في ضباب الحُلْم طوّفتُ مع السارين في سوق عتيقِغارق في عطر ماء الورد, وامتدّ طريقيوسّع الحُلْم عيوني, رش سُكْرًا في عروقيثملت روحي بأشذاء التوابلْوصناديق العقيقِوبألوان السجاجيد,بعطر الهيل والحنّاء,بالآنية الغَرْقى الغلائلْسرقت روحي المرايا, واستداراتْ المكاحلْكنتُ نَشْوى, في ازرقاق الحُلْم أمشي وأسائلْأين دكّان القرائين الصغيرهْأشتري من عنده في الحلم قرآنًا جميلاً لحبيبييقتنيه لحن حبٍّ,قَمرًا في ليلةٍ ظلماء,خبزًا وخميرهْعندما في الغد يَرْحَلْمن مطار الأمس والذكرى حبيبييتوارى وجهه خلف التواءات الدروبِ**سرتُ في السوق,إذا مرّ بقربي عابرٌ ما,أتمهّلثم أسألْ:سيّدي في أي دكّان ترى ألقى القرائين الصغيرهْأيّ قرآن, سواءٌ أحواشيه حروف ذهبيّهْأم نقوش فارسيّهْأي قرآن?..... وفي حلمي يقول العابرُلحظة يا أختُ, قرآنكِ في آخر هذا المنحنى, في (مندلي)اسألي عن (مندلي)فهو دكان القرائين الصغيرهْويغيب العابرُ...وجهه في الحُلْم لونٌ فاترُ...ثم أمضى في الكرى باحثةً عن (مندلي)حيث أبتاعُ بما أملك قرآنًا وأهديه حبيبيحينما يرحلُ عني في غدٍ وجه حبيبيوتغطيه المسافاتُ وأبعاد الدروبِحيث أبتاع من الدكان قرآنًا صغيرًا لحبيبيثم أهديه له عند الوداعْليخبّي ضوءه في صدره بُرْعَم طيبِوليؤويه إليه حرز حبيوعصافيري المشوقاتِ,وتلويح ذراعيواختلاجاتِ شراعي**سرتُ في حلميَ في السوق قريرهْأسرتْ روحي السجاجيدُ الوثيرهْوأواني عطرِ ماء الورد, والكعبةُ صورهْنعستْ ألوانها في حضن حانوتٍ,وفي حلمي مضيتُفي دمي شوقٌ لدكان القرائين الصغيرهْوحلمتُوحلمتُبقرائينَ كثيراتٍ, وأختارُ أنا منها, وأهدي لحبيبيفي صباح الغد قرآنًا, ويؤويه حبيبيصدرَهُ تعويذةً تدرأ عنه الليلَ والسَّعْلاة في أسْفَارِهِتزرع اسم الله في رحلته, تسقيه من أسرارِه**كان كلّ الناس لي يبتسمونوعلى لهفة أشواق سؤالي ينحنونْزرعوا حلمي وروداوسّعوا السوقَ زوايا وحدوداكلهم كانوا يشيرون إلى بعض مكانٍ غامض إذ يعبرونْيهمسون:اسألي عن (مندلي)ابحثي عن (مندلي)دكّة في آخر السوق وتُلْفين القرائين الصغيرهْأطعموا قلبيَ من نكهة كُتْبٍ عنبريّاتِ كثيرهْبينها ألقى عصافيري القرائين الصغيرهْحيث أختارُ وأهدي لحبيبيواحدًا يحميه من ليل الدروبِووشايات المغيبِواحدًا يحمله في الطائرهْباقةً من زنبق الله, وسُحْبًا ماطرهْ**سرتُ طول الليل في حلمي, ولكن أين ألقى (مندلي)?شَعَّب السوق حناياه,ترامَى,وتَمدّدْصار عشرين, دوربًا وزواياوفروعًا وخباياوتعدّدْوتعدّدْحيرتي أبصرتها طالعة من قعر آلاف المراياقذفتني الامتداداتُ ومصتني الحناياوأنا أشرب كوبًا فارغًا, والسوق مُجْهَدْتحت خطوي, ودمي يلهث شوقًاوأنا أعطش في أرض الرؤى, أذرعها غربًا وشرقًالستُ أُسْقى, لست أُسْقَىضاع مني (مندلي)ضاعَ, لا القرآنُ, لا الأشذاء ليما الذي بعد عطوري, وقرائيني تَبَقَّى**مرَّ بي في سوق حلمي ألفُ عابرْكلهم قالوا: - وراء المنحنى التاسع يحيا (مندلي)حيث قرآني وعطري المتناثرحيث أَلْقَى (مندلي)(مندلي) يا أنهرا من عَسَلِيا