أُحدِّقُ في نصفِ الكأسِ الفارغِأُحدِّقُ في نصفِ الكأسِ الممتلئفي الحدِّ الفاصلِ بينهماأُحدِّقُ بصمتٍ وأبتسمُ***صباحٌ جديدٌلم تستيقظْ بعدُ الغزلانُ الجبليةُ ، الأرانبُ البريةُ ، الجرذانُ ، الجرابيعُ ، الحشرات الضخمة ، الشمسُ لا تزال تغطُّ في نومِها العميق ،تاركة خلفها سهولا حصباء ، تلالا عمودية ، رمالا ناعمة معبأة في كؤوسٍ كوكبيةٍ صغيرةٍ .صباحٌ جديدٌيخلعُ رداءهُ ويقذفهُ على جسدي ، فأفزعُ كالملدوغةِ ، الصحراءُ الشاسعة تخرجُ من ثقبِ البابِ ، القوارضُ، الحشراتُ ، الكثبانُ الرمليةُ ، الطيورُ تمزَّقُ غشاءَ الفجرِ بصوتِها الجميلِ ،الكونُ ينشطُ ، أخبئ رأسي في قبعةِ معطفي ، أحتمي من وهجِ الشمسِ ، أضرب بطنَ الأرض بعصاي ، الثعالبُ الحمراءُ تتجمع حولي ، الفضاءُ يختلط بألوانٍ رماديةٍ ، أضرب الأرضَ ثانية ،أطلق إشارةً تعرفها الثعالب جيدا ، لنبدأ معا رحلةَ صيدٍ قصيرةٍ .***بيدين متعبتين أشقُّ طريقيالرمالُ تلمع كقطراتِ دماءتسيل ببطءٍ من جثةٍ ممزقةٍثعالبي تتقافز مذهولةً بتلك الحفرِوالفتحاتِ المثيرةفي صدرِ الصخورِ الجيريةِبيدين متعبتينأتحسَّسُ مخالبَ الكهوففتندفعُ ينابيعُ حارةٌشَكَّلَتها التعريةُ على هيئةِ ظبيأرمي رحاي ، عصاي ، ُصرَّتيأنثر خرزاتي الزرقاء حول النبعِثعالبي الكسولة تتمدَّدُ حولي وتنامُ***الأرضُ تدورُ حول الشمسِ ، أشعرُ بحركتها البطيئة ، فأطلقُ صرخةً متقطعةً، كخطٍ وهمي يخترق الأفقَ ، العقبانُ تبسطُ أجنحتها فوق كثبانِ الرمالِ ، والسهولِ المغطاة بالحصى ،تحطُّ وترتفع في عرضٍمتواصل ، هي تتراقص في الهواءِ ، وأنا أدورُ حول نفسي ، هذا الخرم المفتوح في مرآتي يغمرني بمطرٍ غزيرٍ ، لو أنقسم إلى امرأتين ،كما قرأتُ في روايةٍ قديمةٍ ولم أحتفظْ في ذاكرتي برموزها العميقة ، لحظتها لم أدركْ ماذا يعني فعل الانشطار ، لم أدركه أبداً .***لن أبقى كثيراًأرُمقُ صورتي المنعكسةعلى ظهرِ المرآةِصورتي الأخرىبملامحها الوديعةِ الساكنةكقطة لدغتها أفعى سامةفاستسلمتْ لسريان ِالسمِّ في العروقِلن أبقى كثيراً أمام المرآةالشمعةُ التي تئنُّ خلفيتعكسني على سطح ِالنافذةِفأبدو شامخةًمتوهجةًلهذا لن أقترحَ نهايةً أخرىلن أقترحَ نهايةً جديدةًسأتركُ الحقيبةَ مفتوحةًلتخرجَ العناكبُ من الداخلِوتتسلَّلُ إلى جدرانِ الغرفةِ***الغرفةُالغرفةُ ذاتهاالغرفةُ المعتمة تنبح بثقةٍحيث كل شيءٍ هادئعدا رأسي الذي ترجُّهُ أنامل مرتبكةالآن أتذكرُ كُلَّ شيءٍوأنا أبعثر زئبقَ نبوءاتيأسحبُ نَفَسي بصعوبةٍوبصعوبةٍ أيضا أتثاءَبأضعُ يدي على حافةِ السريرِفيرتجُّ جسدي ويهتزُّ السريرُأنتزعُ مركبةً متحجرةً في أقاصي الروحأُبحِرُ في اتجاهِ الشمسِأكتشف جزراً مغمورةً بالصقيعِزجاجاتٍ فارغةٍأشجاراً استوائيةًمدائنَ مهجورة تماماليلة أخرىتذكرني بتماثيلَ غير مُكتملةٍصنعتها منذ زمنٍ طويلٍونسيتها في مخزنٍ متهدمٍقبل أن أرحلَ من ذلك المنزلِتركتُ النافذةَ مفتوحةًفتجمَّعَتْ عصافيرُ مختلفةبَنَتْ أعشاشَها حول تماثيليوبين الزواياالآن أتذكَّرُ كُلَّ شيءٍكيف نقشتُ صورتكَ فوق لوحٍ رخاميٍّ ؟؟