كيف؟

لـ نزار قباني، ، بواسطة منيره العبسي، في غير مُحدد

كيف؟ - نزار قباني

كيف، يا سادتي، يغني المغني
بعدما خيطوا له شفتيه؟
هل إذا مات شاعر عربي
يجد اليوم، من يصلي عليه؟
لا يبوس اليدين شعري..ةأخرى
بالسلاطين..أن يبوسوا يديه..
إلى عصفورة سويسرية
أصديقتي: إن الكتابة لعنة
فانجي بنفسك من جحيم زلازلي
فكرت أن دفاتري هي ملجأي
ثم أكتشفت بأن شعري قاتلي
وظننت أن هواك ينهي غربتي
فمررت مثل الماء بين أناملي
بشرت في دين الهوى..لكنهم
في لحظة، قتلوا جميع بلابلي
لا فرق في مدن الغبار..صديقتي
ما بين صورة شاعر..ومقاول..
يا رب: إن لكل جرح ساحلا
وأنا جراحاتي بغير سواحل..
كل المنافي لا تبدد وحشتي
ما دام منفاي الكبير..يداخلي..
جنيف 30-1-86
على القائمة السوداء
في خانة المهنة من جوازي
عبارة ضغيرة صغيرة
تقول:
إني كاتب وشاعر
في اللحظة الأولى، اعتقدت أنها
عبارة سحرية
ستفتح الأبواب في طريقي
وتجعل الحراس يسجدون لي
وتسكر الضباط والعساكر...
ثم أكتشفت أنها فضيحتي الكبيرة
وتهمتي الخطيرة..
وأنها السيف الذي يطول رأسي
كلما أردت أن أسافر....
23-1-86
البوابة
إن رفع السلطان سيف القهر
رميت نفسي في دواء الحبر
أو أمر السياف أن يقتلني
خرجت من بوابة سرية
تمر من تحت أساس القصر
هناك دوما مخرج
من بطش فرعون..يسمى الشعر....
23-1-86
لماذا أكتب..
كي أفجر الأشياء، والكتابة أنفجار
أكتب..
كلي ينتصر الضوء على النغمة،
والقصيدة انتصار..
أكتب..
كي تقرأني سنابل القمح
وكي تقرأني الأشجار
أكتب..
كي تفهمني الوردة، والنجمة، والعصفور،
والقطة، والأسماك، والأصداف، والمحار..
أكتب..
حتى أنقذ العالم من أضراس هولاكو.
ومن حكم الميليشيا،
ومن جنون قائد العصابة
أكتب..
حتى أنقذ النساء من أقبية الطغاة
من مدائن الأموات،
من تعدد الزوجات،
من تشابه الأيام،
والصقيع، والرتابة
أكتب..
حتى أنقذ الكتابة من محاكم التفتيش..
من شمشمة الكلاب،
من مشانق الرقابة..
أكتب.. كي أنقذ من أحبها
من مدن اللاشعر، واللاحب، والإحباط، والكابة
أكتب..كي أجعلها رسولة
أكتب..كي أجعلها أيقونة
أكتب..كي أجعلها سحابة
لا شيء يحمينا من الموت،
سوى المرأة..والكتابة...
© 2024 - موقع الشعر