أن تحيا حرا في بلد العسكرْيعني أن تقضي نصف حياتك في المخفرْو النصف الآخر بين المخفر و المخفرْلا تتحرّز أو تترك عاداتكَكل الطرقات تؤدي للمخفرْإذهب للمقهى.. أطلب قهوتك المعتادةَلا تتعب نفسك و النادلَ.. لن تفلح في إخفاء مرارة روحكَحتى لو زاد لها عشر ملاعق سكرْإضحك.. غني.. دخن..أطلق بضع نكاتٍ شائنة عن حفّاظ فخامته..أَوغلْ في السخف و ثرثرْ....بعد الظهر ستذهب للمخفر مختارافي الباب ستلقى شرطيا مبتدئا ينظر نحوك في شزرٍ..يشتم أهلك.. نصف الشعب..و كل الأحرار فداء لفخامته و يزمجرْ..في القاعة تلقى سحنات شتى منها المألوف و نصف المألوف و..عجبٌ !! وجه لا تعرفه !لابد غريب خانته الصدفة أو مألوف من كثر التعذيب تغيّرْمخمور شتم السلطة و الشعب و ما بينهما في الشارع جهرا و تبخترْو الآخر لم يأكل منذ ثلاثة أيام.. في لحظة غيظ شتم السلطةو الكرسي و زوجه و الأطفال و لم يجهرْمسكين آخر لم ينطق من أسبوعقالوا صمته مشبوه.. لابد يخطط للثورة..مجنون الحارة أيضا يجلس مبتسماقالوا متهم بالتحريض على العصيانو قيل عميل بالخبْل تستّرْ !!..تستلقي في كرسي مهترئ في الركن الأقصىتتسلى بقراءة بعض شعارات في جدران الغرفة لا تخدع حتى الأطفالو ترجع للتقليب ببضع مجلات نثرت قدامكتضحك.. هل يوجد حقا من يقرأها و يصدقها ؟و تحدق في بعض رفاقكمجنون الحارة مبتسما مازال يحدق في اللاشيءِو غير المألوف يطالع ساعته في قلق.. لا بد تأخرْو المخمور يدندن لحنا بدويا قذرا.. ينهره الصامتفيجيبه أن المخفر أقذزْكان نشيد الوطن المنكوب هنالك أيضا محتجزا في برواز ذهبيحيّيتَهُ منكسرا..رد عليك و لم يعتب أنك جافيته من أيام الصف السادس و المئزرْ..و أخيرا يأتي دوركياااه نفس الشرطي المبتدئ ال..كم يزعجك الشرطيون المبتدؤونالحمقى ملتزمون بتطبيق القانون و بالإجراءات و بالصفع كذلكتتأفّف.. قد تمضي الليل هنا.. لا بأسَو لكن تذكر أنك لم تحضر ما يكفي من تبغ كي تسهرْمعتاد أنت على الخيبات ستصبرْحياك ببعض شتائم مخزية –وطني جدا إبن الخردة- و افتتح المحضرْ:- إسمك ؟ عمرك ؟ شغلك ؟ عنوانك ؟- إسمي ؟يأسُ ابن القهر أناعمري عمر القهر بهذي الأرض الموبوءة بالإعلام و بالتلمود و بالعسكرْشغلي ؟ليس يهمك.. بطال أو أكدح لا فرق هنافالكل سواء في دكان الحي مجرد رقم في دفترعنواني مقهى الحي و أرصفة الحارات المنسيةلكن في الأغلب تلقاني في المخفرْ- من أين أتيت و أين ذهبت و من لاقيت و ماذا قال و ماذا قلت..- لم يبق إلا أن تسأل عن..همّ بصفعك لكن مهلا.. شيء يحدث في المخفرينفتح الباب و تدخل كرشيقف الشرطي.. يعدّل بذلته في عجلٍبعد قليل يلتحق الضابطينظر نحوك في مللٍ- من هذا ؟- زنديق يكفر بالرب و يشتم دولاب الكرسي و يسخرْلكن لا تقلق سنؤدبه و نريه النجم القطبي بعز الظهرِكذلك لو شئت نريه الدب الأكبر و القرد الأصغرْيشتمك -بحكم الواجب طبعا- و يغادر.. فيعود التحقيق لمجراه..يمر أمامك شرطي مازال قليلا إنسانايبدو أنه يذكر وجنتك المزرقّة من آخر تحقيقيتظاهر بالتفتيش بدرج المكتب..يترك قربك بضع سجائر.. يشتم أهلك –مضطرا- و يغادريطول الليل و يمتد التحقيق و مازلتَ أمامه تهذي و تثرثرْمازال (المفعول به) يرجو أن يُخرج من هذيانك شيئا يبدو كالتهمةكي يرتاح و يغلق هذا المحضرْيتعب جدا جدا.. تسودّ جفونه.. مسكين..و ترق له.. تلقي نحوه آخر سيجار و تساعده في رقن المحضرْيشتم أهلك ثانية –أو عاشرة لا تذكر- ليس بحكم الواجب لكن هذي المرة للمظهرْ..تخرج من مخفرهم كالأجرب ينكرك الأصحاب و يلعنك الأهل جميعافجميعهمُ سيزور المخفرْستزور المخفر أمك و أبوك.. أخوك..و جارك أيضا سيزور المخفرْصافحك اليوم صباحا بالأحضان و سلمك المسكين ثلاثة أوراقكي تكتب مرسولا لحبيبته.. قد ترضى و تشاركه المنكرْو صديق جالسته في المقهى دسّ بجيبك بضع دنانيرٍ سيزور المخفرْبنت أربكها تحديقك فابتسمت في خجل ستزور المخفرْشحاذ أعياك بإلحاحه فدسست بجيبه شيئا كي تسكته مسكين سيزور المخفرْمجهول أخطأت برقمه في الهاتف أيضا سيزور المخفرحتى بغي أمضيت الليل بغرفتها ستبيت الليلة في المخفرْلا تدري.. المخفر في الحارة أم كل الحارة صارت مخفرْ..تلمح شيئا خلفكتذكر أنك شاهدته بالصدفة في زاوية في المخفركان هنالك أيضا في المقهى يتأمل وجهك في بله و يخربش في الدفترْيشبه ظلك ؟ !!تذكر بالأمس مشيت بظلين و كان الليل حزيناو الظل الآخر يمشي خلفك كالمخمور يثبت قبعة سوداء تشاكسها الريح و..مهلا.. لكنك لم تلبس قبعة بالأمس و لم تسكر !!تلتاث و تهذي..هل كان المخبرُ ظلَّك أم كان الظلُّ هو المخبرْ ؟!!
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.