عتاب لا تنقصُه الصراحة (ضرب المتعلم غير مبرح) - أحمد علي سليمان

أعاتبكن حُباً واحتسابا
فهل تقبلن نصحي والعتابا؟

وهل ترضين تحكيماً يجَلّي
غموضاً مستطيلاً مسترابا؟

وهل تُنصتن للبرهان يَسبي
نُهىً سألت ، وتنتظر الجوابا؟

وهل تُصغين للأفكار طابت
وتُعرض فيه عرضاً مستطابا؟

وهل تفهمن قصدي من كلام
أسوقُ رموزه شهداً مذابا؟

وأختصر المدى في عرض قولي
لأكشف مَن على ملأ تغابى

وأستبق الخطا نحو التحدي
لأكتسح الهواجس والسرابا

وأدحضُ شبهة سادت وراجت
وفينا - مَن لباطلها - استجابا

وأقمعُ من يؤصّل للتدني
وللتحريف يعتصبُ اعتصابا

وأقتلعُ المغالطة احتوتنا
فأحدثتِ التخبط والمصابا

وأدلي – في خِضمّ الزيف - دلوي
وآخذكن في صفي غِلابا

وأبذل جهد منتصر لحق
لدى الباغين يُغتصب اغتصابا

وأوقف من تعالم عند حدٍ
وآخذ موقفاً منه احتسابا

بنا أمسى المُحاضر مُستخفاً
وما احترم الشيوخ ولا الشبابا

وأفتى – في المحاضرة – افتئاتاً
خزعبلة توشحتِ السرابا

أراني لم أنل منكن حتى
تكلن ليَ الشتائم والسبابا

وكنتُ تلوتُ من آيات ربي
فكيف يُلام من يتلو الكتابا؟

وقولَ المصطفى أوردتُ غضا
لكيلا يشهد الرأي اضطرابا

وسُقتُ أدلتي ، وهزمتُ خصمي
وذِعتُ لمن تُجادلني الجوابا

وأسقطت التكلف من حسابي
وجَرّدتُ المسائل والحسابا

فهاجمتُنني أعتى هجوم
كأني قلتُ زوراً أو كِذابا

وأشهرتُن في وجهي سيوفاً
لعاً للسيف إذ برح القِرابا

وكِلتُن القوادحَ فاضحاتٍ
تفوقُ إذا أتت صوبي الحِرابا

ولم ترحمن ضعفي واغترابي
ويُرحم مَن يُصارعُ الاغترابا

ولم تعذرن بارقة انفعالي
فهل أمست مُكافأتي العَذابا؟

ألا إني أردتُ لكنّ خيراً
تنلن به الشرافة والثوابا

أناصحُ ، والنصيحة بعض جودي
لكي تلزمن في الهرْج الصوابا

وإن يكُ في النصيحة بعضُ حزم
أنا للحزم أنتسبُ انتسابا

أصارحُكن لا أخفي اعتقادي
بفتيا أصبحت عجباً عُجابا

لأن الدين قد أمسى غريباً
لذا أبكي ، وأنتحبُ انتحابا

وأسألُ: هل تعلمتُن شرعاً؟
كفى بالشرع عيشاً وارتبابا

وهل نلتُن قسطاً من سجايا
به تأمنّ في الأخرى العِقابا؟

لقد شقيتْ بكن الأرضُ طراً
وباتتْ تشتكي الغِيد الكِعابا

يمينَ الله إنا في انحطاطٍ
يُجندلنا ، ولا ندري المآبا

فعُدْن إلى الشريعة من قريب
وأعلنّ الندامة والمتابا

وموتُ المرء سيفٌ لا يُحابي
ومَن في سُنة المولى يُحابَى؟

وضرب النشأ ضرباً مستساغاً
إذا أخطا أرى أمراً صوابا

وفي القرآن تصديقٌ لقولي
تلوتُ لكُن آياتٍ عِذابا

وسُقتُ حديث مولانا تِباعاً
لأكمل – في مجادلتي - النِصابا

وضرب الناشز الرعناء شرعٌ
إذا لم يفصل الوعظ الخطابا

ولم تردعْ ليالي الهجر حمقا
تُضاعف – في معيشتها - الصعابا

وأمتنا على هذا استقرّتْ
فكيف عن النساء اليوم غابا؟

وقالوا: الغربُ يُكْرمُ كل أنثى
وليس يسوم نِسوته عَذابا

وهذا محضُ بُهتان وإفكٍ
وزيفٌ فيه نرتاب ارتيابا

وعنهم شاعتِ الأخبارُ حتى
غزتْ كل المدائن والرحابا

فضربٌ يكسر العظم انتقاماً
ويكسرُ رغم قوتها الرقابا

وضربٌ يفقأ العين احتوتها
لكيماتٌ بهن الوعي غابا

وضربٌ قد أسال دماً حصيناً
كسيل الماء يحتمل الحَبابا

وضربٌ به الكدماتُ جاءت
فهل كانت مزاحاً أو دِعابا؟

وضربٌ منه كم أنثى استجارتْ
فما لقيت لها فذاً مهابا

وضربٌ منه في الأيدي بقايا
تفوق إذا نظرتَ لها الخِضابا

وقد يُفضي لموت النفس ضربٌ
ألا خاب الذي غالى وخابا

وليس الحالُ ملتبساً علينا
فإنترنيتُهم قشعَ الضبابا

ومعلوماته انتظمتْ وصحّتْ
ومن بها يحتجّ فقد أصابا

ألا فاقرأن عن تلك المآسي
ألا وافتحن للتحقيق بابا

الا وادرسن أحوال الضحايا
لكي تُدركن رأيي المستطابا

وآثرن التثبّت والتحري
فإن الحق ما شهد احتجابا

هداكُنّ المليكُ لكل حق
فهدْيُ إلهنا خيرٌ ثوابا

© 2024 - موقع الشعر