(1)(كُنّا أسياداً في الغابة.قطعونا من جذورنا.قيّدونا بالحديد. ثمّ أوقفونا خَدَماً على عتباتهم.هذا هو حظّنا من التمدّن.)ليس في الدُّنيا مَن يفهم حُرقةَ العبيدمِثلُ الأبواب !(2)ليس ثرثاراً.أبجديتهُ المؤلّفة من حرفين فقطتكفيه تماماًللتعبير عن وجعه:( طَقْ ) !(3)وَحْدَهُ يعرفُ جميعَ الأبوابهذا الشحّاذ.ربّما لأنه مِثلُهامقطوعٌ من شجرة !(4)يَكشِطُ النجّار جِلدَه ..فيتألم بصبر.يمسح وجهَهُ بالرَّمل ..فلا يشكو.يضغط مفاصِلَه..فلا يُطلق حتى آهة.يطعنُهُ بالمسامير ..فلا يصرُخ.مؤمنٌ جدّاًلا يملكُ إلاّ التّسليمَبما يَصنعهُالخلاّق !(5)( إلعبوا أمامَ الباب )يشعرُ بالزَّهو.السيّدةُتأتمنُهُ على صغارها !(6)قبضَتُهُ الباردةتُصافِحُ الزائرينبحرارة !(7)صدرُهُ المقرور بالشّتاءيحسُدُ ظهرَهُ الدّافىء.صدرُهُ المُشتعِل بالصّيفيحسدُ ظهرَهُ المُبترد.ظهرُهُ، الغافِلُ عن مسرّات الدّاخل،يحسُدُ صدرَهُفقطلأنّهُ مقيمٌ في الخارِج !(8)يُزعجهم صريرُه.لا يحترمونَ مُطلقاً..أنينَ الشّيخوخة !(9)ترقُصُ ،وتُصفّق.عِندَهاحفلةُ هواء !(10)مُشكلةُ باب الحديدإنّهُ لا يملِكُشجرةَ عائلة !(11)حَلقوا وجهَه.ضمَّخوا صدرَه بالدُّهن.زرّروا أكمامَهُ بالمسامير الفضّية.لم يتخيَّلْ،بعدَ كُلِّ هذهِ الزّينة،أنّهُ سيكونسِروالاً لعورةِ منزل !(12 )طيلَةَ يوم الجُمعةيشتاق إلى ضوضاء الأطفالبابُ المدرسة.طيلةَ يوم الجُمعةيشتاقُ إلى هدوء السّبتبابُ البيت !(13)كأنَّ الظلام لا يكفي..هاهُم يُغطُّونَ وجهَهُ بِستارة.( لستُ نافِذةً يا ناس ..ثُمّ إنني أُحبُّ أن أتفرّج.)لا أحد يسمعُ احتجاجَه.الكُلُّ مشغولبِمتابعة المسرحيّة !(14)أَهوَ في الدّاخلأم في الخارج ؟لا يعرف.كثرةُ الضّربأصابتهُ بالدُّوار !(15)بابُ الكوخيتفرّجُ بكُلِّ راحة.مسكينٌ بابُ القصرتحجُبُ المناظرَ عن عينيهِ، دائماً،زحمةُ الحُرّاس !(16)(يعملُ عملَناويحمِلُ اسمَنالكِنّهُ يبدو مُخنّثاً مثلَ نافِذة.)هكذا تتحدّثُ الأبوابُ الخشَبيّةعن البابِ الزُّجاجي !(17)لم تُنْسِهِ المدينةُ أصلَهُ.ظلَّ، مثلما كان في الغابة،ينامُ واقفاً !(18)المفتاحُالنائمُ على قارعةِ الطّريق ..عرفَ الآن،الآن فقط،نعمةَ أن يكونَ لهُ وطن،حتّى لو كانثُقباً في باب!(19)(- مَن الطّارق ؟- أنا محمود .)دائماً يعترفون ..