفاضت عندها العِبر
الله أكبرُ ، والبتولُ تُعلنها
من عند ربيَ ، خيرٌ ليس يَستتِر
والله يرزقُ مَن يشاء تكرمة
وعنده جنة مِن تحتها النَّهر
عقبى الذين اتقوا بنيةٍ صدقتْ
وعنده للذين استكبروا سقر
وليس يظلم رب الناس مِن أحدٍ
والظالمون همُ ، وظلمهم أشر
يا ليت شعري إذا ما (مريمُ) انتبذتْ
من أهلها بُقعةً في الأرض تبتشر
وبعدها اتخذتْ حجابَ خلوتها
يشوقها الذكرُ والتسبيحُ والفِكَر
وجاءها الروحُ لم تشعر بجيئته
حتى رأته ضُحىً ، كأنه البَشَر
قالت: أعوذ بربي منك واثقة
من نصره ، إنني والله أُختبر
إن كنتَ حقاً تقياً لستَ تقربُني
بسوء فعل ، فإن القلبَ ينفطر
فقال: إني رسول الربِّ أرسلني
حتى يكون غلامٌ منكِ مُنتظر
يُكلم الناس في مهد وفي كِبَر
يزيده شرفاً على الورى الكِبر
والمعجزاتُ على يديه جارية
جهراً ، وتشهدها الآصالُ والبُكر
ويلمس الأكمه المحزون يُبْرئهُ
ويُمسك الأبرصَ المكروبَ يزدهر
ويُصبح الطين طيراً إصر نفخته
يطير حُراً له إذ يغتدي صُور
ويَضرب المَيْت كي يحيا يكلُمهم
ويُنبئُ الناس عما تحتوي الدُّؤر
وكل هذا بإذن الله خالقه
وقبله قد خلت في العالم النُّذر
مسيحُ حق له شأنٌ ومنزلة
بذكره تُطرَبُ الأسماعُ والسِّير
فقالت المريمُ العصماءُ مُنكرةً
في لهجةٍ شابها الذهولُ والذُّعر
أنى يكون وما مثلي بداعرةٍ
كلا ، وما مسني كزوجةٍ بَشر؟
فقال جبريل: لا تأسَيْ ولا تهني
أمرُ المليك ، فهل من أمره وَزر؟
إن المسيح لكل الناس آيتهم
ورحمةٌ ساقها للخلق مُقتدر
والأمرُ بُت ، فلا خيار يَعْقبهُ
والحَمْلُ كان فلا حُزنٌ ولا كدرُ
حتى إذا ما أتى المخاضُ جندلها
والنخلة انطلقتْ في التو تعتذر
إذ الجريد علا ، والجذعُ جلمدة
والظل في حِزم الأكمام مُنحسر
والليفُ يُحْصنها ، وليس يبرحُها
والطلعُ عال ، وعز النفعُ والثَّمر
فقالت المريم الزهراء مشفقةً
يا ليت قومي لإسمي قبلُ ما ذكروا
ثم المسيحُ أتى يقولُ: لا تهني
يوماً ، ولا تحزني ، وتحتكِ النَّهر
هُزي إليك بجذع تحصدي رُطباً
هيا كُلي واشربي ليذهبَ الخطر
قولي: نذرتُ لربي دون مَضجرةٍ
صوماً إذا جاءتِ الأنثى أو الذَّكر
وأعلمي الكل أن الصوم فائدةٌ
إن اللسان عن الكلام مُعتذر
وبعدُ جاءت - إلى الأقوام - تحمله
قالوا: نُكلمُ مَن في المهد مؤتزر؟
حتى أشارت إلى (المسيح) عامدة
فقال: إنيَ عبد الله يا بشر
فلتعبدوا الله رباً واحداً أحداً
قد استقام بذا الطريق ، فائتمروا
والأم صدِّيقةٌ في أوج عزتها
كم في دروب التُّقى تسعى وتبتدر
يا (مريمَ) النور أنت الطهر يُتحفنا
وإن شانئكِ بالحقد ينتحر
عليكِ من ربك الرضوانُ أجمعُهُ
ورحمة الله والغُفران والبُشُر
وأرجعُ الآن مختاراً لعائشةٍ
أروى القصيد بما قد كنتُ أفتكر
أُعطر الشعر مزهُوّاً بسيرتها
نعم التذكرُ والتذكيرُ والذكر
فالطهرُ والجودُ والسراءُ تعرفها
والفصلُ في القول والإقدامُ واليُسُر
كل القبائل والأصقاع تعرفُها
وفضلُها أبلجٌ ، وليس يندثر
هي البريئة رغم الزور يلصقهُ
بها الروافضُ ، بئس الجوقة الغجر
رغم النصارى ومَن يدعو دعايتهم
هي النقاءُ زها ، رغم الألى فجروا
يا عائشَ الطهر ، يا سلوى محمدنا
يا من إليك يحنُّ النور والعُطر
فداكِ نفسي ، وروحٌ لستُ أملِكُها
ولا أرى علمكِ الفياضَ يُحتضر
أسُلُّ عِرضكِ مِن أضغان شرذمةٍ
تضاءلتْ عندها المَغول والتتر
أراكِ - رغم أطيط الكيد - باسقةً
وتشهد الدارُ والأجيالُ مَن غدروا
وحادثُ الإفك في ديوان سُنتنا
تاجٌ ترصّعُه الأحجارُ والدُّرر
وسورةُ (النور) تهدي مَن يلوذ بها
عند الخلاف ، ففيها الدرسُ والعِبر
إليكِ عاد الألى نبيَهم صحبوا
كلٌّ بأمركِ يا أماه يأتمر
أرضاكِ ربكِ ما ناحت حمائمُنا
فوق الغصون وما جاب السما قمر
وصل رب على النبي ما بزغتْ
شمسٌ ، وما ينع النباتُ والشجر
وانصر شريعتك الغراء ما بقيتْ
نفسٌ تحاربها مِن الألى كفروا
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.