نورٌ سَمَتْ بالهُدى والعلم والأدبِ
وأشرَقتْ شمسُها بقيّم الكتبِ
وأتحفتْنا بما ساقته من دُرَرٍ
أغلى من الماس والياقوت والذهب
وناولتْنا من البيان أعذبه
وحققتْ ما انتوى الهُواة من أرب
وعطرتْنا بما تُزجيه من زُبدٍ
يمحو شذاها عتيّ الوجد والكُرُب
وقدّمت للورى شهيَ أطعمةٍ
أشهى من المَنّ والسمّان والحَلَب
وأكرمتنا بشهد الفكر مؤتلقاً
أشهى من التين والتفاح والعنب
وأطعمتنا لذيذ الأكل نكهته
تفوقُ ما نشتهي من طيب الرطب
لم تألُ جهداً ، ولم تبخل على أحدٍ
بالعلم والهَدي والتنوير والأدب
من بعد ما اتخذتْ نهج الحوار صُوَىَ
نأتْ مناقبُها عن سيء العِيَب
حتى ارتقتْ بين شتى المكتبات لها
سمْتٌ يُميّزها ، يسبي أولي الطلب
النورُ أنتِ ، وما بالغتُ يا أملي
يا موئلَ الشمّ مِن عُجْم ومِن عَرَب
المكتباتُ تجدّ السيرَ عازمة
على المُضِيّ بلا فحوى ولا طنب
كالخيل أطلقها الراعي بلا لجُم
فأخفق الضبحُ عن بُعدٍ وعن كثب
وأوغلتْ في قيود النشر مُولعة
بمُعضل الشرط يُضني كل مُكتتب
فنفرتْ كل مَن يصبو لساحتها
وأثقلته ببذل الشك والرِّيَب
فلم يزرْها ، ولم تطربْه لهجتها
هل في القيود ترانيمٌ من الطرب؟
وقاطعَ الكل لمّا كُبّلتْ يده
عن نشر ما كتبتْ يمينُ مكتئب
وعاش يندب حظاً مبكياً عسِراَ
وذاب في حالك الظروف والندب
واحتار كيف يني عن نشر فكرته؟
حتى أصيب من التفكير بالنصب
أما الرصيدُ من الأفكار فاحتفظتْ
به الحواسيبُ تشكو وطأة العطب
حتى أتت (نورُ) تؤوي كل منتصر
للحق حتى يبوء الحق بالغلب
وشرّفتْ مَن أتى بفتح نافذةٍ
جلتْ عن الهزل والتدشين واللعب
فالجدّ طابعُها في نشر ما عجزتْ
عن نشره الدورُ ، إذ صدّته بالهرب
واستقبلتْ كل مَن عانى ، وما ضجرتْ
في صمت مُخلصةٍ نأت عن الصخب
وقد تبنتْ سَني الفكر قانعة
ببذل جهدٍ عظيم الوقع والسبب
وشجعتْ كل مَن يرتادُ ساحتها
على المُضِيّ بإرهاصات محتسب
ضمّتْ إلى الرأي ضد الرأي مؤثرة
شورى الحوار بلا ضيق ولا رهب
ومن أراد اعتراضاً صاغ فكرته
بلا افتئاتٍ ولا زورٍ ولا خبب
فهذه ساحة (المراجعات) له
فيها المقالاتُ فاقت ثورة الخطب
ودونه باحة (التقييم) مَضيفة
ترتادها زمرة مِن خِيرة النخب
بوركتِ يا (نورُ) مضماراً ومكتبة
يهفو إليها دعاة الخير عن رغب
حياكِ ربك ديواناً لمن كتبوا
فالنشرُ بات بلا غرم ولا ودب
وعشتِ ما عشتِ إيوان الألى قرأوا
من كل جيل تلا على مدى الحقب
وبارك الله من عليك قد سهروا
حتى ابتلوا بالضنا والعي والوصب
إني لأوصي كِرام الناس أجمعهم
أن يكفلوكِ ، ومن يُكرمْك يَحتسب
وأن يجودوا بما المليك خوّلهم
والجودُ خيرٌ صُوىً وخير مكتسب
والبذلُ مستخلفٌ في كل عارفةٍ
والبذلُ يدفعُ ما يَلقوْن مِن نُوب
كي تستمري ، فلا تطويك نازلة
وتستزيدي من الأسفار والكُتب
كي تستمي في عطاءٍ لا يُضارعُه
