مكان لأشجار الحزن - محمود محمد الشلبي

(1)
 
أفتح في دفتر أحزاني ,
 
نافذة للقلب المكلوم .
 
وأخط :
 
سلاماً للوجه النابت ,
 
بين تجاعيد الغيم ,
 
وباب الوطن المحروم .
 
وسلاماً للطيف المتجول في معترك الأحداق ,
 
ونبضي المكتوم .
 
وسلاماً يا من أقرأ في عينيك الليلة ,
 
سر الموت ....
 
وأكتب فصل الأحزان .
 
يا من أدعو كل عصافير الماء إليها ,
 
كي تشهد زلزلة الإنسان .
 
وسلاماً يا من عانقتك قبل نزول القبر ,
 
فكنت كحزمة ضوء ...
 
ماتت فيها الألوان .
 
فبكتك الشعرى ... !!
 
وبكت في الطرف الآخر بيسان ... !!
 
ساعتها ارتعشت خيل الماء .
 
فانهل الودق رمادياً ...
 
خلف شبابيك الغربة , ذات مساء .
 
هجرت ذاكرة سيرتها ...
 
وبكت أمي صحبتها ...
 
وانكفأت فوق بيادر " دنا "1 .... ورقاء .
 
 
 
(2)
 
لا تغيبي ....!!
 
بين جرحي والمسافات الطويلة .
 
وردة تسرقها الريح ,
 
وتسبيها الجديلة .
 
لا تغيبي ... !!
 
بين كفيك و " نفحه "2...
 
ولد قد اسرج الريح ,
 
فردته العذابات الجميلة .
 
 
 
فاستريحي ...
 
وارتدي الآن , قميص الغسق الفجري ,
 
في حضن الخميلة .
 
آه , كنت الفرح المحمول ,
 
في هودج أيام القبيلة .
 
فاستباك الحلم الأخضر ,
 
والموت ....
 
وأصبحت القتيلة .
 
 
 
(3)
 
تلوحين صارية من سحاب .
 
وأغنية من لهب .
 
وتأتين فاتحة للعذاب .
 
وتأشيرة للغضب .
 
 
 
( 4)
 
أتأمل كيف وقفت بحضرة أمي ...
 
منشرح البال .
 
أهدتني ( محرمة ) من عرس القرية ,
 
فيها ( الحنا ) ....
 
وعلى طرفيها الموال .
 
قبلت يديها ...
 
فاضت عيناها بالدمع الساخن ...
 
وانداح على الشفق الأحمر آل .
 
أتأمل كيف طوتني ,
 
خاصرة الريح ببرديها ...
 
وانتشرت فوق جبال الكرمل ,
 
كوفية خيال .
 
سرقتني جلجلة الرعد ببيروت ,
 
وطوحني زنار البرق ,
 
نشيداً في عيبال .
 
ليست للقبر , ولا للعمر المهدور ,
 
وليست للنسيان ...
 
ولا للصمت المكسور ,
 
ولا للدمع ... وليست للأمل المشطور ,
 
ولا للموت , وليست للصوت المقهور ,
 
ولا للحلم الغارق ,
 
في الديجور .
 
لا ... !! ليست للا شيء ,
 
ولكن , للدهشة , يا وطني ...!!
 
للفرحة ,
 
للأيام الخضراء ,
 
لأفراس الماء ,
 
وللشجر المورق ,
 
في ذاكرة الشهداء ,
 
وفي عشب الدور .
 
بين الأصابع والوجوه ,
 
على نوافذك النحيلة ... خاطرة .
 
وعلى قميص أخي ,
 
" بنفحة " !!...
 
غيمة تسري ...
 
وخيط من دماء الذاكرة .
 
لا الوجه يسكنه الكلام ,
 
ولا الفصول تحاور السجن البعيد ,
 
ولا المدارات الرحيبة .. ماطرة .
 
لا شيء ألا صوت أمي ...
 
يذرع المد السكوني المشجر ,
 
من لهيب الخاصرة .
© 2024 - موقع الشعر