بينما قافلة اليأسِ تتنقلُ بين الحجراتِتلك الحجرات المسكونة بالضجرِ والموتِأعلق صورتَكَ فوق أكبر تماثيليفتسقط صورٌ صغيرةٌحاولتُ جاهدةً ألا أراهاألا أسمعَ صوتَ ارتطامها فوق صحنِ القلبِ***أراكَ تُطِلُّ من النافذةِنفس النافذةِ التي انفتحتْ في وجهي البارحةودخلتْ منها عاصفةٌ مفاجئةٌبعثرتْ أثاثَ الغرفةِ بحركةٍ سريعةٍثم انسحبتْ تاركةً خلفها غُموضاً لذيذاًللغزٍ لم أحاولْ أن أكتشفه قطُّيقول أستاذي العجوزالصحراء فضاء واسع ، قفرلا نباتَ فيه ولا ماءَ ولا حياةَنباتاتهُ الخشنة تنمو بين أوجاعِ النهارِوبين زواياهفتطلُّ من النافذةِ بومةٌ هرمةٌتُحَدِّقُ فينا ..من هنا تتشكلُ خريطةُ الكونِوديان ، وأعشاب ، حشرات مختلفةمن هنا يبدأ الكونُ ..أو ينتهي***سعادُ ..المساءُ انتصفالمساءُ الطالعُ كالأشواكِالمساءُ ، المساءُ ، المساءُأهبطُ درجاتٍ عريضةٍمُهرولةً ..أعبرُ سراديبَ خياليةأسابقُ خيولَ الصوتِسعادُالمساءُ انتصفمن أين لي كل هذه القدرةِ على المضي ..؟؟إحدى عشرة درجةثلاث عشرة درجةعشرون درجةالمساءُ يتدحرجُ كأحشاءِ فراشةٍوأنا أهتزُّأتساقطُ كحباتِ العنبِ***كنت أتدرب على الإيماءاتِ في صالةٍ رياضيةٍ حديثةٍ ، عندما فكرت في أن أتعلمَ لغةً جديدةً ، أستطيع أن أخاطبَ بها حيواناتي الأليفة ،قلت لي مرّةً إنني أمتلكُ قدرةً كبيرةً على التفاهمِ مع المخلوقاتِ الأخرى برغمِ الصعوبةِ التي أجدها في التعاملِ مع البشرِ ، قلتَ لي مراتٍ عديدةٍ ،عليَّ أحوِّلَ هذا الصمتَ إلى إشاراتٍ بسيطةٍ ،فلم أكترثْ لما قلتهُ ، أما الآن فها أنا أمارس طقوسا لم أعتدها من قبل ، أمشي مغمضةَ العينين ، أمشي خطواتٍ للخلفِ ، خطوات للأمام ،أتحول إلى فُتات تحركه عاصفة وتدفنهُ في نهايةِ اللعبةِ في تابوتٍ أسطوري ،لعبة جديدة أدمج الخيالِ بالواقعِ ، فلا أستطيع أن أفرقَبين الوهمِ والحقيقةِ ، لا أعرف أين أسكن ، هذا الحضور ، هذا الغياب ، هذان العالمان ، العالم الوهمي ، العالم الحقيقي .قلتَ لي مرّةً :اخرجُي من تابوتكِ والحقينيلكنني لا أعرف أين أنت الآن ؟؟قلتَ لي مرّة :لكنني نسيتُ وخرجتُ من الصالةِ الرياضيةِضبابٌ كثيفٌالمطارات اختراع حديثكيف أقطع الحدودَ.. ؟؟أعبر إلى الجهةِ الأخرى ،جدي كان يقطع الصحراءَ سعيداً بهذا الفضاءِ الواسع ، كل صباح ، ويعود في نهايةِ اليومِ حاملا معه أرانب صغيرة ،جرابيع ، جلبها من رحلتهِ المعتادةِ .