سواكِ ، بذلُ الهُدى من أشرف القرَب
حتى يزورك دوماً كل مُطلع
وفيك يُنشِد ما يهوى من الشبب
يا (نورُ) عشتِ لنا ذخراً ومُنتجعاً
يا طالبَ العلم ذي دعتك فاستجب
هُزي إليكِ بجذع الكُتْب مخلصة
يسّاقط العلمُ ، مَن يغنمْه يكتسب
واستقبلي زمَرَ الهُواة إن طرقوا
باب العلوم ، احتفي بالصفوة النجُب
بُشراكِ يا (نورُ) أن جاؤوا على عَجَل
وزايلوا منطق الألقاب والرتب
مليون من قرأوا ، ومثلهم كتبوا
من كل فذٍ ، وذي قدْر ، وذي لقب
تغمّديهم بما للضيف مِن كرم
وضاعفي الجهدَ والأصالة اصطحبي
يا (نورُ) حولكِ كل المكتبات خبتْ
أنوارُها ، وسنا ضِياكِ لم يَغب
علا بناؤكِ كالصرح البهي سما
والمكتبات بيوتٌ تحت ذي القبب
يا (نورُ) حُزتِ قبولاً لا نظيرَ له
جُوززيتِ خيرَ الدنا وحُسْنَ منقلب
وخصّكِ الله بالكُتاب ما بخلوا
مِن الجهابذ أهل العلم والأدب
يا (نورُ) أنت لأهل الفكر موئلهم
ومَن يزرْكِ شدا ، وقال: واعجبي
يا واحة شرُفتْ بالقطب نوّرَها
وازينتْ سُوحُها بمالكِ بْن نبي
و(الرافعيّ) حَباها مِن قريحته
أفكارَ فذٍ – على الإسلام - منتحب
ول (لقنيبيّ) في ربوعها كتبٌ
لذتْ وطابت رُؤىً لكل مُرتغب
كان (الوليد) على الأيام حققها
حتى غدا النص فيها غيرَ مضطرب
وإن ل (لحُورانيّ) دورة نشِرتْ
بإنجليزيةٍ أضحت تطوّفُ بي
وزادها (عُمرٌ) حتى يُزللها
لكل نشءٍ ، وجَلّى الشرح باللعب
ولابن عبد الوهّاب الساحة انفتحتْ
تحوي الشروح بمتن جد منكتب
شمس الحنيفية السمحا ، مُجَدّدُها
وشيخ إسلامنا المُكمّل النسب
وفوق أرففها (الباشا) له سيرٌ
طعام من يشتهي ، وبيت مغترب
هي الملاذ لمن يريد سيرته
بلا افتراءٍ ولا غش ولا عطب
وللمنجّد أسفارٌ يتيه بها
في موقع (النور) ذاك الموقع الذهبي
و(ابن العثيمين) يُشجيها ويُتحفها
والسمتُ علمٌ زها في ثوبه الأدبي
إن (ابن صالحٍ) الأجيالُ تغبطه
على الأدلة – فوق الخصم - كالشهُب
كم حارب البدعَ الرعناء مدّرعاً
بجُنة العلم ، ذي أمضى من القضب
ول (لطحاويّ) أسفارٌ لها ألقٌ
عن العقيدة يهواها أولو الطلب
أيا (أبا جعفر) بُشراك منزلة
بين الخِيار على تواتر الحقب
و(المودوديّ) حباها إرث مجتهدٍ
خاض الغمارَ ، بلا كلٍّ ولا تعب
وصدّ أهل الهوى عن دين خالقه
وكان في الحرب صلداً غير منسحب
والهند تشهد قبل الغرب ما فعلتْ
كُتْبُ الشهيد (أبي الأعلى) من الغلب
أما (أبو الحسن الندْويّ) فابتشرتْ
نورٌ بأسفاره الغزيرة الشعب
وللنساء نصيبٌ لا أحيط به
أسفارُهن بدتْ في زاهر الرُّحَب
ما بين كاتبةٍ طابت كتابتها
خُطتْ بنص بدمع العين مُختضب
تنعي مفاخر في التاريخ قد ذبلتْ
وتندب المجدَ في ذا المَعقل الأشِب
وبعدُ أخرى عن الأخلاق قد كتبتْ
حتى تصدّ اعتدا حَمّالة الحطب
من كل ساقطةٍ تنال شِرعتنا
نساءُ (نور) حَبكن الردّ كالشهُب
وللشواعر في (نور) مغامرة
