عندما تكون على مشارف الخمسينوتجد نفسك واقفاً بيدين فارغتين أمام مستقبل غامض بالكاد يبدأ مكتظاً بالمحتملات الكئيبة فتبدو كمن قطع الطريق كله من ذلك الأمل ليصل إلى هاويةفترفع عينيك لخشبة الباب الشاهقتقول له : افتحويفتحفلا تجد غير السديمفإذا أنت في حضرة الخلق من أولهعندما تكون على مشارف الخمسينبعد خمسة عشر كتاباً وأسرتين وأحفاد وشيكين وجسد معطوب و زنازن كثيرة ونصوص ملطخة بحبر القلب ومخطوطات خمس في خزانة الروح وأصدقاء يهددونك بالفقد وليال محتدمة بالكوابيس ومشاريع قيد الخرافة وأنت لا تكاد تطمئن لما بعد الغدكيف يتسنى لك أن تكون محسوباً على البشر دون أن تصاب باليأسعندما تكون على مشارف الخمسينوترى بين يديك ركاماً من الأحلام المغدورة وشظايا المجابهات تضرج جسدك الواهن والوطن يقف على رصيف الذاكرة نصفه في وهم الجغرافيا ونصفه في حلم التاريخ لا يستدير إليك إلا لكي يفتك بما تبقى في ذبالة روحك من زيت الناس فتكاد تجهش لفرط الخسارة ولا يكاد يسمعك غير غبماذا تسمّي كتابك القادم إن كان ثمة وقت لهعندما تكون على مشارف الخمسينوتدير رأسك في وطن يختلط عليك بملامح الثكنة لا يسمع قصيدتك ولا يصغي لنحيبك ولا تنتابه التفاتة الغريب للغريب وطنٌ وضعته زينة على جسدك المرضوض فوضع لك النصال تسند خاصرتك لتبدو مثل خيال المآتة في حقل خرّبته الرياح السود تدير رأسك فلا ترى غير المسوخ تسد عليك اعندما تكون على مشارف الخمسينوتلتفت خلفك فلا ترى غير الأنقاض كأن العمر الذي أسرفته في الأمس لم يكن يمضي إلا في خراب مستعجل وكأن الطريق الذي منحته القناديل من لحمك وعظمك وبياض عينيك لم يكن غير سرداب مشحون بالأشباح ظننت أنها الناس معك،فإذا بهم اليأس عليكعندما تكون على مشارف الخمسينوتحاول أن تحصي أفراحك فلا يسعفك الوقت ولا يسعك المكان تسند ظهرك في جحيم وتحدّق في جمرة وينتابك الدوار لفرط المسافة التي اختلجَ بها جسدك وتشظّت بها روحك وتاه القلب منكعندما تكون على مشارف الخمسينوتصاب بالشك في شمس أيامك .ترى هل سيتاح لك من العمر ما يكفيلكي تعيد قراءة مسودة كتابك الأخير قبل القبر ؟عندما تكون على مشارف الخمسينستتمنى أنك لم تزل تقع في خطأ الحسابعندما تكون على مشارف الخمسين
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.