(1)بدا من أفقه البدرُيُسامر جُلاّسَهْعلى مهلِعلى مهلِفحرّكَ جفنَه الزهرُوصَعّدَ أنفاسَهْمن الكللِإلى القُبَلِنفض البدرُ على الغُصْنِ الذي حيّاه.. نُورَهْجاعلاً من أصغر الأَوْراقِ في الحُسن نََظيرهمُلْقِياً للزهر دُرّاًكلّما ألقى عبيرهفي رياضٍ نمنمَ اللَّيْلُ حوالَيْها سُتُورهكلّما اهتزّتْ مَعَ الماءِ حواشيها المنيرهرقصتْ بين يَدَيْ دائِرَةٍ أُخرى صغيرهوزكا في الليل عَزْفٌعلّمَ الطيرَ صفيرهكاد يُنسي كلَّ شيءٍقلبَه إلاّ سُرورهفمضى يهتف بالحُسْنِ ، ويستدعي سميرهصَيْدَحِيٌّ وَدَّ لو شاطَرَهُ البدرُ شُعورهمن رأى في راحة الأَوْراقِ كالطفل سَريرهخافياً يحسبه الشاعِرُ في الليل ضميره(2)رأتْه وَسْطَ دنياهُعلى الغصن الرَّطْبِيُمنيِّهابأنغامهْفلمّا قاربتْ فاهُطفتْ قُبلةُ الحبِّعلى فيهالإكرامهْلمح القُمْريُّ خَوْداًكتم الليلُ سُراهاوأبي الحسنُ بأن يَطْويَ أذيالَ صِباهايفخر العشبُ على الزَّهْرِ إذا مَسَّ خُطاهاويفوح الماءُ كالمِسْكِ إذا قبّلَ فاهاجمدتْ - لمّا التقتْ عَيْناهما - حيث رآهاإنّه يلوي لها الجِيْدَ فترعاه انتباها«ليت شعري ما الذي تَهْمِسُ سِرّاً شفتاها؟هل رأتْني وَسْطَ دنيايَ مُطِلاً من ذُراهاأبداً أبتكر النَّغْمَة َحُبّاً في صداها؟»هيَ تصغي لكَ يا قُمْرِيُّ فاصدحْ بهواها!وانْشُدِ الليلَ لماذاسُمِّيَ البدرُ أخاهاسيلوذ الوردُ بالصَّمْتِ.. وتحكي وجنتاها(3)شدا القُمْرِيُّ بالحبِّفهل بثَّ أشجانيبتجويدهْعلى بانِهْفقد وَقّع من قلبيعلى وترٍ ثانِبتغريدهْوألحانهْوشدا القُمْريُّ بالحُبْبِ كما شاءت وشاءَناعماً يبعث مُوسِيقاهُ في النفس هناءمُوقِظاً في طَرْفها الحالِمِ أشباحاً وِضاءفكأنّ الأرضَ عطشىصادفت في الشدوِ ماءواستحالت أنجمُ اللَّيْلِ جميعاً شُعَراءكلُّها تخفق بالحُبْبِ ، وتهتزّ غِناءفأصاخت وَهْي لا تَأْلُو بعينيها احتفاءفي يد الظلماءِ حتىنَشَرَ الصبحُ لواءصوتُه يغمرها بالْلَحْنِ كالماء صفاءتارةً يملأ أُذْنَيْها وطَوْراً يتناءىويداها فوق خَدَّيْنِ ، قد احمَرّا حياءتشهد الظلمةَ نُوراًوترى الحبَّ رجاء(4)أفاق الفجرُ من حُلْمِهْفمن علَّم الشادييُباكرُهُيُناديهِبأن النهرَ من نَظْمِهْوفي شطرَيِ الواديأزاهرُهُقوافيهِوقف الفجرُ على الوادِي مُطِلاً من هِضابِهْكأميرٍ عبقريٍّزانه حُسْنُ شبابهفاستفاد الزهرُ من غُرْرَتهِ لونَ خِضابهوكأنّ الفَنَنَ المَيْيَادَ نشوانُ لما بهفمشتْ... داعيةً للزْزَهْرِ بالسُّقْيا وعُودِهوفمٌ حولهما لايتواني في نشيدهفي سرورٍ وابتهاجٍذَكَّرا المرءَ بعِيدهتارةً من وَسَطِ الغابِ ، وأُخْرى في حُدودهريثما تأتي إلى قَصَرِ أبيها في بُنودهفترى في رَدهْة القَصْرِ أميراً في قُيودهسابحاً في دمه مِنْأثرِ الجرحِ بجِيدهحاسرَ الرأسِ يجرّ السْسّاقَ جَرّاً في حديدهأسروه بعد أن فَجْجَعَ في خير جنودهفإذا مرّوا به.. أَلْقَتْ على دامي جُهودهنظرةً تَنزل كالطْطَلِّ على قلب عَميده(6)تملّكَ حبُّه قلبيففوق الدمعِِ جفنيومن سِلْكِهْعلى دُرِّ****وما ينفعه قُربيإذا لم يُمَكِّنّيعلى فكّهْمن الأسرِوأحبّتْ «طارقاً» بِلْقِيسُ من أَوّلِ نَظْرَهْفَهْيَ من شُرفتها تَرْقُبُ في البُرْج مَقَرّهوَهْي في خلوتها تُحْيِي مع الأنجم ذِكْرهكلّما ناجت أخاهاغمرَ الإشفاقُ صدرهوتوارى خلفَ رقْراقٍ؛ من الغيمِ بحَسْرهكعذارى الديرِ لا يَمْلِكْنَ دفعاً لمضرّهكيف تُفضي بهواهاإنها تخشى المَعَرّه«أيّها القَسُّ الذي لمينسَ في الآحاد بِرّهالنواقيسُ تُدوّيوالترانيمُ مَسَرّهوملاكي .. في صلاةٍتملأ العينين عَبْرهليتها تبلغ مَنْ شاطَرَهُ قلبيَ أَسرهأفلا تدعوه أنْ يَرْفَعَ (للعذراء) «شُكْره»(7)قضى في الأَسْر أياماًكأنّ اليومَ شهرُمن الطولِبظلماءِولا يقتات إلاّ مايُموّنُهُ الأَسْرُمِنَ الفولِمع الماءِويمرّ اليومُ تلوَ الْيَوْمِ رَهْناً بشَكاتِهْهي في فردوسها تَجْني بخوفٍ ثمراتهوالفتى عن عالم الفِرْدَوْسِ مشغولٌ بذاتهيبزغ النورُ عليهِسارحاً في ظُلُماتهيائساً في غمرات السْسِجنِ حتّى من نَجاتهفإذا اشتدّ عليه الضْضَغْطُ من جَوْر عُداتهعاذ بالفُرْقان يَسْتَفْتِحُ في لَمّ شَتاتهقالتِ الغادةُ: «ما أَمْعَنَ قومي في أَذاته!آهِ! كم حاولتُمُ أَنْتفتنوه في صلاتههل رأيتُم نورَ ما يُضْمِرُهُ في نَظراته؟إنه يؤمن بالحُبْبِ ، ولكنْ في صفاتهفدعُوه لحياتيودعُوني لحياته»(8)سلوا عن مهجتي خَبَرَهْفِلمْ يختصُّ دونيبإحساسهْوآلامِهْدعوني أقتفي أثرَهْوإلاّ أَسْعِدونيبأنفاسِهْوأحلامِهْبَدّدتْ محكمةُ التَّفْتِيشِ آمالَ الحزينَهْليس يُرضيهم سوى أَنْيُنكرَ المسلمُ دينهوأبى طارقُ أَْن يُلْبِسَ بالشكّ يقينهأإذا لاح صليبٌمرّغَ الجبهةَ دونه؟