وداع الزهراء

لـ حسن الجزائري، ، في الرثاء، 6

وداع الزهراء - حسن الجزائري

هَبني تُرابَكَ كي أُعانِقَ زَهرَتي
وخُذْ المَحاجِر واللحاظَ ومُقلتي

أَسمعتُ صُمّاً هَلْ تُراكَ سَمِعتَني؟
قَد ماتَ ذُخري في الدُّنا وَذَخيرتي

صِفْ لي الضِّياءَ بِوجدِ أَعمى أَبكَمٍ
إنْ كُنتَ تَجهَلُ فالضِّياءُ بِحُفَرتي

إسودَّتِ الدُّنيا بِعيني كالفَضا
قَلَّتْ شُموسٌ والظَّلامُ بِكَثرَةِ

فَلِما المُكوثُ إذا الوديعةُ ودِّعَتْ
ولِما الرِّحالُ إِذا الحَبيبُ بِغُربَةِ

هَلْ في المَدينَةِ وسِّدتْ أَم غيرها؟
سادَ السُّؤالُ وعَزَّ عَنهُ إجابتي

مَنْ أَينَ لي روحٌ لأَقصُدَ روحها
لا الرُّوحُ تَبقى لا العيونُ بِقُرَّةِ

فالرُّوحُ عندَ اللهِ يعلمُ سِرَّها
والقبرُ مثلَ الرُّوحِ تِلكَ سريرتي

أ مُعمَّرٌ بَطنُ الثَّرى بِأحبَّتي؟
ومُعَمَّرٌ قلبي الفَجيعُ بِجَمرَةِ

أ أشُبُّ في الهيجاءِ نارَ صَوارمٍ؟
وَتَشُبُّ في داري بِدونِ جَريرَةِ

فلأصلُبَنَّكَ يا زمانُ واجتلي
سَيفي وأقطعُ بعدَ صَلْبِكَ شجرتي

يا قبرُ حَسْبُكَ لا تَقُلْ لي شامِتاً
ماتَ النَّبيُّ وفاطمٌ وبِحَضرتي

بَلْ قُلْ لهم ماتَ الوَصيُّ بِلحدها
وتَطأطأ الرَّأسُ المَشيبُ بِحيرةِ

وتزاحَمَتْ ذِكراكِ في عيني التي
أقنعتُها أنَّ الحبيبَ بِحُجرتي

أ لِمثلِ سيفي لا يُجرَّدُ مُرغَماً؟
فإليكِ عُذري والفقارُ بِحسرَةِ

يا قبرُ فيكَ أمانةً قد صُنتُها
فَصُنِ الحَبيبَةَ ذي رَفيقَةَ مِحنَتي

تِلْكَ التي زُوجتُها، رافقتُها
ودَفَنتُها وقَضَتْ بِذلِكَ عِشْرَتي

تِلْكَ التي عاهدتُها في أَنْ تُوَسْ
سَدَ في الدُّجى تِلْكَ التي تِلْكَ التي

تِلْكَ التي فارقتُها مِنْ بَعدِ فُرْ
قَةِ أحمدٍ، مَنْ لي لِيؤنِسَ وَحشَتي؟

بَلِّغْ سلامي لِلنَّبيِّ وَقُلْ لَهُ
جاءتكَ أَخباري بِعَينِ فَقيدَتي

أُنظُر لَها وَسَلِ الجَّنينَ بِما جرى
فَسَتُنْبِؤكْ لَمَّا رَحَلْتَ بِعَبْرَةِ

أَبَتَاهُ قَدْ قَطَعَ اللئامُ وِصالَنا
وَصَبَرتُ حَتّى ما بَقيتُ بِنِحلَتي

وَأتوا لِداري يُضرِمونَ بِحِقدِهِمْ
ناراً وَخَلفَ البَابِ كانَتْ لَوعَتي

فَأسْتَقرَأتْ كُلَّ الحَوادِثِ حينَها
مُذ قُلْتَ ما حالُ الوَصيِّ وَبَضعَتي

فَإليكُمُ عَنّي سَلامَ مُوَدِّعٍ
طِبْتُمْ وَطابَ مُكوثُكُمْ في طَيبَةِ

© 2024 - موقع الشعر