ذات صباح .. ذهبت صباح ..لم تسلك الطريق ذاته المعتاد كل يومحيث الكتاب .. والمعلمات ..والصاحبات يلتقين زمراً ..والجد والمزاح ..لكنها مضت على طريقيُحمل الإنسان فيه ثم لا يعودإلى مكان شاخص هناك طرف المدينةهو المكان نفسه .. أنّى اتجهتهي المسمّى نفسه .. أنّى سألت ..لا ظل .. لا أطلال .. لا بناءإلا بقايا الصمت .. والسكون .. والسكينةإلا وجوه ترسم الأسى ..شاحبة باهتة حزينة ..إلا الغبار يلعق الثرى وطينة باردة قد أسندت لطينه ..وكلما رحلت عن مدينةٍ يبقى المكان وحده هناك شاخصاًوتختفي المدينه ..هناك تنتهي فوارق الحياة كلها ..وتنتهي الألقاب والأسماء كلها ..وتنتهي الأحقاد .. والصداقات جميعهاهناك تسقط الحدود في معالم الزمان والمكانوربما تجمّع الأحفاد والجدودوربما تجاور اللدود واللدود* * *عند الصباح ..والليل يسحب الرداء في سكونوالضوء ينزع الكرى عن الجفونويبسط المدى فتسرح العيونوتستفيق بالنسائم الغصونوالطل يغسل الربىوينثر الرذاذ في البطاح ..هناك غادرت صباح ..غيمة شفيفهونجمة أليفة ونسمة باردة خفيفهكأنها في ذلك الصباح موكب العبيريبث في الحياة أملاًويُلبس الغصون حللاًويُنعش التلال والسفوحوينثر العطور في شقائق الزهوروفي براعم الليمون والتفاح ..وماج بالحياة حولها الصباحوأخذت تراقب الحياة إذ تعود للحياةوطاف في خيالها خيالبأنها لن تلبس المريول .. ذلك الصباح والعباءة السوداءوطاف في خيالها بأنها توشحت ملاءة ناصعة بيضاءوحملت حتى تبيت وحدها هناك خارج المدينه ..وطاف في خيالها أن صباحها هذا لعله الأخيروأن رحلة المسير بدأت للعالم الأخير ..وفي الخيال هاتف يقول ..قد أزف المصير ..توضأت :ورفعت نحو السماء راحتين ..وركعت رغم العناء ركعتينوخط كفها النحيل جملتينرسالة الوداع للمعلمه :هما الرحيل .. باهتاًهما الفراق .. خافتاًهما الحنين .. صامتاًمن غير صخب ولا صياح ..* * *صباحكانت الصباح حافلاًبالنور بالندى بالبلبل الصدّاح ..وكانت الحياة كلها من الجناح للجناحوكانت اللقاء والوداع ..والرحيل والمقيل ..وأملاً في عودة من بعد سفر طويلمهما تعالت الأمواج .. لججاً وجنت الرياح ..وخيّم الذهول فوق ناظري ملاّح ..كانت حياتها المريول والكتاب والدواء والجراح ..وكان وقتها بين عنابر التنويم والتعليموبين بيتها لو سلمت لساعة من الضنى المقيم ..وكان حبها .. للأهلواشتياقها لصحبة الزميلات .. وللمعلمات ..لكنها تعلقت من بينهن شغفاً بفاطمةتلك التي تطل من خلالها ابتسامة الربيعوفورة الصباحوارتعاشة ارتياح ..تفضي إليها كلما تدافعت إلى سريرها الأشباحتبثها شيئاً من الأسى ..تخففاً ..ومن مواجع .. ومن همومتحكي عن العواصف التي تمورحين يخفت الرجا .. وتحلك الغيوم ..تحكي عن العناء حاضراً ..من المساء باكراً ..إلى الصباح باكراً ..في دمعة ومبضع ودموفي وجوه أينما تلفتت يشوبها وجوم ..تحكي عن اشتياقها في أن تمر ليلة واحدةمن غير غصة من غصص العدممن غير سهر ينطوى على مفاوز الألم ..تحكي لها عن عالم تراه قائماً هناك ..عن موكب هناك قادماً ..كأنه بعيد .. كأنه قريبيفيض بالحنان بالرجاء .. بالحلم ..يفيض بالنعيمتحكي .. لها .. ويغلب الشحوب ..وفجأة .. تذوب ..ويسقط القرطاس .. والحروف .. والقلم ..وتختفي صباح ..
مناسبة القصيدة
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.