أولئكَ المُتّهمون بضربه !(20)ليسَ لها بيوتولا أهل.كُلَّ يومٍ تُقيمبين أشخاصٍ جُدد..أبوابُ الفنادق !(21)لم يأتِ النّجارُ لتركيبه.كلاهُما، اليومَ،عاطِلٌ عن العمل !(22)- أحياناً يخرجونَ ضاحكين،وأحياناً .. مُبلّلين بالدُّموع،وأحياناً .. مُتذمِّرين.ماذا يفعلونَ بِهِم هناك ؟!تتساءلُأبوابُ السينما.(23)(طَقْ .. طَقْ .. طَقْ )سدّدوا إلى وجهِهِ ثلاثَ لكمات..لكنّهم لم يخلعوا كَتِفه.شُرطةٌ طيّبون !(24)على الرّغمَ من كونهِ صغيراً ونحيلاً،اختارهُ الرّجلُ من دونِ جميعِ أصحابِه.حَمَلهُ على ظهرِهِ بكُلِّ حنانٍ وحذر.أركَبهُ سيّارة.( مُنتهى العِزّ )..قالَ لنفسِه.وأمامَ البيتصاحَ الرّجُل: افتحوا ..جِئنا ببابٍ جديدلدورةِ المياه !(25)- نحنُ لا نأتي بسهولة.فلكي نُولدَ،تخضعُ أُمّهاتُنا، دائماً،للعمليّات القيصريّة.يقولُ البابُ الخشبي،وفي عروقه تتصاعدُ رائِحةُ المنشار.- رُفاتُ المئات من أسلافي ..المئات.صُهِرتْ في الجحيم ..في الجحيم.لكي أُولدَ أنا فقط.يقولُ البابُ الفولاذي !(26)- حسناً..هوَ غاضِبٌ مِن زوجته.لماذا يصفِقُني أنا ؟!(27)لولا ساعي البريدلماتَ من الجوع.كُلَّ صباحيَمُدُّ يَدَهُ إلى فَمِهويُطعِمُهُ رسائل !(28)( إنّها الجنَّة ..طعامٌ وافر،وشراب،وضياء ،ومناخٌ أوروبّي.)يشعُرُ بِمُنتهى الغِبطةبابُ الثّلاجة !(29)- لا أمنعُ الهواء ولا النّورولا أحجبُ الأنظار.أنا مؤمنٌ بالديمقراطية.- لكنّك تقمعُ الهَوام.- تلكَ هي الديمقراطية !يقولُ بابُ الشّبك.(30)هاهُم ينتقلون.كُلُّ متاعِهم في الشّاحِنة.ليسَ في المنزل إلاّ الفراغ.لماذا أغلقوني إذن ؟!(31)وسيطٌ دائمٌ للصُلحبين جِدارين مُتباعِدَين !(32)في ضوء المصباحالمُعلَّقِ فوقَ رأسهِيتسلّى طولَ الليلبِقراءةِكتابِ الشّارع !(33)( ماذا يحسبُ نفسَه ؟في النّهاية هوَ مثلُنالا يعملُ إلاّ فوقَ الأرض.)هكذا تُفكِّرُ أبواب المنازلكُلّما لاحَ لهابابُ طائرة.(34)من حقِّهِأن يقفَ مزهوّاً بقيمته.قبضَ أصحابُهُمن شركة التأمينمائة ألفِ دينار،فقط ..لأنَّ اللصوصَخلعوا مفاصِلَه !(35)مركزُ حُدودبين دولة السِّرودولة العلَن.ثُقب المفتاح !(36)- محظوظٌ ذلكَ الواقفُ في المرآب.أربعُ قفزاتٍ في اليوم..ذلكَ كُلُّ شُغلِه.- بائسٌ ذلك الواقفُ في المرآب.ليسَ لهُ أيُّ نصيبمن دفءِ العائلة !