***رمالُ الصحراءِغبارُ عجلاتٍ وحشيةٍمدى ضيقٌ ينهمرُ في الرأسِحول البئرِ تجمَّعتْ مجموعاتتتميز بأنَّ ذكورها وإناثَها على حدٍ سواءبقرون مُقوَّسةٍالضبابُ انتشرعيونها السوداء تتنقل بحذرٍمجموعاتٌ صغيرةٌ تكاثرتْ عند البئرِفلم أعدْ أميز بينها وبين ظلالهاالتي راحتْ تقفز في الهواءِفهل أرثُ هذه القطعانَ الأليفةَ ؟؟هذه الكنوزَ المدفونةَ في الصحراءِأرثُ هذا الفراغَهذه الوحشةَ والصمتَالرمالَ ، الجبالَ ، الصخورَالصمتَ المطبقِ على نفسهِأرثُ الصحراءَ بما فيهاوأغطسُ في نشوةٍ واقعيةٍوريثةُ الصحراءأتشبثُ بالكثبانِ الرمليةِوأسمحُ للطيورِ أن تهاجرَ كيفما تشاءأسمحُ للنباتاتِ الطبيعيةِ أن تتكاثرَ بسلامٍدون أن تدهسها شاحناتُ الحضارةِوأقدامُ الصيادينأمنحُها فرصةً أخرى بعيداً عن دخانِ المصانع ِونفاياتِ المدينةِأتركُ الجِمال تتسكَّعُ بهدوئِها الصامتأرثُ الصحراءَ وما فيهاثمَّ أعودُ إلى بيتيبعدما أقذف ثوبي الفضفاض على قرني غزالٍ شاردٍ***الحمّى تشبُّ في رأسيقد تكون التيفودقد تكون التيفوسأو الصفراء القرمزيةلا أعرفُ أيُّ منها انتشر بين أوصاليأرمي جسدي في الحمَّةلأغتسل بمائها الحار***وحوشٌ شاردةٌ تثقبُ آفاقَ عطشيوحوشٌ مجنَّحةٌ تسابقُ الظلالَخيمةٌ تحترقُجمالٌ موبوءةٌ بالبرصِ تتجَّمعُ عند المدخلِأشعرُ بالحمىنساءٌ ُمبرقعاتٌ يُشعِلنَ الفحمَيتطايرُ الدخانُأنتزعُ صوتي الساقط في أقاليم جليديةمن أي جهة جئنَ ؟؟يسكبنَ سخطهن على رأسينساءٌ مُبَرْقعاتٌ يتسولنَ في أزقَّةٍ ضيقةٍجسمٌ مُعتمٌ يهوي بالقربِ من سريريفأرى قبيلتين قادمتين من باطنِ الواديقبيلتين وخيولا كثيرةًظِلالُ نخيلٍ تتنقلُ معهم أينما ذهبواظلٌّ طويلٌ يلمعُ كُلَّما اقتربوا منيظلٌّ يُشْبهني تمامايمدُّ يدهُ ليفأشعرُ بأنَّ يدي تتفتتُوتختلطُ برمالِ الصحراءِ***الحصى صغيراً كان أم كبيراً ، متجمعاً في مكانٍ واحد أم متناثراً ، الحصى الصلب يستهويني منذ طفولتي الأولى ،كنت أجمعهُ في جيبِ قميصي ، أخبئهُ عن أمي ، وعندما أندسُّ تحت الغطاءِ ، أخرجهُ وأبدأ في قذفهِ إلى الأعلى ،وما أن يصطدمَ بالغطاءِ ويعود إليَّ مرة أخرى حتى أشعربالفرحِ، و أعاود قذفهُ مجدداً .معي الآن خمس حصيَّات مختلفة الحجمِ والملمسِ ، أدسها في جيبِ قميصي فاشعر بالقلقِ كلما سمعت صوتَ ارتطام بعضها ببعض ،خمس حصيات ، وفضاء ملبد بالغيومِ والنسورِ ، خمس حصيات أحجزها منذ زمنٍ طويلٍ في جيبي المثقوبِ دون أن تسقطَ .***أدخل قلعةًأحاول فكَّ رموزهاقلعة أثرية كنت أراها دائماكلما بدأت رحلتي في الصباحِأسمع أصواتا غريبةً في الداخلِأصواتَ نباحٍصفيرَ قطاراتٍدبيبَ أقدامٍ مسرعةٍأدخل قلعةًالرعاة يستقلونها كاستراحةتاركينَ بصماتهم فوق الجدرانِكنت أحدِّقُ فيها وأمضيلم أفكرْ يوماً في أن أزيحَ وحشةَ المكانِأن أتركَ بصمتيلم أفكرْ يوماً في أن أقفَ لحظةً واحدةًحتى لمحتُ طيفكَ يتوارى كالغروبِويغطس في بحريعندها فقط