وفي الحروب نعامة! (الحجاج وغزالة) - أحمد علي سليمان

أصابتْك كلٌ ، وفي مَقتلِ
فبت - بنارهما - تصطلي

وجرّعك الذلُ كأسَ الشقا
ووجهك عُفِر بالقسطل

وأنفك جُدّع مُستسلماً
بسِكين مِفصاحةٍ عُطبُل

ودِيست كرامة مُستلئمٍ
غشيم الأذى ، مُجرم أرذل

أذاقتك - مِن كيدها - رشفة
وكم غادةٍ باللظى تبتلي

فجُندلت حتى رجوت الردى
وعُدت - عن الخير - في مَعزل

وأدركت حجمك بين الورى
فأين القضيضُ مِن الأجْبُل؟

وأيقنتَ أنك مستكبرٌ
تدثرَ في غيّه المُبطل

وأنتَ الذي كم سفكت الدِما
فأمستْ تسيلُ على القسطل

وأعملت - في الخلق - سيفَ البلا
وسِرت - إلى الناس - في جحفل

وأجريت - فوق الأديم - الدِما
وفوق البسيطة كالجدول

ويَتمت طفلاً بكتْ عينه
أباً غاب قسراً عن المنزل

ورمّلت - بين البرايا - النسا
وأطلقت ظلمك في الكُمّل

بسيفك كم خرّ مستعصمٌ
بشِرعة معبوده الأول

وكم حُرةٍ عانقت حَتفها
لأنك عاجلت ، لم تمْهل

وكم خضت حرباً بلا غايةٍ
كأنك بالشرع لم تحفل

إلى أن دهتك الحَصانُ التي
أصابت كِيانك في مَقتل

لأم البنين قناعاتها
وبعضُ الذكاء يفوق الحُلي

أهانتك إذ ذكرتك الذي
هو الشينُ ، يا ليته ينجلي

غزالة والحربُ في كِفةٍ
وفي كِفةٍ فرحة العُذل

تهدّد ، لا ترعوي لحظة
لقول غوي الصُوى مُمْحِل

وتصبغ بالبأس ألفاظها
بقيل أمرّ مِن الحَنظل

وبرّتْ بأيمانها جهرة
وصَلتْ ، وفي الوعد لم تسأل

ألم تهزم الجيش مزهوة
بنصر بهي السنا مُقبل؟

ألا اخرجْ - من القصر - مُستقبحاً
بموقفك السيئ المُخجل

ودعْ عنك ما تدّعي ، واعْتبرْ
وفي العُجْب والكِبْر لا توغِل

© 2024 - موقع الشعر