على تِلك الرفوف العتِيقة كِتابٌ مهمَل، بعنوَان : وهَل لنا بعد الأدب العربي بقاء؟
•بقلم : لجين سكاف
لعلَّ طيفًا من الأدب العربي الحالي قد دخل سن اليأس، وداهمت التجاعيد مقلتاه وشابِ دماغه وتلوّن شعرهُ الأشعث بالأبيض، وغدَت عيناهُ المفكّره؛ داميةً من فرط الذكاء، ليُرفض من قبل مجتمعنا.
فلا يستطيع مجتمعنا مواكبه "موضته" بعد الآن، ولم تعد تحوي ثقافتنا اللهفة، ونفذّ الحبرُ من بين أيادي الأديب العربي المُثقف. ولكن هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن تُطرح أولها؛ هل فعلًا توفيّ الكتاب العربي ومتى نحضر موعد جنازته؟ ففي يومنا هذا، لم يعد للأدب العربي العميق الشيّق مكانًا يستحوّذ فيه على رفوف بيوتنا وأركان مكاتبنا، وبحارِ الأبيات الشعرية النثرية، وسرد المقالات العميقة، ونصوص السجع الغزيرة المُعطرّة من قبل السحاب الماطرة.
لكنني أعلم أن كتابنا العربي لا يزال حيّ، ويستشعرُ أنفاسه، ويحاول أن يمحي الثغرات والرواسب المتبقيّة من رحيقِ السأمْ الأزلي، ويحاول نفضَ غبار عدّوه اللَّدود عن كتفيه
"عدّوُ الأدب التفاهة"
لأنها قد باتت تغزو بحارنا شرقًا وغربًا كما سيغزو "يأجوج ومأجوج" العالم في آخر يوم في آخر الزمان.
فهل يمكنك التسائل لمِ يحتاج الكاتب نشر كتاب في وقتنا الحالي؟ هل لنشر أفكاره الشيّقة وإعاده إعمار الأدب بكلماتهِ النثرية الهندسية من جديد؟ أو بناء ثورة أدبية تدعم الكاتب الشاب؟ أو هي محاولة لترك بقعة من ضوء الأمل الأدبي لإقناعنا ان نبض الأدب لا يزال يشهق، وسحق فكرة إسعافُه، وانه لا يزال بخير؟ يؤسفني القول أن فكرة (بعض الكُتّاب) لم تكمن في إنجاز كتاب ومحتوى شيّق ورائع قد يأخذ القارئ إلى مدينة فينيسّا، أو جُزر بالي، أو إطلالات غريس اليونانية من شدة جماله.
بل في وقتنا هذا، قد تكمن فكرته في أن ينشر كتاب لفرض الذات، إرضاء جوع الغرور المشبّع بخبز الشهرة، أو للإنتقام من جميع الكُتّاب والمؤلفين من حوله كأنهُ يحمل لائحة مستطيلة تقول :
"انا الأفضل" عن طريق نشر محتوى بالٍ يحوي صفحات فارغة الترهات بجعبتها نص عبثي ومواضيع ماهرة الإقتباس.
او حتى إنشاء دار نشر لا تدعم كتابنا العربي ولكنها تبيّن لنا ذلك، وذلك من خلال الإستغلال المالي الذي يحصل للكاتب من قبل الدار وراء ستارة الكواليس الحالكة، وجشع عبادة القرش، للضحايا ؛ (المؤلفين)
وهذا ما يُفسِّر فُحشهم وصعوبة التواصل مع أي دار نشر تدعم الكتاب العربي، في زمن طغت فيه المصالح الشخصية.
الرحمة يا شعراء الجاهلية، لربما لم يتفق شعركُم الخام المصنوع من الذهب، مع كتابنا العربي الحالي.. و"ثقافتنا" المصنوعة من الخشب. نحن لا نريد كُتب خالية بل كُتب خيالية وسرد أدبي، يعيد نهضة الأدب كما كان.. لربما كان طلبٌ صعب، كالذي يخاطب النار المشتعلة في أوج حرارتها ويسألها أن تنطفئ.
بالنسبة لي، الكتابة مهنتي، أيّ أنني لا أصلُح لأي شيء إلا لتشغيل مُحركاتها.. أما عن البدء في إستقطاب ذبذبة موجاتها تلقائيًا؛ لُعبتي.
اما عن مفارقتها فهذا يُشبه الكفيف الذي يتخلىّ عن عصاة عكازه التي تُلهمه، او كالقارئ الجيّد الذي يتخلى رفيقة دماغه؛ نظارته.
كِثرة بعض الشخصيات المُتعجرفة التي تصعد على سلّم الأدب حجةً لإرضاء مصالحها الشخصية، و هذه الأمثلة من الكُتّاب والمؤلفين ودوّار النشر تُثير إشمئزازي، وبرأيي الشخصي، يجب ان يتم الختم بالشمع الأحمر على أفكارهم، ونبذُهم وتحويلهم إلى محكمة الأدب الجنائية لأن الغرور ضحية المبالغة،
و "عدّوُ الأدب التفاهة" .
عناوين مشابه
متعلق بي
احدث مقالات الكاتب
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.