قارورة الليل

لـ محمد الاسدي، ، في غير مُحدد، 1،585

قارورة الليل - محمد الاسدي

(كيف سأعيد تشكيلك وأنت تنكرين انّك من طين؟!)
 
مرّ المساءُ
 
وكنتِ نكهة قهوةٍ
 
مسّت شفاه خواطري
 
مرّت لأرشفها
 
بلا سُكْر وسُكّرْ
 
مرّ المساءُ ومرّة كلّ الحكايا
 
آه كم مرْ
 
أنا لا ألومكِ بل ألوم القلبَ
 
كيف سعى ودبّرْ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟!
 
* * *
 
أنا لست مجنوناً بحبكِ
 
كي أحطّم كبريائي
 
فوق هدبكِ
 
ثمّ أشرب من أجاج ندامتي
 
ومُدامتي
 
يأساً وكأساً من خطايا
 
أنا لست من جنس العرايا
 
وأنا الموشّح بالهدوءِ وبالسكينةِ
 
والمعبّأ بالطموح وبالتمرّدِ
 
من صبايا
 
وبدفء أفكاري وأشعاري مدثّرْ
 
* * *
 
أنا لست مجنوناً
 
بجمع الماس والبلّورِ
 
من صغري
 
وليس يثيرني فيها بريقٌ
 
أو مصوّرْ
 
كيما أكلّفَ نحت تمثالٍ
 
من الذهبِ المزيّف بالنحاسْ
 
ثمناً لمسّكِ ؟!
 
لا مساسْ
 
فكلّ نقدٍ في حقيقته مزوّرْ
 
 
حطّمتُ كلّ دمايَ
 
مذ أدركتُ أنّ لقيمة الأشياء أسراراً بها
 
وبها تقاسْ
 
والحبُّ شيء لا يقدّرْ
 
فتوضئي فجراً وصلّي
 
رؤيايَ من ذَهَبٍ
 
سأصنع ألف تمثالٍ لشخصكِ
 
قرب ظلّي
 
قيمة الأشياءِ أن يبقى لها ظلٌّ
 
إذا انطفأ البريقُ بهذه الدنيا
 
وضَوْءُ الصبح أسفَرْ
 
* * *
 
لا تنعتيني بالغرورِ
 
فأنت أوّل من فتَحتُ لهُ
 
نوافذَ غرفتي
 
وتركتهُ ليطلّ من خلف الزجاجِ
 
على الخفايا
 
عذراً، فقد لا تعجبينَ
 
بما لدي من الأثاثِ
 
فلم تكن جمع المحارِ
 
هوايتي
 
لكنّ عندي ما يشدّك للجمالِ
 
بلا نقوشٍ أو مرايا
 
سترين لؤلؤةً بلا صدفٍ
 
وشيئاً من بيوت العنكبوتِ
 
وأحرفاً قد لا تفسّر
 
* * *
 
لأعيد نحتكِ - مرّة أخرى-
 
وأصلح ما تناثرَ حول ذاتك من شظايا
 
ثوري عليكِ ، على سرابٍ ظامئ
 
فالماء أنقى كلَّما وعرتْ خطاه ُ
 
وأحرقته الشمسُ ،لا كَرْهاً
 
ولا كُرْهاً
 
فلملم غيمهُ – أخرى-.. وأمطرْ
 
* * *
 
هل قلبك الشفّافُ
 
من ماءٍ تجمّد صافياً
 
أم من زجاجٍ قد تكوّرْ ؟
 
فالفرقُ:
 
أيُّهما يعود إلى الحياةِ
 
ولا يُجَرّحُ حين يُكْسرْ
 
* * *
 
مرَّ المساءُ
 
وكلَّما اقتربَ احتضارُ نبوءتي
 
وأقضَّ نومَ سكينتي
 
صخب ٌ
 
ففي (قارورة الليل) الرقيقةِ
 
من كُوى قلبي
 
مشاعرُه تَقَطَّرْ
 
مرَّ المساءُ وكنتِ نكهة قهوةٍ
 
والشعرُ سكَّرْ.
 
 
 
 
 
دمشق 1999م
© 2024 - موقع الشعر