حل مشكلة الغلاء! - أحمد علي سليمان

إذا ما أردنا الهنا والظفرْ
وتُقنا إلى أنسِنا والسَّمَرْ

ودَرْكَ الخيور مضى عهدُها
وكشفَ الذي صابنا من ضرر

وفوزاً بدنيا تسلتْ بنا
وساقتْ لنا عيشها المستعر

وفوزاً بأخرى لنحيا بها
حياة تُشَرِّفُ من ينتظر

علينا بتقوى المليك الذي
إليه - وقد قالها – المستقر

علينا بتطبيق أحكامه
وشرعاً به في الورى نفتخر

هو العدلُ يَكفلُ كل الرخا
ويَجلبُ كل الهنا للبشر

وأسأل من يشتكون الغلا
هل الدين في عيشكم يزدهر؟

أسائلهم أين توحيدُكم
لرب السماء؟ لماذا اندثر؟

ألم تسألوا الميِّتين العطا
ورفعَ الذي صابكم من كدر؟

ولو أنطق الله أجسادهم
وما تحتوي ذي الكُدَى من أثر

لقالوا لكم: أمطِرونا دعا
لنا فاسألوا الواحدَ المقتدر

سَلوه لنا محوَ عِصياننا
ألِحوا ليرحم أهلَ الحُفر

أسائلهم عن صلاةٍ غدتْ
تكاد من الترك أن تستتر

أسائلهم عن زكاةٍ ثوتْ
فما أخرِجتْ وفق شرع عطر

أسائلهم عن صيام غدا
يحاكم جيلاً بفِطر جهر

أشائلهم عن حجاب النسا
يُوَبِّخ أهلَ القرى والحضر

لماذا التبرُّجُ يغزو الدُّنا
ويُمسي السفورُ هو المعتبر؟

أسائلُ عن وصل أرحامهم
وفيهم طغى اللؤمُ ، بل والدَّبَر

أسائلهم عن أماناتهم
تُخانُ ، ولم ينتفضْ مُدَّكِر

وتأتون تشكون مُرَّ البلا
وجورَ الغلا ، والمصيرَ الأشر

بما قدمتْ أنفسٌ أحجمتْ
عن الشرع يهدي إليها الظفر

ويجعل أصحابها في الذرى
به يأكلون شهيَ الثمر

مناسبة القصيدة

(في الهند حدث غلاءٌ شديدٌ للأسعار فى ستينات القرن الماضي ، وكان الناس قبل ذلك في عز وغنى. وكان وقتها الداعية الشيخ "محمد يوسف الكاندهلوي" رحمه الله صاحب كتاب (حياة الصحابة) مشهوراً بزهده وورعه هناك. ذهب إليه الناس واشتكوا ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش وقالوا له: هل نحتجُّ ونغضب؟ فقال لهم: الناس والأشياء عند الله مثل كفتي الميزان ، فإذا ارتفعت قيمة الإنسان عند الله بالإيمان والأعمال الصالحة قلت قيمة الأشياء. وإذا قلت قيمة الإنسان عند الله بسبب الذنوب والمعاصى ، ارتفعت قيمة الأشياء وزادت الأسعار وعم الغلاء. فعليكم بجهد الإيمان والأعمال الصالحة ، حتى ترتفع قيمتكم عند الله وتقل الأسعار. ولا تخوفوا الناس من الفقر فهذا شغل الشيطان ، فلا تكونوا من جنوده وأنتم لا تشعرون. فوالله لو أن هناك في قاع البحر صخرة صماء ملساء فيها رزق لعبد لانفلقت حتى تؤدى إليه رزقه ، فالغلاء لا يمنع عنك رزقاً ساقه الله إليك. إن الذى فتح لك فاك لن ينساك قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) ، بالإيمان والتقوى تسعد المجتمعات وتعم عليها النعم والرخاء. لا تشغلوا أنفسكم بأسعار صرف العملات ولا بالغلاء. الرزق عند الله مضمون ، ولكن أشغلوا أنفسكم بأسباب الرزق وهي: التوبة ، والندم على المعاصي ، والاستغفار. وصدق الشيخ الكاندهلوي – رحمه الله رحمة واسعة -. ومن هنا أنشدتُ هذه القصيدة مشيداً بصحة تشخيص وفراسة الشيخ الكاندهلوي. الذي جعل الطاعاتِ سبيلاً إلى اليسر والفرج وسعة العيش. كما جعل المعاصي والموبقات سبيلاً إلى ضيق العيش وغلاء العيش والضنك والذل والقهر والبؤس.)
© 2024 - موقع الشعر