أقواس لرحيل العاشق - محمود محمد الشلبي

في الزمن الممتد على قلبينا الآن .
 
ظل يركض في المرآة ,
 
وصارية تبحث عن شطآن .
 
وجه يتحاور مع ذاكرة الأمس ,
 
ويرحل في شعب الوجدان .
 
هذا وجهك اعرفه الآن .
 
هذا وجهك يدخل اغنية الموج ,
 
وتحتفظه الشطآن .
 
يصاعد صوتك في مئذنة الغيم ,
 
يسافر تحت قميص الفجر ,
 
ويقرأ فاتحة القرآن .
 
ثمة نهر يدفق من غرفتك العزلى ....
 
ثمة نار ودخان .
 
ورسائل تأتينا ...
 
ورسائل تهرب منا ..
 
ورسائل يطويها النسيان
 
* * *
 
أيهما ياتيني الليلة
 
قبل الآخر يا قلبي .
 
وجه يكبر في السجن وحيداً ...
 
أم قهقهة السجان ؟!
 
أيهما يدخل قائمة الممنوعات شهيداً ...
 
يا حبي ,
 
فرحي الموؤود ام الأوطان ؟!
 
أيهما يلبسني ثوباً لم ألبسه ,
 
الغربة أم ظلم الإنسان ؟!
 
* * *
 
يحدث ان تسال اول بارقة ...
 
تتمرد حين تجوع ,
 
وتشعل في السجن القضبان
 
يحدث ان تدخل حفرتك ,
 
الموحشة الجدران .
 
وتسائلها عن طقس الألم النابت
 
في عينيك بلا أستئدان .
 
في الوقت الهارب ,
 
نحو مرايا السجن أو اللحد ,
 
تضيع تبيع دماءك ,...
 
للريح ,
 
وتهديها لجذور البستان .
 
- تسألك الغربة .
 
* هل عانيت من الغربة ؟!
 
- هل حقاً مت غريباً ؟ ...
 
* " من مات غريباً مات شهيداً "
 
من مات شهيداً مات وفي دمه حبر الأنسان .
 
- هل حقاً مت غريباً ,
 
تحت خيوط العلم المرفوض " بلندن "
 
- هل حلمك .. أم خوفك
 
كان العنوان ؟!
- هل شاقتك جدائل أمك
 
تنشرها الريح الغربية ؟!
 
- هل نادتك الزرقة في البحر لغزة ,
- هل خانتك الألوان ؟!
 
شيء من هذا كان .
 
شيء من هذا كان
 
· شيء يكتمه القلب ,
 
فتفضحه الأكفان .
 
* * *
 
لكني أتذكر – قبل هطول الدمعة –
 
وجهك ,
 
كيف يغيب كما القمر
 
الراحل في الفاكهة العصيان .
 
أتساءل عن شيء لا أعرفه الآن .
 
شيء قد يعرفني الآن .
 
ماذا يحدث حين يضم الوطن النابض ,
 
في القبر يدان .
 
صخب ...
 
وحوار ...
 
ومداخلة ..
 
يتقاسمها أثنان :
 
دمع .
 
ودم .
 
ريح تعصف ,
 
تاريخ تفتحه الأركان .
 
يحدث أن يزدهر الموج ,
 
على صخر الشط ,
 
ويحتفل المرجان .
 
وتطير عصافيرك من نعش,
 
في تابوت المنفى ...
 
كي تدخل غزة بالأحضان .
 
لكن يحدث ان تسأل في موتك ...
 
هل كنت تغني ...؟!
 
هل أتممت نشيدك ؟ قبل رحيلك ؟!
 
هل كنت تحن لمسقط رأسك ؟!
 
هل ظل الأخضر يهديك الى الأغصان ؟!
 
شيء من هذا كان .
 
شيء من هذا كان .
 
شيء يكتمه القلب ,
 
فتفضحه الأكفان .
 
* * *
 
أمعين , وداعاً ..
 
هذا موتك ,
 
ما أصعب موتك !!
 
يا جسداً كسرته الريح وما هان .
 
أمعين وداعاً ..
 
هذا موتك .
 
ما أجمل موتك !!
 
حين الجسد الموروق بالشعر ,
 
يحور نخيلاً ...
 
وصهيلاً من نيران .
 
3 آذار 1984 م
 
*إشارة : مات معين بسيسو في لندن فرفضت قوات الأحتلال الصهيوني دفنه في " غزة " مسقط رأسه , فدفن في مدينة نصر من أحياء القاهرة .
© 2024 - موقع الشعر