(37)ركّبوا جَرَساً على ذراعِه.فَرِحَ كثيراً.مُنذُ الآن،سيُعلنون عن حُضورِهمدونَ الإضطرار إلى صفعِه !(38)أكثرُ ما يُضايقهُأنّهُ محروممن وضعِ قبضتهِ العاليةفي يدِ طفل !(39)هُم عيّنوهُ حارِساً.لماذا، إذن،يمنعونَهُ من تأديةِ واجِبه ؟ينظرُ بِحقد إلى لافتة المحَل:(نفتَحُ ليلاً ونهاراً) !(40)- أمّا أنا.. فلا أسمحُ لأحدٍ باغتصابي.هكذا يُجمِّلُ غَيْرتَهالحائطُ الواقف بينَ الباب والنافذة.لكنَّ الجُرذان تضحك !(41)فَمُهُ الكسلانينفتحُوينغَلِق.يعبُّ الهواء وينفُثهُ.لا شُغلَ جديّاً لديه..ماذا يملِكُ غيرَ التثاؤب ؟!(42)مُعاقٌيتحرّكُ بكرسيٍّ كهربائي..بابُ المصعد !(43)هذا الرجُلُ لا يأتي، قَطُّ،عندما يكونُ صاحِبُ البيتِ موجوداً !هذهِ المرأةُ لا تأتي، أبداً ،عندما تكونُ رَبَّةُ البيتِ موجودة !يتعجّبُ بابُ الشّارع.بابُ غرفةِ النّوم وَحدَهُيعرِفُ السّبب !(44)( مُنتهى الإذلال.لم يبقَ إلاّ أن تركبَ النّوافِذُفوقَ رؤوسنا.)تتذمّرُأبوابُ السّيارات !(45)- أنتَ رأيتَ اللصوصَ، أيُّها الباب،لماذا لم تُعطِ أوصافَهُم ؟- لم يسألني أحد !(46)تجهلُ تماماًلذّةَ طعمِ الطّباشيرالذي في أيدي الأطفال،تلكَ الأبوابُ المهووسةُ بالنّظافة !(47)- أأنتَ متأكدٌ أنهُ هوَ البيت ؟- أظُن ..يتحسّرُ الباب :تظُنّ يا ناكِرَ الودّ ؟أحقّاً لم تتعرّف على وجهي ؟!(48)وضعوا سعفتينِ على كتفيه.- لم أقُم بأي عملٍ بطولي.كُلُّ ما في الأمرأنَّ صاحبَ البيتِ عادَ من الحجّ.هل أستحِقُّ لهذاأن يمنحَني هؤلاءِ الحمقىرُتبةَ ( لواء ) ؟!(49)ليتسلّلْ الرّضيع ..لتتوغّلْ العاصفة ..لا مانعَ لديهِ إطلاقاً.مُنفتِح !(50)الجَرسُ الذي ذادَ عنهُ اللّطمات ..غزاهُ بالأرق.لا شيءَ بلا ثمن !(51)يقفُ في استقبالِهم.يضعُ يدَهُ في أيديهم.يفتحُ صدرَهُ لهم.يتنحّى جانباً ليدخلوا.ومعَ ذلك،فإنَّ أحداً منهُملم يقُلْ لهُ مرّةً :تعالَ اجلسْ معنا!(52)في انتظار النُزلاء الجُدد..يقفُ مُرتعِداً.علّمتهُ التّجرُبةأنهم لن يدخلواقبل أن يغسِلوا قدميهِبدماءِ ضحيّة !(53)( هذا بيتُنا )في خاصِرتي، في ذراعي،في بطني، في رِجلي.دائماً ينخزُني هذا الولدُبخطِّهِ الرّكيك.يظُنّني لا أعرف !(54)(الولدُ المؤدَّبلا يضرِبُ الآخرين.)هكذا يُعلِّمونهُ دائماً.أنا لا أفهملماذا يَصِفونهُ بقلَّةِ الأدبإذا هوَ دخلَ عليهمدون أن يضربَني ؟!