هو لن يُشركَ بالْلَهِ ولو ذاق مَنونهوقضاها ليلةً لايطرق النومُ جُفونهفي اجتلاء البدرِ حتىكاد ألاَّ يَستبينهشاخصاً.. في ومضات الْبَرْقِ يجتاز سِنينهسَنَةٌ يبسم منهاسَنةٌ تُندي جَبينهإنه يذكرها الآنَ ، ولا ينسى فُتونهعندما شارف قُرْصُ الْبَدْر أسوارَ المدينهكيف ناجاه من الخَنْدَقِ طيفٌ بسَكينه(9)تَخلّلَ سجنَه نورُأخيطُ الفجرِ ذلكْعلى الأفقِكإيمانِهْوحدّقَ وَهْو مذعورُووجهُ الليلِ حالكْإلى الشرقِبإنسانِهْيا له صوتاً رقيقاًذاب في أُذْنَيْه طَلاّقبل أن يدهمَه الفَجْرُ ، فلا يملك حَلاّإنه يدعوه أن يَلْتَقِطَ الحبلَ مُطِلاّفإذا أوثقه مِنْنفسه رَبْطاً تَدلّىولوى طارقُ بالحَبْلِ على الكفِّ وتَلاّفرآه مُحكَمَ الشدْدِ ، فسَمّى واستقلاّكلّما أمسكَ جُزءاًمنه عن جزءٍ تَخلّىهالهُ البعدُ فغضّ الطْطَرْفَ خوفاً أن يَزِلاّوتَقرّى حائماً بالْلَمْس للوطء مَحَلاّريثما أثبتَ خُفّيْهِ على الأرض وحَلاّثمّ ألقى طرفَه حَيْثُ الدجى أعمقُ ظِلاّفإذا طيفُ فتاةٍتبهر العينين دلاَّ(10)ظفرتُ بمُنْيَتي لمّارمى بالحبل جَنْباعلى حَيْرَهْوحاذانيفسمّى لي بما سمّىوفاض القلب حُبّامع النظرَهْإلى الثانيودنا منها بوجهٍباسمٍ.. يُخفي ذهولَهْشاعراً في القلب مَعنًىعاجزاً عن أنْ يقولهفرآها في لباسٍقَلّدَ الطاووسُ طولهآيةَ الطهرِ إذا جَرْرَتْ على الأرض ذُيولهوالتقتْ بالنظرة الأُخْرَى فلم تُخْطئ مُيولهذكّرتْهُ ثانياً في الطْطِيب أحلامَ الطفولهورأتْ فيه فتىً مَهْهَدَ للمجد سَبيلهتتمنّى الغِيدُ لو تَظْفَرُ منه بوسيلهاصبِري! أُلهِمتِ بِلْقيْسُ من الصبر جَميلهلا يدوم الوصلُ هذاغيرَ ساعاتٍ قليلهفلسانُ الفجرِ في الشَّرْقِ، يُمنّيكَ البطولهكاد أن يطغى على اللَّيْلِ سَناه فيُزيله(11)حياتي فيضُ كفّيكِفلا أدري بماذاأجازيكِأفيدينيفؤداي بين عِطْفيكِوحسبي بعضُ هذابناديكِإلى حينِقال: «سُبحانَ الذي زَكْكَى وجودي بحنانِكْبعد أن ذقتُ الأمَرَّيْنِ ، فلم أحفل بذانكليت شعري إنّ من كانتْ على رفعة شانككيف تُنسَى يدُها البَيْضاءُ.. ملأى بجُمانكفاسمحي بلقيسُ! أنْ أَلْثِمَ أطرافَ بَنانك»بقيتْ بعدكَ - يا طارِقُ - حيرى في مكانكهل سألتَ الأُفْقَ عنهاإذ توارت عن عِيانككلّما أبعدتَ عنها اضْطَرَبتْ مثلَ عِنانكإنّها تذكر بالحُسْنَى على دُرِّ بيانكقُبْلةً أودعتَ فيهاشاكراً كلَّ امتنانكواستفاض الصبحُ ضوءاًواختفى صوتُ حِصانكوَهْي تدعو: «يا إلهَ الْحُبِّ، خُذْهُ في أمانك!»
عناوين مشابه
أحدث إضافات الديوان
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.