فكَّرتُ أن أدخلَوأتركُ بصماتي في الداخلِ***أتحسَّسُ مقبضَ البابِفينصهر بين يديالطيورُ المحبوسةُ تنصهر هي أيضاًوتذوي عرائس من الشمعِالطريقُ يذوبُالخطى تتبعثرألتقي بجنياتِ الغابةِالشجر المتشابك الكثيفالحيوانات الضخمة الممتلئة بالتحديالزواحف المفترسةالطيور النافشة ريشها في الفضاءِالغابةُ اللاهثة خلف طعناتِ المطرِأدخل قارورةَ الارتواءِأنا القادمة من ملوحةِ العدمأرتوي بنيازكِ الفتنةِأوقظُ شهوةَ العطشِالمطرُ المتوحِّشُ يروينيأطردُ أغنامي النحيلة ، غزلاني المصابة بالتصحَّرِأقعدُ على جذعِ شجرةٍ أرتدي قميصاً وبنطالا وقبعةًأنا القادمةُ من الصحراءِأوزِّعُ ثروتي على قراصنةِ العاجِأخطائي المتتالية أنثرها على صفحةِ البحرِوأكتفي بنبشِ مقبرةِ الوحدةِربما أكتشف سراً جديداًربما أرى جثةً غريبةً لكائن بدائيربما أتعرف على بعضِ البصماتِ التي انطبعتْ منذ الأزلِوحدي في الغابةِ أراقب القرودَ تقفز من جذعٍ إلى آخرسعيدة تلتقطُ حباتِ البندقِ وأصابعَ الموزِ ،وتُقلَّد حركاتي الساخرةوحدي في الغابةِ من خلفي تنهار الكثبانُ الرمليةُالجِمالُ تغوص في كومةِ الترابِفي يدي كتابٌ إلكترونيقطيعٌ من الفيلةِ ينحدر من سلالةِ أسيويةٍ منقرضةٍزحام ببغاوات ملونةوحدي في الغابةِأرتلُ أناشيدَ حزينةً وأبكيفتنتحبُ معي جنياتيينصهرُ الليلُأمدُّ يديَّ المتعبتين ، أتحسَّسُ مقبضَ البابِوما إن ألقي جسدي على السريرِحتى تنطفئ شهبُ العتمةِ***في مكاني المعتادعند مدفأةٍ حجريةٍ أرخي عصايأسدلُ ثوبي على قدميكي أحتمي من لهيبِ النارِ المشتعلةِأسمح للسعاتِ الحرارةِ أن تحرقَ جلديالهواءُ الساخنُ يتجمعُ فوق جبينيأُلقي راحتي على طرفِ المدفأةِخلف البابِ تقف أيائل من نوعٍ نادرٍ تنتظرنيفأرتدي نظارةً واقيةً وأتبعهاسياجٌ من الأشجارِ يتحرك معناممرٌّ طويلٌ للمشاةِ يتعقبناعند بركةِ ماءٍ جافةٍ توقفناكمن يتحسسُ جسرا متخيلا أتحسسُ طريقيحيث ثقلتْ قدماي ، وتاهتافاستعرتُ عكازةَ الهواءِ ، أخذتُ أقفِزُ للأمامِكان الهواءُ متعفنا ، رطبافسقطت في كيس مُخاطي لهرَّةٍ مولودةٍ منذ لحظةٍخرافي البيضاء تدثرتْ بملاءاتِ الفجر.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..أنا وخرافي البيضاء وأيائلياختلطنا برغوةِ التيهِ وتهنا في غيبوبةٍ طويلةٍ***وريثةُ الصحراءِأرثُ هذه الكنوزِ الثمينةِومراجع أستاذي العجوزلكني أذبل كلما سمعتُ صرخةَ ذئبٍكنت أسمعها دائما عندما أفتح النافذةَ في الصباحِوريثةُ الصحراءِأنام على هذا الكرسي الوحيدِ في غرفتي المعتمةغرفتي المسكونة بالذئابِ والصدىأحضن مخدتي وأحدِّقُ في السقفِخيولي المتنكرة بملامح بشريةكانت تزورني كثيرا في النومِ ، وفي أحلامِ اليقظةِكُلَّما غفوتُ تكاثرتْ حوليوعصفتْ بركوديعلى هذا الكرسي المحنِّطِأستضيف أشباحا طيبينوعرائسَ قطنيةًوأسمعُ صوتَ امرأةٍ تهشُّ على قطيعِ الغنمِعلى هذا الكرسي اشعر بالعطشِ.. .. .. .. . .. ..