(55)- عبرَكِ يدخلُ اللّصوص.أنتِ خائنةٌ أيتها النّافذة.- لستُ خائنةً، أيها الباب،بل ضعيفة !(56)هذا الّذي مهنتُهُ صَدُّ الرّيح..بسهولةٍ يجتاحهُدبيبُ النّملة !(57)( إعبروا فوقَ جُثّتي.إرزقوني الشّهادة.)بصمتٍتُنادي المُتظاهرينبواّبةُ القصر !(58)في الأفراح أو في المآتمدائماً يُصابُ بالغَثيان.ما يبلَعهُ، أوّلَ المساء،يستفرغُهُ، آخرَ السّهرة !(59)اخترقَتهُ الرّصاصة.ظلَّ واقفاً بكبرياءلم ينزف قطرةَ دَمٍ واحدة.كُلُّ ما في الأمر أنّهُ مالَ قليلاًلتخرُجَ جنازةُ صاحب البيت !(60)قليلٌ من الزّيت بعدَ الشّتاء،وشيءٌ من الدُّهن بعد الصّيف.حارسٌ بأرخصِ أجر !(61)نحنُ ضِماداتلهذه الجروح العميقةفي أجساد المنازل !(62)لولاه..لفَقدتْ لذّتَهامُداهماتُ الشُّرطة !(63)هُم يعلمون أنهُ يُعاني من التسوّس،لكنّ أحداً منهملم يُفكّر باصطحابِهِ إلىطبيب الأسنان !(64)- هوَ الذي انهزَم.حاولَ، جاهِداً، أن يفُضَّني..لكنّني تمنَّعْتُ.ليست لطخَةَ عارٍ،بل وِسامُ شرَف على صدريبصمَةُ حذائه !(65)- إسمع يا عزيزي ..إلى أن يسكُنَ أحدٌ هذا البيت المهجورإشغلْ أوقات فراغِكَبحراسة بيتي.هكذا تُواسيهِ العنكبوت !(66)ما أن تلتقي بحرارة الأجسادحتّى تنفتحَ تلقائيّاً.كم هي خليعةٌبوّاباتُ المطارات !(67)- أنا فخورٌ أيّتُها النافذة.صاحبُ الدّار علّقَ اسمَهُعلى صدري.- يا لكَ من مسكين !أيُّ فخرٍ للأسيرفي أن يحمِل اسمَ آسِرهِ ؟!(68)فكّوا قيدَهُ للتّو..لذلكَ يبدومُنشرِحَ الصَّدر !(69)تتذمّرُ الأبواب الخشبيّة:سَواءٌ أعمِلنا في حانةٍأم في مسجد،فإنَّ مصيرَنا جميعاًإلى النّار !(70)في السّلسلةِ مفتاحٌ صغيرٌ يلمع.مغرورٌ لاختصاصهِ بحُجرةِ الزّينة.- قليلاً من التواضُعِ يا وَلَد..لولايَ لما ذُقتَ حتّى طعمَ الرّدهة.ينهرُهُ مفتاحُ البابِ الكبير!(71)يُشبه الضميرَ العالمي.دائماً يتفرّج، ساكتاً، على ما يجريبابُ المسلَخ!(72)في دُكّان النجّارتُفكّرُ بمصائرها:- روضةُ أطفال ؟ ربّما.- مطبخ ؟ مُمكن.- مكتبة ؟ حبّذا.المهمّ أنها لن تذهبَ إلى السّجن.الخشَبُ أكثرُ رقّةمن أن يقوم بمثلِ هذه المهمّة !(73)الأبوابُ تعرِفُ الحكايةَ كُلَّهامن ( طَقْ طَقْ )إلى ( السَّلامُ عليكم.)
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.