للعشاق روايات تروى وقصائد تصدح بالاجواء على مر العصور والازمنة
لتتناقل الالسنة مصير حكايتهم وتحتذي بما قد حصل لهم او لتأسرنا قوقعة حزنهم وتعيشنا اجواء هؤلاء العشاق من خلال قصائدهم التي تمتلئ بالحزن العميق او الفرح المنتشي
لكل شي بداية ونهاية لو عرفنا ماهي بدايتنا ماكنا ابتدينا, لكن بطل هذة القصة لم يملك اي خيار
اترك لكم القصة وانتم الخصم والحكم:
ذكر ابن المرزبان في كتاب "الذهول والنحول" أنه كان عندهم بالطائف جارية متعبدة ذات يسار وورع، وكانت أمها أشد منها ورعاً وتعبداً، وكانت الاثنتان تعكفان بالمنزل لا علاقة لهن بالناس، وكانت لهن بضاعة مع رجل من أهل الطائف، فكان يبيعها إليهن، فما حصل من شيء أتاهن به.
وفي أحد الأيام بعث الرجل أبنه إليهن لقضاء حوائجهما بدلاً منه، وكان الفتى جميلاً مسرفاً على نفسه، فقرع الباب، فقالت أمها من هذا؟ قال أنا فلان أبن فلان، قالت: أدخل، فدخل وأبنتها في البيت، ولم تعلم بدخول الفتى، فلما جلس معها خرجت ابنتها وهي تظن أن الزائر بعض نسائها، حتى جلست بين يديه، فلما نظرت إليه قامت مبادرة فخرجت، ونظر إليها فوقع حبها في قلبه.
خرج الفتى وهو لا يدرى أين يسلك، فأتى أباه فأخبره بما قالت العجوز، ثم جعل ينحل ويذوب جسمه ولزم الوحدة والفكر، وجعل الناس يظنون أن الذي به من عبادة، حتى سقط على فراشه.
احتار الرجل في أمر ولده فدعا له الأطباء والمعالجين، فجعلوا ينظرون إليه، وكلُ منهم يصف له دواء، ويقول به داء لا يقوله لصاحبه، والفتى ساكت لا يتكلم، حتى إذا طالت علته واشتد عليه الأمر دعا أبوه إخوانه الذين كان يألفهم ويأنس بهم، فقال : اخلوا به وسلوه عن علته لعله يخبركم ببعض ما يجده، فأتوه وكلموه وسألوه فقال : والله ما بي علة أعرفها فأبينها لكم، وأخبركم بما أجد منها فأقلوا الكلام.
وكان الفتى فطناً ذا عقل فلما طال به الوجد، دعا امرأة من بعض أهله فخلا بها وقال: إني ملق إليك حديثاً ما ألقيته إليك إلا عند اليأس من نفسي، فإن ضمنت لي كتمانه أخبرتك، وإلا صبرت حتى يحكم الله في أمري، وهذا البلاء الذي في لاشك قاتلي، وانه يجب علي في محبتي أن أكون لمن أحب صائناً وعليه مشفقاً، فقالت له المرأة: قل ما بدا لك، فوالله ما أحب بقاء أحد في الدنيا غيرك، والله لأكتمن أمرك ما بقيت أيام الدنيا.
فذكر لها قصته، فقالت : يا بني، أفلا أخبرتها فوالله ما رأيت كلمة أسكن بمجامع القلوب فلا تفارقه أبداً من كلمة عاشق أخبر من يحبه أنه له وامق، فتلك الكلمة تزرع في قلوب ذوي الألباب شجراً لا تدرك أصوله، فقال: وكيف السبيل إليها، وقد بلغك حالها واجتهادها في العبادة؟ فقالت : علي أتيك بما تسر به.
ثم لبست ثوبها وأتت منزل الجارية، فتحدثت مع أمها ثم خلت بها وذكرت لها الفتى وعلته، وقد كان رفع إلي الجارية خبره، فعلمت أن ذلك من أجلها، فجعلت العجوز تعرض لها بالتزوج، والجارية تعارضها بالخدمة والعبادة والاجتهاد، ثم قالت لها : أوضحي ما عندك فإن يكن لك جواب أجبتك، فذكرت لها قصة الفتى، فقالت قد ظننت ذلك، فأبلغيه السلام وقولي : إني قد وهبت نفسي لله تعالى، وليس إلى الرجوع سبيل، فتوسل إلى مولاك ومولاي يغفر ما قدمت يداك، وذكرت موعظة طويلة.
فلما رجعت إليه العجوز وأخبرته بقولها بكى بكاءاً شديداً، وقال: كيف لي بالبلوغ إلى ما دعت إليه، ومتى يكون أخر المدة التي نلتقي فيها، ثم اخذ وجعه يشتد ولا يقر قراره، إلى أن أجلسوه في بيت وأوثقوه، فاشتد ولعه وزاد ياسة وطار لبه, حتى ان اهله كانوا يوثقونة بالحبال حتى لا يغادر وهو على هذه الحاله وكان المسكين اذا افلت قيودة وتسلل الى الخارج يجتمع حولة صبيان الحي ويسيرون خلفة ويقولون:
مت عشقا"... مت عشقا"
فكان ينشد في لوعة
ويقول:
أأفشي
إليكم
بعض ما كان يهيجني
أم
الصبر
أولى
بالفتى عندما يلقى
أأعد
وعداً
ماله
الدهر أخر
وأومر
بالتقوى،
ومن
لي
بالتقى
سلام
على
من
لا
أسميه
باسمه
ولو صرت مثل الطير في قفص يُلقى
ألا
أيها
الصبيان
لو
ذقتم
الهوى
لأيقنتم
أني
محدثكم
حقاً
أحبكم
من
حبها،
وأراكم
تقولون لي: مت يا شجاع بها عشقاً
فلا
تنصفوني، لا
ولا
هي
أنصفت
فرفقاً
رويداً،
ويحكم
بالفتى
رفقاً
فلما صح ذلك عند أهله وعلموا أنه عاشق، جعلوا يسألونه عن أمره، فكان لا يجيبهم، وكتمت العجوز قصته فأخذوه فحبسوه في بيت، فكان إذا جنه الليل قال:
يا
ليل
أنت
رفيقي
من
بين
أهلي
ومالي
يا
ليل
أنت
أنيسي
من
وحشتي
واحتيالي
يا
ليل
إن
شكاني
إليك
طول
اشتغالي
بمن
برت
جسم
صبّ
فصار
مثل
الخلال
فالجسم
مني
نحيل
لم
يبق
إلا
خيالي
والشوق قد شف جسمي
وليس
لي
خلقٌ
قبالي
ولو
رآني
عذولي
لرق
لي
ورثى
لي
وظل الفتى يردد أشعاره الحزينة حتى مات، لتسطر قصته نهاية أخرى مؤلمة تضاف إلى قصص العشق المأساوية.
انتهــى
692008
إضافة تعليق - (( user.name )) - خروج
ادارة موقع الشعر (( comment.message.user.name )) (( comment.message.user.name ))
(( comment.message.text ))
لا يوجد تعليقات.