الشارعُ يفلتُ من بين قدميكَالأفقُ يرتعشُأمطارٌ صيفيةٌ خاطفةٌ تهطلالظلال تتداخلُقوسُ قُزحٍ يلمعُأطواقٌ من الياسمينِسنونوات شفافةٌوأنا أتبعكَ ( وريثة الصحراء )أتبعكَ مغمضةَ العينينِ والذاكرة***في الواحدة و النصف تماماأُسْكِتُّ صوتَ المذياعِفتحتُ بابَ سيارتيكانت رغبتي في النزولِ قليلةفتمدَّدتُ على المقعدِ الخلفيأراقب أشعة الشمسِ وهي تلسع ظهر السيارةِلم أرغبْ أيضا في النومِلكنني وجدتهُ الحلَّ الوحيدَوحدي في الصحراءِأُغمض عيني عليكَأَترك الوعولَ الشاردةَ تهزُّ مخدعي بقوةٍالوعولُ الصغيرةُ والبقرُ الوحشيوحدي في الصحراءِ أغفو بسلامٍأتخيل بجعاتٍ يدخلن من نوافذ سرية أسرابا أسراباتنقر أعماقي بمنقارهاأتخيلُ أيضا شجرةَ الصبارِ تتربع في قلبيوحدي في الصحراء أغمض عينيَّ عليكَ وأنامأمنح البريةَ فراديسيوأمنحكَ كنوزَ الصحراءِالشمسَ ،القمرَ ،النسيمَأمرر يديّ على رؤوسِ الجبالِ فتخضع للمساتي***إذن هي الواحدة والنصفظهرا أم صباحا .. لا أعرفأشعر بشدةِ البرودةِ وبقسوةِ الحرارة ِأطلُّ من النافذةِفألمحُ البياضَ مختلطا بالسوادِأُلقي نظرةً خاطفةً على ساعتيفيلسعُني عقربها المتوثِّب***الصحراء ُلا زلت أذكر ما قالهُ أستاذي العجوزالصحراء فضاء واسع قفر لا حياة فيه ولا نبات ولا ماءما الذي يدعوني لزيارةِ متحفٍ بِلا أبوابٍ في هذا اليومِالرمالُ تتساقطُ من الرفوفِالحائطُ متهالكٌآثارُ أقدامٍ متناثرةٍ في ُكلِّ مكانٍأُزحزِحُ قدميَّ الذائبتين في بركةٍ من الرمالِكفَّاي تلامسان الطريقهذا المتحف الوحيد الذي أزورهُ في هذه المدينةِكلما أحسست برغبةٍ قويةٍ في أن أدفنَ جسمي في الرمالِما الذي يجعلني أتكسَّرُ عند قدميكَ وأنتَ تعبر حقولي الكثيفة ؟؟وأنتَ تغزلني على مرايا الحلمِخشنة بصماتكَتحفر على جلدي وشما قاسيابصماتُكَ الأثرية على جسدي المجبولِ بالتعبِأحببتكَ دومامنذ تهشَّمت الشمسُ تحت رأسيواستطالت النباتات التي جلبتها من رحلتكَ الأخيرةوحبستها في أصيصٍ فُخَّاريثمَّ تركتها في الزاويةِورحت تسابق فزاعات أنيقة اشتريتها من بائع متجولشاهدتهُ في رحلتكَ الأخيرة أيضاً***لا علاقة لي بكلِّ ما يحدثيدٌ تُهدهدنيكأنها آلاف الأيادي تندسُّ فجأة بين أوصاليتوقظني ..فأعيد ترتيبَ الطاولةِأسحبُ جسدي الساقط في صندوقٍ كبيرٍثمة أظافر رهيبة تخدشُ ذاكرتيثمة رجفة مخبأة في حقيبتي المخمليةِأريد صرخةً واحدةً فقط كي تبعثرنيوترمِّمَ أيامي المتهالكةزميلاتي عند البابِأستاذي العجوز يوزّع ابتسامته الشاحبةأُلقي نظرةً أخيرةً على السبورةِ الملطخةِ بالطباشيرِنظرةً أخيرةً إليكَقبل أن يبتلعني الزحامُ
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.