يقولون لي...

لـ مصطفى معروفي، ، في غير مُحدد، 1،059

يقولون لي... - مصطفى معروفي

يقولونَ لي :"جفَّ المعينُ فلم تعدْ
لِسبْكِ القوافي، كيفَ هذا النضوبُ ؟"

مساكينُ! ظنُّوا أنما الشعر مسلكٌ
يقود الخطى ، سهل المنال ،قريبُ

فقلتُ: أقلوا اللومَ ، لوْمي، فإنما
هو الشعر يأتي تارة ويغيبُ

سكتُّ ،وما كان السكوتُ إرادتي،
فربَّتَما عافَ الكلامَ كئيبُ

غدت نغماتي آهةً، وقثارتي
إذا صدحتْ أنَّتْ فكان نحيبُ

تكسَّر وجداني وفارَ دمي أنا
مُعَنَّى ،إذاً،كيف الغناءُ يطيب؟

لِذا فالقوافي لا تجيبُ إذا دعو
تُها ،هل علمْتَ الصخرَ يوما يجيبُ؟

فما طربي و ابْنُ العُروبَةِ تائهٌ
و أوطانه قد مسَّها ما يريبُ

توالت عليه نائباتُ الزمان ،إذْ
يُرى و كأَنْ قدْ آلفتْهُ الخطوبُ

أرى الأممَ الأخرى يتمُّ اتحادها
ونحنُ شقاقٌ بيننا وحروبُ

تشتَّتَتِ الأهواءُ،كلٌّ له هوىً،
نسير فرادى فرَّقتْنا دروبُ

نعيش على الأمجاد وهْيَ قديمةٌ
وحاضرُنا من كلٍّ مجدٍ جديبُ

فياويحَ قومي ما دهاهم ، تقوقعوا
وهم للعلا من قبلُ قومٌ ركوبُ

أعاني وفي أهلي مقامي، ولي حِمى
أنا بين أهليه كأني غريبُ

كذاك أنا كحَّلتُ عيني بواقعٍ
عنيدٍ ،إذا أشرقتُ كان الغروبُ

ولا ريْبَ إن نامتْ ستنهض أمتي
فليسَ لديها عن نهوض هروبُ

لقد شمْتُ فجرا خلف ذا الليل صادقاً
نحققُ فيه المبتغى لا نَخيبُ

فإن تعذلوا إني لكم غير عاذلٍ
وأَعلمُ أنِّي في سكوتي مصيبُ/

© 2024 - موقع الشعر