إقبض على جمر انكساري

لـ الطاهر الصوني، ، في غير مُحدد، 154، آخر تحديث

إقبض على جمر انكساري - الطاهر الصوني

إقْبضْ على جمر انكساري يا أبي
فأنا هُنا،
بين الرَّدى و بداية التِّيه
اتخذت قراري ...
و بنيت بالحرف الرؤى
و بما تبقَّى من رُفات الفُلْك،
يسكنني،
و أشتاتٍ من الكلِم المعتَّق
حينما الشمسُ انحنَتْ للظلِّ ،
و الظلُّ اعتلى،
ثُمَّ انحنى للماء و النارِ ....
فأنا بقيَّة آدمٍ،
من صُلْب نوحِ جئْتُ،
أزرع في حقول التيه أشعاري
و أنا بقيَّة موجة،
حمَلَتْ سفينته إلى الجُودِي،
لكي يعْلُو المُقدَّسُ في مداكَ ...
و تنحني لله تعبدُه ...
فينصهر أنتماؤك
في مداري ...
و أنا بقية طينة
لزَبَتْ بأوجاعي عصُورًا
كيْ تشُقَّ بها دمائي المستحيلَ إلى البَوَارِ.
منك انسلخْتُ أبِي،
و منْ وجع الثرى انهمرَتْ وُرَيْقَاتي
على حرفي،
فأوْجَس خيفةً مِنِّي سرابُك،
و انحنت أشجاري ...
حين امتدادك في الورى
بين انهزامك و انتظارك
و انكساري...
إقبضْ على جمْر انكساري
فهنا أقمتُ مقابري
و عجنتُ طين دفاتري
و حملتُ نعشي في ضلوعي،
و ارتحلتُ إلى المدى
قبل انهياري .
كانت فروعي في السماء تشدُّني،
و الأرض قد جَذَبَتْ إليها طينتي،
و الشعر ينبض في قراري...
وجعٌ أنا،
و خطيئتي وجعٌ...
و هابيلُ انتهى وجعًا ...
يحذِّق بالديارِ...
و يظل قابيل المُمَرَّغ في دمي
في الأرض ينْبش تربتي،
ويُرَوِّض الآلام،
يحفر في البراري ...
في كل يوم، كي يُوَاري ما جَنَتْ يدُه ...
تحت الثرى...
و تظلُّ تسكنُه الندامةُ،
كلَّما همَّت يداه باحتراف الموت
ينتكسُ المدى،
تشَّقَّق الكلماتُ،
و الدمع يجري في انهمارِ...
لازال نبض الأنبياء يهزُّ قلبك يا أبي،
ستون عاما تنحني للريح و الأمطارِ
كي تصعد الآلام من حُفَر الظلامِ
لبرجها الهارِي ...
في كل يوم تنحني،
تُخْفي القَوافِي في مَداكَ،
و تستريح على بقايا الحرف
من تعب الدُّوَارِ
تنْزاح نحوي في شموخ يا أبي
و تُعيد تشكيلي و هَمْسَ الحرْفِ
في سِفْر انهزامك و انكساري ...
فاقبض على جمر انكساري
© 2024 - موقع الشعر