فشِعرهن كمثل الهاطل الصبب
يُرِعْن بالشعر أعداءً بلا وهَنٍ
بلهجةٍ زخرتْ بالجد واللبب
كُتاب (نور) مغاويرٌ بما بذلوا
والكاتباتُ بذلن العلم عن رغب
ليرحم الله من ماتوا برحمته
وإن نشر الهُدى من أفضل السبب
وليحفظ الله أحياءً وقد ثبتوا
ربَّ الأنام لمَا دعوتُ فاستجب
والعلم بين ذوي أسفاره رَحِمٌ
وخيرُ أم لهم (نورٌ) ، وخير أب
يا (نورُ) ما استويا مَن كان قدوته
في ذي الحياة نبيّ العُجْم والعَرب
وآخر غلّبَ الأهواء جامحة
فصار قدوتَه المُثلى أبو لهب
ومَن يردْكِ بتضييق ، فلا تهني
ومَن يردْكِ بتسفيهٍ فجدّ غبي
أراكِ أكبر مِن مكر الألى مَكروا
دَعيه في غي حيران ومضطرب
وأنتِ أعظم مِن تشويه مَن حقدوا
وعند ربك ما ترجين مِن حِسَب
تؤوين يا (نورُ) للجبار ، فاعتصمي
والله كافيكِ مِن تدبير مغتصب
سيثأر الله ممن حاربوك كلي
ثٍ واعدٍ ثائر مستبسل حَرِب
فلا تخافي مِن التهديد أطلقه
مَن يُتقنون فنونَ الزيف والشغب
الحق أنتِ ، فلا تأسَيْ على أحدٍ
أكرمْ بجمهوركِ المثقفِ الأرب
آياتُ نصرك مثلُ الشمس ساطعة
تمدّنا بلطيف النور واللهب
لا تجزعي إن عوى الحُسّادُ أو نبحوا
فكيدُ باطلهم – والله – في تبب
فخلفكِ اليوم فرسانٌ قد اتفقوا
أن ينقذوكِ ، ففي المعارك احتجبي
لن يخذلوك إذا أعداؤكِ اجتمعوا
واشتدتِ الحربُ فوق السهل والكُثُب
أو كانت الحرب عبر البحر مشرعة
سينصرونكِ رغم الموج والعُبب
لديك من خيرة الكُتاب كوكبة
أقلامهم كالسيوف البيض واليَلب
سيكتبون بلا لِين ولا خوَر
ولا يبالون بالسوآى ولا الرهب
يا (نورُ) عِيشتنا الديانُ قدّرها
والعيشُ بالذل بين الناس لم يطب
فيم التوجس والأعمار قد رصدت؟
وإن سلوتنا رحيل خير نبي
إني أهيب بمن غابوا ومن حضروا
أن يغمروكِ بما صاغوا من الكتب
النورُ يا قوميْ إيوانٌ ومكتبة
والعلمُ في منتداها خيرُ مُطّلب
النورُ نبعٌ صفا دوماً لوارده
وليس تُخفيه أستارٌ من الحُجُب
النورُ تنسيقها للكٌتْب مدرسة
حسْب الفنون وحسْب النوع والشعب
النورُ تستقطب الكُتاب في ولهٍ
ولا تقنطهم بالمنع والجدب
النورُ إن ضاقتِ الآفاقُ قِبلتنا
كمَرتع مُبهج مُعْشوشَب خصِب
النورُ إن جن ليل الحظر بدرُ دجىً
يُقصِي الغيومَ ، ويُردي حالك السحُب
تلقى الجميع بقلب غير ذي جزع
مُفعوعَم بالصفا والصفح والهذب
يا (نورُ) مُدّي يداً لكل ذي فِكَرٍ
وكل فذٍ إلى العلوم مُنتسب
يا (نورُ) إن ضاقت الدنيا بمَن كتبوا
فكلَّ يُسر وتيسيير لديك هبي
لك الصدارة في علم وفي أدب
بما حويتِ من الآثار والكتب
والرأسُ أنتِ فلا ترضيْ به بدلاً
مهما أصابك مِن ضيق ومِن وَدَب
عارٌ على الرأس أن يُرى هنا ذنَباً
شتان شتان بين الرأس والذنب
تقبّل الله منكِ السعيَ أجمعه
يا واحة العلم والأخلاق والأدب
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.