ندًى منتثرًا فوق بيادرْيا شظايا قمر مغتسلِفي دموعي,يا أزاهيرُ من الياقوت نامت في غدائرْيا هتافاتِ أذان الفجر من فوق منائر(مندلي) يا (مندلي)اسمه فوق الشفاهْفلّة غامضة اللون,وشمعٌ,وتراتيلُ صلاهْوزروع ومياهْوأنا مأخوذة الأشواق أدعوه ولكن لا أراهْوأنا من دون قرآن حبيبيومع الفجر سيرحَلْفي انبلاج الغَسَق القاني حبيبيوشفاهي صلواتٌ تترسَّلوعناقيد دموع تتهدّلْانبثق يا عطش السوق انبثق يا (مندلي)يا قرائين حبيبييا ارتعاش السنبلِفي حقول الحلم من ليلى العصيبِ**أين مني (مندلي)? والبائع المصروع من عطر القرائينْ?ذاهلاً مستغرقًا في حُلُمِ?ضائعًا هيمان مأخوذًا بأفق مبهمِيتشاجى, وجدُهُ سُكْرٌ وتلوينْصاعدًا من ولهٍ في عالم من عنبر مضطرمِتائهًا من شوقه عَبْرَ بساتينْعطشات النخل, والقرآن في تمُّوزها أمطار تشرينْ(مندلي) يا ظمأى يا جرح سكّينْفي خدود وشرايينْ**وطريقي نحو دكان القرائين الصغيرهْفيه أوراد لها عطر عجيبُكل من ذاق شذاها تائهٌ,منسرق الروح,شريدٌلا يؤوبُمندلي يا حقل نسرينْذقتُ أسرارَكَ واستبعدتُ كوبيلم أعد أعرف فجري من غروبيوتواجدْتُ وضيّعتُ دروبيوتشوقت لقرآنٍ, على رفّكَ غافٍ,أشتريه لحبيبي**وسمعتُ العابرينْيصفون المخزن المنشود: تسري فيه أصداءْوتلاوين, وموسيقى وأضواءْتصرع السامع صرعًا باختلاجاتِ حنينْوشموعٍ ودوالي ياسمينْآه لو أني وصلتُآه حتى لو تمزقْتُ,تبعثرتُ,اكتويتْلو تذوقتُ العطورَ السارباتِحول دكان القرائين الصغيرهْآه لو أمسكتُ في كفّي قرآنًا,كدوريّ حنون القَسَماتِواحد من ألف قرآن حواليه ضبابٌ,وشذى وردٍ,وموسيقى مثيرهْليس يقوَى قَطُّ إنسانٌ بأن يصغي إليهايسقط الصاحي صريعًا, غير واعٍ, ضائعًا في شاطئيهاآه لو أني أطبقتُ عليه شفتَيّاهو قرآنُ حبيبيآه لو لامستُ رياهُ بأطراف يديّاهو وِرْدى, وامتلائي, ونضوبيوالنشيد المحرق المخبوء في قعر دمي, في مقلتيّا**وانتهى السوقُ وفي حلمي يَئستُوعلى دكّة آمالي الطعينات جلستُوانتحبتُلم يَعُدْ في السوق من ركن قصيِّلم أقلّبْهُ... وتاهتْ (مندلي)...غرقَتْ في عمق بحر من ضبابٍ سندسيِّواختفت في ظل غابات سكونٍ أبديِّلم يدع يأسيَ حتى سحبة القوس على الأوتار ليضاع حتى الظلّ مني, وتبقّتْ لي روًى من طَللِأين أبوابكِ يا ترتيلتي,يا (مندلي)يا عطور الهَيْل والقرآنِ يا وجه نبيِّيا شراعًا أبيضًا تحت مساء عنبيِّ**وإذن ماذا سأهدي لحبيبيفي غد حينَ يسافر?فرغتْ كفّي من القرآنِ غاضتْ في صَحَارايَ المعاصِروخوى خدّايَ إلاّ من غلالات شحوبيوحبيبي سيغادرْدون قرآنٍ, هديّه...غضة تلمس خدّيهِ كما يلمس عصفورٌ مُهَاجرْجبهة الأفق برشّات غناءٍ عسليّهْوحبيبي سيسافرخاوى الكف من القرآن, من عطر البيادرْوحكايات المنائروأنا أبقى شجيهكظهيرات من الحزن عرايا غيهبيّهْضاع قرآني, وضاعت (مندلي)واختفى وجهُ حبيبيخلف غيم مُسْدَلِوامتدادات سهوبٍ وسهوبِفوداعًا يا قرائيني, وداعًا (مندلي)وإلى أن نتلاقى يا حبيبيوإلى أن نتلاقى يا حبيبي
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.