جنين الياسمين

لـ مروان القصار، ، في الوطنيات، آخر تحديث

جنين الياسمين - مروان القصار

بعد سبعة آلاف عام
قتل الحب في الشام
و دفن ورثة السريان و الآرام
تحت الأنقاض و الركام
أحرق الياسمين كله
لم يبقى منه إلا برعم جنين
و أنا و حبيبتي
قبضوا علينا
بتهمة أننا نخبئ هذا الجنين
...
أثناء التحقيق قالوا لنا
أنتم أخر الجراثيم
أجبنا .. لا يا سادتي
نحن أخر المحبين
و أخر زهرة بيد الثعابين
فصرخوا في وجوهنا اعترفوا .. أين الجنين
..
نعترف ... و عن ماذا نعترف
نعم يا سادتي .. سنعترف
... بأنكم أقذر أهل الأرض
و أنكم سادة كبراء الشياطين
يا سادة ..
منذ سبعة آلاف عام
لم يأتي على شامنا أمثالكم منحطين
في زمنكم جاع العصفور
و هاجر العنكبوت
و النمل لم يجد الأمان في ثقوب الطين
في زمنكم تشردنا
و أعظم إنجازاتكم كانت
انقراض بذور الياسمين
...
ضحكوا مفتخرين
مزهوين متكبرين
نعم نحن ..
و سنجعل أهل الشام من البائدين
و لن نبقي منهم من يكتب الشعر
و لا بالعيون السود الدواوين
...
نعم يا سادتي
..نحن نستحق
لأننا استقبلناكم بالرياحين
كنتم الكاذبين
و نحن المصدقين
كنتم الغزاة
و نحن لكم المنادين
نعم نستحق
لأننا لم نكن حينها مسؤولين
يا حبيبتي لا تحزني سيقتلوننا
و سيمنعون قصتنا
و أشعارنا لن تنشر
و رسائلنا ستحرق
و سيلقبوننا بأسواء الألقاب
و لن يكتب بعدنا أي كتاب
لا عن الحب و لا عن الأسباب
يا حبيبتي .. لا تهتمي
لا تهتمي
كما أنا لست مهتم
فحبنا كان في الزمن الرديء
في زمن اسوء الأعراب
عصر تجار الحروب
و القتل بدون أي حساب
فلا مكان للحب بينهم
و لا يعيش بين قطعان الاغتصاب
طبعا سيقتلوننا
كما هتكوا كل الأعراض
و مزقوا كل حجاب
هؤلاء القوم لن يعرفوا الحب
بعد صارت البندقية ربهم
و يلقون القنابل على الأطفال بمكان ألعابهم
سنموت يا حبيبتي
نعم سنموت
و الأفضل لنا أن نموت
فنحن لا ننتمي لهذا الزمن
فكل ما فيه صنع للموت و العذاب
و كل ما أرجوه أن ندفن في قبر واحد
دون أن يفتح يدي الأصحاب
فقد خبأت فيها أخر جنين للياسمين
و سينبت يوما من رحم التراب
و لو بعد مائة عام
حين يقضي الله على هذه الثلة
و يندثرون كما أندثر ثمود و عاد و كل الأغراب
و أرجو أن لا يكتبوا على قبرنا
تاريخ مولدنا و تاريخ نهايتنا
سأوصي فقط أن يكتبوا
هنا أخر حبيبين عاشا
في زمن الهمجية و الخراب
مروان
© 2024 - موقع الشعر